السبت، 19 نوفمبر 2022 - 12:19 م

حالة من المعاناة والألم المزمن يعيشها المصابون بمرض إعوجاج العمود الفقري لسنوات طويلة، وللأسف الشديد لا يؤثر المرض على الحركة فقط كما قد يظن البعض، بل يمكن أن يكون له تأثير قوي على بقية أعضاء الجسم وإحداث مضاعفات خطيرة تهدد حياة الإنسان.

إعوجاج العمود الفقري - حسب الدراسات والإحصائيات - يصيب نسبة كبيرة من الأطفال سنويا لأسباب غير معروفة وأحيانا تكون الإصابات بسيطة لكنها تزداد سوءا مع النمو الطبيعي للجسم إن لم يتم التدخل الطبي سريعا.

وظهرت مؤخرًا حالة شديدة الصعوبة لطفلة يمنية تبلغ من العمر 9 سنوات أثارت جدلا واسعا على صفحات التواصل الاجتماعي، كانت تعاني إعوجاجا نادرا في العمود الفقري، أفقدها القدرة على التنفس بنسبة كبيرة، حتى أن المؤشرات الحيوية التي سبقت إجراء العملية، أشارت إلى أن وظائف التنفس لديها وصلت إلى 37%، واستطاع طبيب مصري أن يصلح لها الاعوجاج من خلال عملية جراحية بالغة الخطورة.

تواصلت آخرساعة مع الطبيب للتعرف على كل ما يتعلق بهذا المرض وكيفية إنقاذ حياة الأطفال بالتدخل الجراحي، فضلا عن التحدث مع أحد الأطباء الآخرين المتخصصين في علاج الانحناء الأبسط بدون عمليات جراحية. 

يقول الدكتور هاني عبدالجواد سليمان، أستاذ مساعد جراحة العظام بجامعة الأزهر: إنه للأسف يوجد حالات شديدة الصعوبة لأطفال تعاني بنسبة كبيرة تشوهات العمود الفقري في مصر، وذلك نتيجة لعدم وجود التوعية الصحيحة بهذا المرض وبطرق الاكتشاف المبكر له، بالتالى يحدث تأخر للحالات حتى تصل لمراحل خطيرة تتطلب التدخل الجراحى الدقيق، وتكمن المشكلة أيضا فى أن الاعوجاج فى بدايته غير مؤلم، ولا يمكن للطفل أن يشكو من آلام تستدعى زيارته للطبيب.

لذا من الضروري أن يكون لدى الأهل الوعي بضرورة الكشف المبكر على الطفل وملاحظة أي علامات أولية تنذر بوجود إعوجاج العمود الفقري في مراحله الأولى، عبر إجراء ما يعرف بـبرنامج المسحب، وتتمثل هذه العلامات في بروز أحد جانبي الخصر عن الآخر، أو ارتفاع مستوى كتف عن الأخرى، وغالبا تكون الكتف اليمنى أعلى من اليسرى، ويمكن النظر لعظمة لوح الكتف وملاحظة ما إذا كانت إحداها بارزة عن الأخرى، وفي حالة الشك بوجود أي من العلامات السابقة، يمكن الطلب من الطفل الانحناء للأمام وإذا وجُد ارتفاع في جزء من المنطقة الصدرية عن الآخر، فهذا يعنى أن هناك بروزا في الضلوع وإعوجاجا في العمود الفقري، ويظهر ذلك في المنطقة القطنية أيضا، وهنا لابُد من التوجه مباشرة لطبيب متخصص في العمود الفقري لعمل اللازم سريعا، لأنه في حالة التأخُر وظهور الإعوجاج بشكل واضح يعني ذلك وصول الحالة لمرحلة خطيرة قد يصعب علاجها.

ويشير الدكتور هاني إلى أن نسبة إصابة الأطفال فى مصر والعالم بإعوجاج العمود الفقري التلقائي تتراوح من 2- 4%، ولكن إهمال الاكتشاف وغياب التوعية يزيد عدد الحالات الخطيرة، لافتا إلى أن هناك عدة أسباب شائعة تتسبب فى إصابة الأطفال بالاعوجاج التلقائي والذي يمثل نسبة كبيرة من المرضى، وقد يصيب الطفل في أي من مراحل النمو، وغالبا يصيب 90% من الأطفال بعد عمر 10 سنوات، وفي حالات قليلة قد يحدث قبل ذلك العمر، والعامل الوراثي من أشهر أسباب الاعوجاج التلقائي.

أما الأنواع الأخرى من الاعوجاج فتتمثل فى التشوهات الخلقية، وقد تحدث للجنين في أول 3 أشهر من الحمل، بسبب حدوث تشوه فى إحدى فقرات الظهر التى تسبب الاعوجاج فيما بعد، كما يمكن أن يحدث أيضا نتيجة الإصابة بأمراض في العضلات أو الأعصاب أو كجزء من إحدى المتلازمات المرضية الأخرى.

ولأن أنواع الاعوجاج متعددة، فإن العلاجات أيضا متعددة وتعتمد على سن المريض ودرجة الاعوجاج، والقاعدة العامة أن الاعوجاج الخلقي يمكن علاجه مبكرا إذا كان محدودا ومقتصرا على تشوه فقرة واحدة فقط ويمكن التدخل الجراحى السريع فى هذه الحالة حتى إن كان الطفل عمره عاما واحدا، أما التلقائى فيكون حسب درجته والحالة الصحية للمريض، فإذا كان النوع الشائع الحدوث بعد 10 سنوات، فيتم تحديد العلاج حسب درجة الاعوجاج، فإن كانت الدرجة تتراوح بين صفر و25 درجة فيتم متابعة المريض باستمرار والنظر لمدى زيادة نسبة الاعوجاج من عدمه، وفى حالة تراوحها بين 25 و40 يكون العلاج عن طريق ارتداء المريض حزاما لمنع تدهور الاعوجاج، وإذا تعدت درجته الـ40 يتم اللجوء للإصلاح الجراحى، وتختلف مدة العملية حسب نوعها ومدى صعوبة الحالة لكنها غالبا تكون بين 2 و8 ساعات، وفى الحالات الطبيعية قد تصل إلى 3 و4 ساعات. 

من جانبها، توضح الدكتورة مريم أبو زينة، أخصائى العلاج الطبيعى والمعالج المعتمد لعلاج انحناء العمود الفقرى من ألمانيا والعلاج اليدوى من إنجلترا، أن هناك ثلاث مشكلات تعد الأكثر شيوعا وارتباطا بتغيُّر مسار العمود الفقرى عند الأطفال والكبار، وهى انحناء أعلى الظهر، والانحناء للأمام أو التجويف عند فقرات القطنية أسفل العمود الفقرى، أما النوع الثالث وهو الأكثر صعوبة فيكون فى أحد الاتجاهين يمينا أو يسارا أو فى كليهما، ويعرف بـاالجنفب.

ويتــــم الاعتمـــاد فى البرنامـــج العــلاجـــى للانحناء بدون جراحة على 3 أهداف أساسية هي تحسين فقرات العمود الفقري، ثم تحسين الحالة العضلية التي تؤثر بشكل مباشر في العمود الفقري، وأخيرا تقليل الألم الناتج عن هذا الانحناء، حيث يتم استخدام الطريقة المعتمدة رسميا للعلاج الطبيعي للعمود الفقري وهي تقنية مطوّرة تعتمد على التعامل مع المريض في أوضاع محددة تساعد المخ على الوعي بحالة الجسم ومشكلاته ليساعد على إرسال إشارات للعمود الفقرى ليتخذ وضع الحالة الطبيعية له، ويتم الاعتماد أيضا على تقوية العضلات الضعيفة للمساعدة على تعديل العمود الفقري.

اقرأ أيضأ : حوار| أستاذ جراحة عظام: اعوجاج العمود الفقري «مرض» وليس نتيجة للعادات الخاطئة