تمثالى ممنون
تمثالى ممنون


دمرت معابد وأطاحت بأهرامات..

خبير يرصد تأثير الزلازل على آثار مصر عبر العصور 

محمد طاهر

الثلاثاء، 22 نوفمبر 2022 - 04:40 م

رصد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان، عضو المجلس الأعلى للثقافة، لجنة التاريخ والآثار تأثير الزلازل على الآثار فى مصر عبر العصور وحتى الآن، مشيرا إلى أن أشهرها تدمير معبد أمنحتب الثالث الأسرة 18 في الضفة الغربية لنهر النيل بعد وقت قصير من بنائه بواسطة زلزال عام 1200 قبل الميلاد ولم يتبق سوى التمثالين العملاقين عند المدخل وهما تمثالي "ممنون" ثم دمرا بشكل أكبر بسبب الزلزال الذي وقع عام 27 قبل الميلاد.

والتمثالان التوأم يمثلا أمنحتب الثالث في وضعية الجلوس صنعتا من كتل من الحجر الرملي المرصع بالكريستاليت والتي تم استخراجها من الجبل الأحمر وتم نقلهما على بعد 675 كم من البر إلى الأقصر بعد زلزال 27 قبل الميلاد وأعاد المهندسون الرومانيون بناء التمثال الشمالي بعد انهياره فى الزلزال من الخصر لأعلى وتكسير النصف السفلي. 

وتمت إضافة خمس كتل من الحجر الرملي إلى الكتلة اللاحقة لاستعادتها يصل التمثال إلى ارتفاع 18م ويبلغ وزنه 720 طن لكل منهما ولا يزال التمثال الجنوبي يضم قطعة واحدة من الحجر.

وبعد أن تعرّض التمثال الشمالي للزلزال أخذ يصدر أصواتًا غريبة في الصباح غير أنّه بعد عمليّات الترميم التي أجريت على التمثال في الفترة الممتدة بين 193 - 212 بعد الميلاد توقفت الأصوات الصادرة من التمثال بشكل نهائي.

وسجل المؤرخون ومنهم "استرابون" تأثير زلزال عام 27 قبل الميلاد على الآثار المصرية القديمة وتدميره للعديد من المعابد، وهناك عدد من الزلازل حدثت في منطقة دهشور أدت إلي تهشم الأهرامات الصغيرة 

ومن خلال قراءة فى كتاب "ايمانويلا" يشير الدكتور ريحان إلى تعرض مصر لتسونامى بدءًا من القرن الـ11 وحتى القرن الـ 15م، حيث تعرضت الاسكندرية للتسونامي عام 1303م ووفقًا لشهادة أحد الأهالي الذي تواجد فى مخطوطة بالكتاب فقد وصف أن البحر انفلق نصفين وشاهد قاع البحر وقد أثّر على آثارها بالطبع وحدوث التسونامى يلزمه حدوث زلازل كبيرة والتسونامى هى موجات مد بحرى تدميرية وهى كلمة يابانية الأصل لأن اليابان أكثر الدول التى تتعرض للتسونامى. 

كما تعرّض دير سانت كاترين بسيناء لزلزال عام 1312م مما أدى لسقوط جدرانه الشرقية والغربية وبقى الركن الجنوبى الغربى سليمًا عبر قرون وتم ترميم الجزء الشمالى الشرقى بعد الزلزال وفى عام 1798م تهدم جزء آخر من البرج نتيجة سيول شديدة وقام كليبر الذى أرسله نابليون عام 1801م بترميم البرج وفى هذا الترميم تم كساء البرج من الخارج بكسوة خارجية غيرت من شكل البرج الذى كان فى الأصل برجًا مربعًا. مرة أخرى ودعّم القائد الفرنسى كليبر الدير بأبراج عام 1801م.

ويشير الدكتور ريحان لأقوى الزلازل التي تعرضت لها مصر حديثًا وهو زلزال 12 أكتوبر 1992 الساعة الثالثة و9 دقائق عصرًا وكان مركزه السطحي بالقرب من دهشور على بعد 35 كم جنوب غرب القاهرة، واستمر لمدة نصف دقيقة بلغت قوته 5.8 درجة على مقياس ريختر ولكنه كان مدمرًا بشكل غير عادي بالنسبة لحجمه، وتسبب في وفاة 545 شخصًا وإصابة 6512 آخرين لحجم الذعر الناجم عن الزلزال في القاهرة نفسها وشرد نحو 50000 شخص إذ أصبحوا بلا مأوى، كما شهدت مصر عدة توابع لهذا الزلزال استمرت على مدار الأربعة أيام التالية وكان هذا الحدث هو الأكثر تدميرًا من حيث الزلازل التي أثرت في القاهرة منذ عام 1847.

ونوه الدكتور ريحان إلى الآثار الأكثر تضررًا من هذا الزلزال كانت القاهرة التاريخية المسجلة كتراث عالمي منذ عام 1979، والتي تقع في ثلاث نطاقات هي منطقة القلعة وابن طولون، الجمالية والمنطقة من باب الفتوح إلى جامع الحسين، ومنطقة الفسطاط والمقابر والمنطقة القبطية والمعبد اليهودى.

ولفت إلى تضرر 210 أثر من أصل 560 أثر وسقطت كتلة كبيرة من الهرم الأكبر في الجيزة، وبدأت الدولة مشروع ترميم هذه الآثار منذ عام 1998 والذى تم على أربعة مراحل، وتم ترميم العديد من الآثار المتضررة ومنها منطقة النحاسين وتتضمن مدرسة السلطان برقوق ومدرسة الناصر محمد وقاعة محيي الدين أبو الصفا وحمام السلطان إينال، كذلك متحف النسيج الإسلامي ومنها ترميم 20 مسجدًا أثريًا، مثل مسجد السلحدار ومدرسة ومسجد برقوق والناصر برسباي والقاضي يحيى زين الدين وأم الغلام بتكلفة 200 مليون جنيه، وتم ترميم 33 أثرًا بشارع المعز لدين الله الفاطمي الشارع الأثري الوحيد في العالم الذي يضم أقدم وأجمل آثار إسلامية على جانبيه ويبدأ من باب زويلة حتى باب الفتوح بطول 1200 متر، وهو شارع يمثل قلب مدينة القاهرة القديمة، ويضم شارع الخيامية والمغربلين وباب النصر.

ويمتد إلى شارع الجمالية من ناحية الشرق ويتقاطع عرضيًا مع شارع جوهر القائد وشارع الأزهر، إضافة إلى ترميم الأسبلة بشارع المعز لدين الله لكي تساهم في الارتقاء الاجتماعي بسكان الشارع، مثل أسبلة محمد على بالنحاسين وسبيل السلحدار وسبيل عبدالرحمن كتخدا وسبيل المظهر وسبيل حسين الشعيبي وسبيل نفيسة البيضاء وتقرر تحويل سبيل محمد على بالنحاسين إلى متحف للنسيج الإسلامي مع مراعاة عدم إدخال أية تعديلات على ملامح المبنى من الداخل أو الخارج أو بنقوشه وزخارفه.

اقرأ أيضاوزيرة الثقافة: نظمنا مسابقات وندوات للأطفال للتوعية بالتغيرات المناخية| فيديو

وأوضح الدكتور ريحان أن الدولة قامت بتطوير منطقة الدرب الأحمر بعد زلزال عام 1992، وقامت منظمة الأغاخان بدراسة 625 قطعة أرض ومبنى للوقوف على الإصلاحات المطلوبة وتم إعلان حي الدرب الأحمر حي ترميم خاضع لأحكام تخطيطية خاصة وتقديم حوافز للسكان ورفع كفاءة الساحات العامة والبنية الأساسية وحشد الجهود لتحسينات المنازل وتم ذلك بمساعدة المساهمين وخلق فرص عمل وتسهيلات وتدريب في الحى وتدريب أصحاب الورش.

وفي خلال الثمانية سنوات الماضية من حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي تمت مشاريع ترميم وتطوير كبرى بالقاهرة التاريخية شمل مشروع لتخفيض منسوب المياه الجوفية بالفسطاط وتطوير المساكن المطلة على متحف الحضارة ومسح شامل للمنطقة الداخلية للفسطاط وافتتاح مشروع تطوير الجمالية بتكلفة 50 مليون جنيه وهي منطقة الأديب نجيب محفوظ الحاصل على جائزة نوبل في الأدب، ويجرى حاليًا خطة لتطوير سور مجرى العيون تشمل مسار حدائق من ميدان أبو الريش وحتى سور مجرى العيون، إضافة إلى إنشاء حديقة سور مجرى العيون الحضرية بشكل عالمي وتوفير موقع للصناعات الحرفية وتوفير خدمات مختلفة للزوار وإنشاء منطقة خضراء يتخللها مسار مشاة رئيسي يتجه من الشمال إلى الجنوب وتطوير المباني حولها وعمل واجهات بلون واحد لها، وخلق منطقة تجارية وعامة وتحسين البيئة العامة والصحية لسكان المنطقة وتطوير شبكة البنية الأساسية وتأسيس مجتمع عمراني بأنشطة غير ملوثة للبيئة سيجعل من المنطقة مزار عالمي بمقاييس اليونسكو.

ورصد الدكتور ريحان الافتتاحات للعديد من مشاريع ترميم وتطوير للآثار الإسلامية، ومنها افتتاح مشروع ترميم مسجد وقبة ضريح الإمام الشافعي بالتعاون مع وزارة الأوقاف والسفارة الأمريكية وترميم قبة قانصوة أبو سعيد بالتعاون مع وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية وافتتاح وكالة الجداوي الأثرية بالأقصر بعد الانتهاء من ترميمها بتمويل من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وافتتاح مجموعة من الآثار الإسلامية هي «سبيل الأمير شيخو، ضريح الشرفا، سبيل رقية دودو، سبيل مصطفى سنان، واجهة حمام بشتاك، سبيل حسن أغا كوكليان وأعطت زيارة رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى لأهم وأشهر متحف مفتوح للآثار الإسلامية في العالم وهو شارع المعز لدين الله في مارس 2021 دفعة قوية لمشروع قومى كبير لتطوير القاهرة التاريخية.

ومن جهته أكد الباحث الأثري والمتخصص في علم المصريات د. أحمد عامر أن أسوأ زلزال مر علي مصر بشكل كبير هو زلزال عام 1992م، حيث شهدت القاهرة زلزالًا عنيفًا، فقد كان مدمرًا بشكل غير عادي بالنسبة إلى حجمه، وكان هذا الحدث هو الأكثر تدميرًا من حيث الزلازل التي أثرت في القاهرة منذ عام 1847م.

وأشار "عامر" إلى أن الآثار كان لها نصيب كبير من هذا التدمير، وبالأخص مباني القاهرة التاريخية المسجلة تراثًا عالميًّا منذ عام 1979م، والتي تقع في ثلاثة نطاقات هي منطقة القلعة وابن طولون والجمالية، والمنطقة من باب الفتوح إلى جامع الحسين، ومنطقة الفسطاط والمقابر والمنطقة القبطية والمعبد اليهودي، والتي تم تسجيلها ك تراثًا عالميًّا باعتبارها من روائع العمارة الإسلامية، وهي نموذج لمدينة سكنية متكاملة بكل وظائفها مثَّلت تفاعل المسلم مع بيئته فأنتجت تراثًا متميزًا يعبر عن طبقات زمنية متلاحقة في تناغم شديد، كما اقترنت القاهرة بأحداث عدة وفترات حكم مختلفة كونت تراثها المعماري، وما زالت حتى الآن؛ حيث إنها من أقدم مدن التراث الحي المستعمل نسبيًّا حتى الآن.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة