الضحية
الضحية


دماء وخرافات وآثار.. 70 كاميرا رصدت جريمة مقتل شاب رميًا بالرصاص

أخبار الحوادث

السبت، 19 نوفمبر 2022 - 12:20 م

كتبت: حبيبة جمال

  من وقت لآخر نقرأ عن واقعة تنقيب عن الآثار، خاصة في الأماكن المعروفة بأنها أثرية، لكل خبر حكاية ولكل واقعة قصة ربما لا نصدق معظمها لأنها دموية، وحدوثها معناه أن هناك الكثير مما هم مهوسون بالثراء عن طريق الآثار، وغالبيتهم مستعدون لارتكاب أبشع الجرائم وسفك دماء ضحايا لا ذنب لهم وتقديمهم قربانا لحارس المقبرة، اعتقادًا منهم أنهم بذلك سيحصلون على القطع الأثرية، لكن الحقيقة هذا وهم وسرعان ما يتحول حلمهم لكابوس حين يصبحون قتلة وينتظرهم مصير مجهول في النهاية، قد يقودهم لحبل عشماوي؛ خلال الساعات القليلة الماضية، كشفت الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية ملابسات واقعة العثور على جثة أحد الأشخاص بسوهاج وضبط مرتكبي الواقعة

كان مركز شرطة سوهاج تلقى بلاغا من أحد الأشخاص بالعثور على جثة نجله بمدق جبلي بدائرة المركز عقب تغيبه من المنزل، تم تشكيل فريق بحث بالتنسيق مع قطاع الأمن العام، توصلت جهوده إلى أن وراء ارتكاب الواقعة أحد الأشخاص واختبائه بمحافظة الإسكندرية، وعقب تقنين الإجراءات وبالتنسيق مع مديرية أمن الإسكندرية تم القبض عليه واعترف بارتكابه الواقعة وأرشد عن شريكه الثاني، وكان السبب هو اللهاث وراء المال والانصياع لكلام الدجالين... ولكن من هذا الشخص ولماذا اختاروه وكيف وقع المتهمون في شر أعمالهم.. جميعها أسئلة تدور حولها ما تبقى من سطور.

في مقتبل العمر

إبراهيم عبد النعيم، شاب لم يكمل عامه العشرين، هو أصغر أشقائه، يعيش مع أسرته المكونة من أب وأم وثلاثة أبناء في بيت ريفي في قرية أولاد غريب، التابعة لمحافظة سوهاج، تحمل إبراهيم المسئولية منذ الصغر، فخرج لسوق العمل وخلع ثوب الرفاهية وارتدى عباءة الشقاء، ترك بلدته وأهله وذهب للعمل في أحد مصانع محافظة الدقهلية، كان إبراهيم محبوبا من الجميع، يشهد كل من تعامل معه بأخلاقه، ولم يكن له أي عدوات مع أحد، شاب يبدأ عمره وينسج أحلامه، ولكن نهايته كانت مأساوية ولم تخطر ببال أحد.

منذ ثلاثة أسابيع، عاد إبراهيم لقريته لكي يحضر فرح شقيقه، فرحة كبيرة كانت تسيطر على العائلة والقرية بأكملها، ثلاثة أيام ولا أحد ينام فالكل يأتي للمباركة

                                                                                                                                                                                                                          المتهمان

ومشاركة فرحتهم، حفل زفاف حضره الاهل والاصدقاء، وبعدما انتهى الفرح، وفي الوقت الذي كان إبراهيم ينوي السفر للدقهلية مرة أخرى، جاءه اتصال من أحد الأشخاص يطلب منه أن يذهب معه للحفر في إحدى المناطق الجبلية، فرح إبراهيم كثيرا بالرزق الذي سيحصل عليه، ووافق واتفق مع هذا الشخص على الموعد، ولم يكن هذا المسكين يدري أنها النهاية.

دقائق وحضر هذا الشخص الغريب بالنسبة للجميع اصطحب إبراهيم على دراجته النارية، وقطع مسافة تبعدعن منزل إبراهيم بأربع قرى حتى وصل لمنطقة جبلية، وكان في انتظارهما شخص ثان، وبمجرد أن نزل إبراهيم تلقى رصاصة في صدره أسقطته غارقًا في دمائه دون ذنب؛ فالشخص الذي استدرجه كان يحلم بالثراء الفاحش وسار يلهث وراء وهم التنقيب عن الآثار وشارك حلمه مع صديق له، وبدأ الاثنان يحفران في منطقة جبلية، ولكن تبقت خطوة واحدة للاقتراب من حلمهما وهي قتل شخص أمام المقبرة حتى تفتح لهما ويحصلان على الآثار هكذا كان الوهم والأكذوبة، فوقع اختيارهما على إبراهيم رغم أنه ليس هناك أي سابق معرفة بينهم وليست هناك أي عداوات، وبمجرد أن وصل إبراهيم إلى مسرح الجريمة قتلوه رميًا بالرصاص.. بينما وقف المتهمان ينتظران فتح باب المقبرة، كل منهما شارد في أحلامه الوردية، بأنه حصل على الكنز وباعه وأصبح ثريًا، ساعات على هذا الحال، حتى استيقظ كل منهما من شروده على كابوس مفزع وهو أنه لم يتغير شيء، سوى أن هناك جثة، ليدركا هنا أنهما أصبحا قتلة، وقرر كل منهما الهروب.

البحث عن الغائب

على الجانب الآخر، مر وقت عصيب على أسرة إبراهيم بعدما تأخر كثيرا عن العودة للبيت، وهاتفه مغلق، خرجوا يبحثون عنه في كل مكان، ولكن بلا فائدة، طرقوا أبواب الأهل والأصدقاء حتى المستشفيات وأقسام الشرطة، رسم الحزن خيوطه داخل المنزل، وصل القلق أقصى درجاته حتى أدركوا أن مكروها أصابه، فلم يكن أمامهم سوى تحرير محضر بالاختفاء، لتبدأ عملية البحث عن إبراهيم.

نفس مشهد زفاف شقيقه الذي حضره العديد من أهل القرية، تكرر مرة أخرى، ولكن تلك المرة تبدلت فرحة القلوب إلى حزن وقلق، ودموع الفرحة إلى دموع الألم والحسرة، الكل يشارك الأسرة في حزنها وقلقها، بدأوا يبحثون عن إبراهيم، وبعد ٤ أيام من البحث والرعب كانت الصدمة وهي عثورهم عليه مقتولا في منطقة جبلية وبالقرب منه حفرة عميقة؛ أبلغوا رجال المباحث وتشكل فريق بحث، لكشف لغز الجريمة، وانقسم رجال المباحث فريق مهمته جمع المعلومات وعمل التحريات عن الواقعة، وفريق آخر كانت مهمته تفريغ كاميرات المراقبة،الغريب أنه وسط كل هذا سرت شائعة بين الأهالي تزعم أن الأب وأشقاءه قتلوه لخلافات بينهم، لكن سرعان ما نجح رجال المباحث في كشف اللغز؛ حين رصدت كاميرات المراقبة آخر ظهور لإبراهيم وهو يركب دراجة نارية مع أحد الأشخاص، بتتبع باقي الكاميرات والتي وصل عددهم لـ٧٠ كاميرا، نجح رجال المباحث في تحديد هوية الشخص، وبإجراء التحريات وجمع الأدلة وتتبع الهاتف، عثروا على المتهم في محافظة الإسكندرية، ونجحوا في القبض عليه واعترف بجريمته وأرشد عن صديقه الثاني، وأمام النيابة وقف الاثنان يعترفان بجريمتهما، وأنهما كانا يحلمان بالثراء الفاحش، فذهبا يلهثان وراء وهم التنقيب عن الآثار، ووقع اختيارهما على منطقة جبلية وهناك راحا ينقبان عن الآثار، واعتقدا أن المقبرة لن تفتح إلا بالدم، فوقع اختيارهما على الضحية وطلبا منه أن يأتي معهما لمساعدتهما في الحفر، وهناك قتلاه رميا بالرصاص، وكانت النهاية أنهما قتلا شابا لا حول له ولا قوة، وتركوا أسرته في عذاب وألم.

أقرأ أيضأ : وقف نائب رئيس مجلس مدينة أبوتشت وموظفين عن العمل بسبب التنقيب عن الآثار


الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة