مديحة عزب
مديحة عزب


نقطة نظام

نعم.. نحن نحارب الإرهابيين ولا نحارب الإرهاب

الأخبار

الثلاثاء، 29 نوفمبر 2022 - 07:30 م

 

عتاب رقيق تلقيته على بريدى الإلكترونى من الأستاذ رجب الصاوى تعليقا على مقالى الأخير حول حتمية إجراء إصلاح دينى طال انتظارنا له فى مصر، ورغم مطالبة الرئيس السيسى به مرارا إلا أن أحدا من الجهات المعنية لم يحرك ساكنا، الأمر الذى دفع الرئيس مؤخرا لأن يخاطب به الأستاذ ضياء رشوان نقيب الصحفيين والموكل إليه مهمة إجراء الحوار الوطنى فى مصر على أن يشتمل هذا الحوار المرتقب على حوار آخر لإصلاح وتجديد الخطاب الدينى فى مصر، كان عتاب القارئ العزيز بسبب استخدامى لكلمة الإصلاح الدينى، بينما يرى الأستاذ رجب الصاوى أن كلمة الإصلاح الفكرى كانت الأصح حيث إن أحكام الدين ثابتة على الدوام وشريعة الإسلام واضحة وضعها الله عز وجل لصلاح الفرد والجماعة، أما الأفكار فهى التى تتغير وتصبح فى حاجة للإصلاح..

ويضرب على ذلك مثلا رآه بأم العين فى عهد الإخوان البائد لا أعاده الله، عندما رأى خطيبا فى أحد المساجد كل مؤهلاته دبلوم صنايع، ومع ذلك فقد استطاع أن يغير أفكار خريجى جامعات وحملة درجات علمية مرموقة لمائة وثمانين درجة، ناهيك بطبيعة الحال عن غيرهم من أنصاف وأشباه المتعلمين..

يا أستاذ رجب لسنا مختلفين إطلاقا.. لك أن تسمّى هذه الخطوة ما تشاء مادمنا اتفقنا على المضمون، فالحوار الوطنى لابد أن يشمل حوارا دينيا حول القضايا الفكرية ذات اختلاف الرؤى بغرض الوصول فى النهاية إلى تصحيح شامل وجذرى لكافة التفاسير القرآنية المغلوطة، والتى أورثت أجيالا وأجيالا تطرفا دينيا وصل إلى حد استحلال دماء الأبرياء..

وإن كنت مازلت مقتنعة كل الاقتناع أن عملية الإصلاح هى دينية بالفعل، وخاصة عندما نرى الأمر قد تمخض عن فكر إرهابى يعشش فى عقول الكثيرين، وكما قلت وقال غيرى، إننا فى مصر نحارب الإرهابيين ولا نحارب الإرهاب، فالإرهاب موجود فى صورة آراء وأفكار استقت عقيدتها العنيدة من أحاديث موضوعة ومفتراة على النبى صلى الله عليه وسلم ومن تفسيرات ملتوية للقرآن تنافى المعنى الواضح للنص المقدس، وصارت هذه الافتراءات بمرور الزمن دينا راسخا لا يجوز المساس به..

إن المفاهيم الخاطئة التى توارثناها عبر الأجيال هى السبب الأول فى ابتعادنا عن حقيقة ما يحمله كتاب الله تعالى من تسامح وتسامٍ ورقى ونبل مع الآخرين.. لقد اختلطت عند الكثيرين مفاهيم الإيمان والكفر، وصرنا نستسهل رمى صفة الكفر على كل من هو «آخر»..

دعوة لاجتماع مغلق مع الله

من أجمل ما قرأت عن الصلاة ما كتبه الدكتور مصطفى محمود عليه رحمة الله.. «الفكرة التى تخجلنى فى تأخير الصلاة عن وقتها تكمن فى أننى لست أنا من حدد الموعد لهذه الصلاة، ولا أنا من اختار التوقيت، فالخالق هو من قدّر ذلك.. الله الذى خلق هذا الكون بعظمته واتساعه وجماله وبديع إتقانه وكثرة مخلوقاته وآلائه ومعجزاته هو الذى يريدنى أن أقف بين يديه فى هذا الوقت وأكلمه وأناجيه..

وأنا ماذا أفعل.. فى كثير من الأحيان أجعل هذا الموعد آخر أولوياتى حتى يكاد يفوت وقته، مقدما عليه كل أمر تافه وكل شأن ضئيل.. الله يطلبنى وأنا مجرد ذرة بلا وزن فى كونه العظيم لأقف بين يديه وأنا منهمك فى سخافات الحياة وزينتها البالية.. يطلبنى لبضع دقائق فقط وأنا أعرض وأُسوف وأماطل وأؤجل، ثم آتيه متأخرا كعادتى.. أى تعاسة أكبر من ذلك.. يدعونى لاجتماع مغلق بينى وبينه، أنا صاحب الحاجة فيه وهو الغنى المتفضل.. ومع ذلك أجعله اجتماعا مفتوحا لشتى أنواع الأفكار والسرحان، يغيب عقلى وأحضر بجسدى متثاقلا.. أو على عجل وكأننى آتيه رغما عنى.. هو الخالق العظيم الغنى عنى وعن عبادتى يريده اجتماعا خاصا وأنا أجعله حصة تسميع باردة وتمارين رياضية جوفاء وعقلاً شارداً.. فأى بؤس أكثر من هذا..

ما قل ودل:

مابقيتش أزعل على حد زى زمان، آخرك معايا دقيقتين أجمّع فيهم اللى حصل.. وأقوم أشوف ورايا إيه..

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة