جلال عارف
جلال عارف


جلال عارف يكتب: حرية السوق لا تعني فوضى الأسعار!

جلال عارف

الجمعة، 25 نوفمبر 2022 - 05:39 م

 

الحقيقة الأساسية التى ينبغى أن نتوافق عليها جميعا هى أننا- كما العالم كله- نمر بظروف استثنائية فى ظل ركود اقتصادى عالمى وارتفاع غير مسبوق فى الأسعار ونقص فى سلع أساسية تعانى منه كل الدول.

الجهد الذى نبذله فى مصر لتوفير السلع الضرورية جهد كبير خاصة مع ندرة العملة الأجنبية ونقص المعروض فى الأسواق العالمية. توفير السلع الضرورية حتى مع الارتفاع «المقبول» فى الاسعار أمر يستحق دعم الجميع، ولابد فيه  من استخدام كل الوسائل القانونية لمواجهة التلاعب فى الأسواق وحجب سلع ضرورية والمضاربة فيها «كما حدث فى الأرز»، ثم مواجهة محاولات رفع الأسعار بلا مبرر بصورة مبالغ فيها سواء من تجار صغار أو من ممارسات احتكارية لشركات كبيرة!!

أثق فى أن الاجراءات الحكومية لمواجهة الأزمة المفتعلة فى الأرز سوف تنهى الأزمة خلال أيام، وسوف تعطى درسا لكل المضاربين والمتلاعبين بالسوق بأن القانون قادر على الردع، وأن تأمين الغذاء والدواء والسلع الأساسية خط أحمر. وأن دعم الدولة للمنتج الصناعى والزراعى لابد أن يقابله التزام بعدم استغلال المستهلك، وأن حرية السوق لا تعنى الفوضى فى الأسعار ولا افتعال الأزمات أو قبول الممارسات الاحتكارية على الإطلاق.. فالدولة لديها وسائلها لمواجهة كل ذلك، ولضبط الأسواق وتحقيق التوازن المطلوب فى المصالح بين المنتج والمستهلك فى كل الظروف.
فى أعتى الدول الرأسمالية كان التدخل ضروريا لضبط السوق والتخفيف من آثار الأزمة الاقتصادية العالمية على المواطنين. فى أوروبا رأينا دولا كبرى تتولى إدارة شركات الكهرباء والغاز الخاصة مؤقتا لضبط الأسعار وعدم استغلال المستهلك. ورأينا دولا مثل بريطانيا تفرض ضرائب استثنائية على شركات البترول الكبري. وفى أمريكا رأينا الرئيس بايدن يهدد أكثر من مرة شركات البترول إذا لم تخفض السعر الذى يشكو منه المستهلكون من أصحاب السيارات. أدوات الدولة لضبط السوق ومنع الاستغلال كثيرة ولابد من استخدامها فى الظروف الاستثنائية كتلك التى يواجهها العالم كله الآن. وهو ما فعلناه أيضا بقرارات مثل اعتبار الأرز سلعة استراتيجية وما ترتب عليه من تشديد العقوبة للمخالفين والمضاربين. وهو ما نرجو أن يكون درسا يذكر الجميع بأن الدولة حاضرة، والقانون يحمى حقوق الجميع.

وبالمناسبة.. فإن الجهد الكبير الذى تبذله أجهزة الدولة لتوفير رغيف الخبز المدعم وعدم المساس بسعره، ينبغى أن يكتمل ببعض الاهتمام برغيف الخبز غير المدعم «أو السياحى»، الذى يتحكم أصحاب المخابز الخاصة فى سعره ووزنه الذى يزداد شحوبا كل يوم. هذاالرغيف يستهلكه لملايين من محدودى الدخل ومن الفقراء الذين لا يمتلكون بطاقات تموينية والعبء أصبح كبيرا!!
وأيضا.. لابد من حل سريع لمشكلة الأعلاف «التى أهملناها للأسف سنوات طويلة»، وذلك للعودة لأسعار معقولة للبيض والدواجن، وللألبان والجبن التى أصبحت أسعارها فوق الطاقة فى وقت نحتاج فيه لتأمين أطفالنا بكوب لبن وبيض البروتين الضرورى فى ظل ارتفاع أسعار اللحوم.

الأمثلة كثيرة للتدخل المطلوب لتحقيق الانضباط فى الأسواق. ما نحتاجه بشدة أن يتحمل الجميع مسئولياتهم، وأن تكون الرقابة حاضرة وأن يكون القانون الرادع مانعا للتلاعب فى الأسواق والممارسات الاحتكارية ورفع الأسعار بلا مبرر والغرف التجارية عليها دور كبير فى ضبط السوق لو أوصلت الرسالة لكل تاجر بأن حرية السوق لا تعنى مطلقا فوضى الأسعار!!

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة