د. حسن أبوطالب
د. حسن أبوطالب


د. حسن أبوطالب يكتب: زمن «الكوفية».. في المواقف الدولية

بوابة أخبار اليوم

الأحد، 27 نوفمبر 2022 - 07:31 م

لقد عشنا زمانًا ليس بالقصير نستشعر فيه مصداقية المقولة الشهيرة «صورة خيرٌ من ألف كلمة» حتى ذاع صيت شبكات التواصل الاجتماعي في عصرنا هذا، وأضحت الصورة أساسًا لا غنى عنه في مصداقية التعبير ؛ سواء كانت تلك الصورة فوتغرافية، أو حتى مقطع فيديو. ولا عجب في أن الصورة أصبحت بديلًا مقبولًا لدى العامة عن الكلمات وما تحويه من معانٍ ودلالات. وقد لاحظنا جميعًا أن هذا التأثير قد انتقل بخطوات ثابتة إلى المؤسسات الرسمية؛ فلم تعد البيانات التي تصدر عن الجهات والهيئات الرسمية لها تأثير من دون عدة صور تؤكد فحوى الكلمات المصاحبة.

والآن.. تطور الأمر، وأصبحنا نعيش في الوقت  الذي ربما كانت مقولة « صورة تُغني عن الكلام» هي شعار المرحلة؛ فأصبحت المؤسسات والهيئات الرسمية على المستوى الدولى تعتمد الصورة وسيلة أصيلة في التعبير عن السياسات والمواقف الدولية بين الدول وبعضها، بل وربما كانت الوسيلة الأكثر تأثيرًا، والأكثر قبولًا لدى مختلف الشعوب لما تتضمنه من بساطة  في التعبير يسهل معها فهم عميق للرسالة والمعنى. 

ولربما كان خير دليل على ما نقول هو تأثير صورتين انتشرتا انتشارًا واسعًا خلال الأيام الماضية، وكانتا بثقل «إعلانات سياسية» من العيار الثقيل. والطريف في الأمر هو استخدام «الكوفية» كقاسم مشترك في الصورتين.  ففي الصورة الأولى.. ارتدى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وشاحًا عليه علم قطر خلال حضوره مباراة قطر والإكوادور في افتتاح منافسات كأس العالم مساء الأحد الماضي، بينما في الصورة الثانية، بعد يومين فقط، ظهر أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وهو يرفع علم السعودية ويلوّح به قبل أن يتشح به وسط المشجعين، في مدرجات الملعب الذي احتضن مباراة السعودية والأرجنتين؛ مما أثار تفاعلا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي.

صورة واحدة لكل زعيم، اختصرت الكثير من الفاعليات الدبلوماسية التقليدية، كان لها الأثر الأكبر والمصداقية الكاشفة  لدى شعبي البلدين، بل لا أبالغ حين أقول ولدى شعوب المنطقة جميعًا. صورة أنهت حالة من الجدل حول عودة العلاقات بين الدولتين إلى سابق عهدها؛ عبّر  خلالها الأميران - في مشهدين منفصلين - عن الاعتزاز  والدعم للدولة الشقيقة ليس بالكلمات الرنانة ولا بالوعود الجازمة ولا حتى بالاجتماعات والزيارات المتبادلة، ولكن فقط من  خلال الاتشاح بعلم الدولة الشقيقة بتلقائية وسلاسة غير متكلفة خلال مناسبة رياضية، فوصلت الرسالة للجماهير بكل سهولة. 

هكذا تتطور لغة التعبير عن المواقف الدولية؛ فبعد أن دخلنا – منذ أعوام بسيطة - عصرًا  أُطلق عليه «دبلوماسية تويتر » كان زعماء العالم يعبرون فيه عن مواقفهم الرسمية بشكل غير تقليدي من خلال كلمات معدودات في تويتة بسيطة، ها نحن ندخل مرحلة جديدة تحت شعار « الدبلوماسية المصورة» والتي تكون فيها الإماءات البسيطة عبر صور تلقائية خير تعبير عن السياسات والمواقف الرسمية. 

يا ليت المسئولين التنفيذيين من بني وطني يلتقطون هذا الخيط، ويلتفتون إلى أهمية تفعيل الطرائق الجديدة للتعبير عن السياسات والتأثير في الجماهير بعيدًا عما اعتادنا عليه من أساليب تقليدية فقدت جلّ تأثيرها لدى العامة. فبصورة بسيطة – تحمل معانٍ كثيرة -  يمكن للمسئولين داخل مختلف المحافظات والوزارات التعبير عن مصداقية سياسات ومواقف تخترق وجدان المواطنين البسطاء قبل عقولهم.
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة