الخميس، 01 ديسمبر 2022 - 06:09 م

رغم الصخب السياسي والأخلاقي الذى يصاحب مونديال قطر حتى  قبل أن تبدأ مبارياته، فإنه جاء بعد أن بدأت هذه المباريات  بعظة مهمة للبشر والأمم، وليس للاعبى كرة القدم ومدربيها فقط.

وهذه العظة دنيوية أساسا وفحواها أن التفوق لمرة واحدةً لا يكفى، وإنما التفوق يحتاج لجنى ثماره الاستمرارية والاستدامة.. لقد كانت بداية المنتخب السعودي مبهرة حينما تمكن من الفوز على أحد أبطال العالم وأحد المرشحين لإحراز بطولة هذا المونديال وهو منتخب الأرجنتين ومع ذلك لم يتمكن من تجاوز دور المجموعات واحتل المركز الأخير في مجموعته لأنه لم يحافظ على تفوقه واكتفى بالتفوق لمرة واحدة فقط!. 

وذات الشيء حدث للمنتخب التونسي فهو اختتم مباريات مجموعته بتفوق كبير حينما فاز على المنتخب الفرنسي بطل العالم في النسخة السابقة للمونديال وأحد المنتخبات المرشحة أيضا للبطولة هذه المرة ومع ذلك لم يتجاوز المنتخب التونسي دور المجموعات لأنه تفوق لمرة واحدة أيضا! 

وهكذا التفوق لمرة واحدة لا يكفى لتحقيق المراد وهو النجاح والانتصار وإنما يتعين الحفاظ على استمرارية واستدامة هذا التفوق طوال الوقت أو معظم الوقت على الأقل .. هذه هي عظة مونديال قطر التي سوف تتضح وتتأكد أكثر مع توالى منافساته ومبارياته.. وهى عظة ليست رياضية فقط وإنما هي عظة تصلح لكل مجالات الحياة .. وهذا ما تنبه له خبراء الاقتصاد منذ سنوات حينما بدأوا يتحدثون عن ضرورة وأهمية التنمية المستدامة.. أى التنمية المستمرة التى لا تتوقف.. التي يتحقق فيها زيادة مطردة لا تتوقف في معدل النمو الاقتصادي حتى يتحقق النهوض الاقتصادي المستهدف ويعم الرخاء وتتحسن مستويات المعيشة للشعوب. 

وقد كانت دوما هذه مشكلتنا على مدى سبعة عقود.. نسعى بكل قوة لتحقيق معدل مرتفع للنمو الاقتصادي، لكننا لا نحافظ على هذا المعدل المرتفع للنمو بشكل مستمر ومستدام، لنعود لنبدأ رحلة رفع معدل النمو الاقتصادي مجددا، متحملين مزيدا من الأعباء والتكلفة.. وسواء كان ذلك يحدث لأسباب داخلية أو لأسباب خارجية فإن النتيجة فى النهاية  كانت واحدة وتتمثل في إننا لم نتمكن من إحراز النهضة الاقتصادية التى نصبو ونتطلع إليها.. وهذا ما تنبهنا إليه مؤخرا في رؤية 2030.. فنحن نحتاج لتفوق مستدام وليس لمرة واحدة أو فترة قصيرة، وهذا يحتاج عملا مضاعفا.