كرم جبر
كرم جبر


كرم جبر يكتب: الهروب من زحمة الحياة !

كرم جبر

الإثنين، 28 نوفمبر 2022 - 05:13 م

من مأثورات مولانا جلال الدين الرومى :« الوداع لا يقع إلا لمن يعشق بعينيه أما ذاك الذى يحب بروحه وقلبه فلا ثمة انفصال أبدا.. صُمتُ عن الكلام لكن روحى فى داخلى غدت ناياً يشدو.. ما ضرك لو أطفأ هذا العالم أضواءه كلها فى وجهك مادام النور فى قلبك متوهجاً.. نَحنُ مِن طِين، يوجعنا الأذى، يَجرحنا صَغير الشَوك، يجبرنا لُطفُ الله.. مَن يدخل الطَريِق بِلا مُرشد سَيستغرق مِائة عَام فى رِحلة لا تَحتاج سوى يومين ».

وأيضا :«ولتعَلمْ إنَ مَا أنتَ سَاعِ إليِه هو سَاع إليِك.. أيها الحبيب.. نحن أسرى فى قيد محبتك.. عندما يتراكم عليك كل شىء وتصل إلى نُقطة لا تتحمل بعدها أى شىء، احذر أن تستسلم. ففى هذه النُقطة سيتم تغيير قدرك إلى الأبد.. ما تبحث عنه يبحث عنك».

الرومى هو مؤسس مدرسة العشق الإلهى وفارسها الأول، ويجذب كثيراً من الاهتمام منذ بدء حياته حتى يومنا الحاضر،ليس بسبب الفكرة التى يطرحها، بقدر ما هى كيفية صياغتها والتعبير عنها .

ولد الرومى فى أفغانستان عام 1207 وتوفى عن 66 عاما ، وانتقل مع أبيه إلى بغداد فى الرابعة من عمره ، وتنقل فى بلدان كثيرة ثم استقر فى قونية بتركيا .
يقول المؤرخون : ولدت الموسيقى من الألم والرقص من الذبح، إلا أن جلال الدين الرومى الذى لم يتغير شكله فى العرض ،رغم أن إبداعاته تمتد لأكثر من أربعين عاماً ، إلا أنه استطاع رؤية كل شيء فى العالم من خلال حالة العشق التى لا تفنى رغم موت الأم والأب والزوجة والصديق، فحبهم هو حب العالم المستمر الدائم الذى لا يغيب.

ودخل الرومى تاريخ التصوف العالمى من أوسع أبوابه باعتباره أحد أهم المتصوفين العظام فى التاريخ الإسلامى، ونشأت عن تراثه فى تركيا طريقة صوفية عُرفت بـ»المولوية» واشتهرت بعده بطقوس الرقص الدائرى حول النفس، وجاء اسمها اشتقاقا من اللقب الذى أطلقه الأتراك عليه وهو «مولانا جلال الدين الرومى» أو «مولانا» اختصارا. وقد انتشرت هذه الطريقة لاحقا فى مختلف أنحاء العالم.

ولا يمكن الإبحار فى قصائده وفكره، دون النظر إلى روحه التى تهيمن على أعماله، وقيل إنه عاصر فترة اجتياح المغول للعالم الإسلامى، فاضطر إلى الهروب من «الواقع الدموى» إلى «الخيال الروحى»، واختار «العشق الإلهى» طريقاً.

ويبدو أن الهروب لبعض الوقت إلى هذا العالم الفسيح فى فضاء المتعة الروحية، هو الذى يخلص الإنسان من شوائب الحياة، ومن زحمة الحياة وصراعات النفوس وتلال الوجع ، إلى كتابات ملوك العشق الإلهى، الذين اكتووا بالألم ، فكان اللجوء الى العشق الإلهى .

يجعلون الحب الإنسانى أحد تجليات العشق الإلهى، وهو الذى يحوِّل العالم إلى خيال خلَّاق وصور جمالية وقصيدة يغنيها العاشق.. ويقولون : «هيامك الذى كان فى العشق سيحضرك فى قبرك، ومعه الهدايا» .

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة