احدى مجموعات الاثار
احدى مجموعات الاثار


«بورتريهات» و«مبنى جنائزي» ضخم من العصرين البطلمي والروماني بجبانة جرزا بالفيوم 

شيرين الكردي

السبت، 03 ديسمبر 2022 - 09:46 ص

كانت الفيوم pAym، قديماً جزء من المقاطعة العشرين من مقاطعات الوجه القبلي المسمي Nart-xntt، وحالياً هي إحدى محافظات مصر وعاصمتها مدينة الفيوم، تقع في إقليم «شمال الصعيد» الذي يضم ثلاث محافظات هي الفيوم وبني سويف والمنيا، كان للفيوم أهمية عظمى منذ عصور ما قبل الأسرات مروراً بالعصور الفرعونية.

الفيوم قديماً جزءاً من مقاطعة نعرت- خنتت :

وظهرت على أرض الفيوم أقدم الحضارات والتي أطلق عليها اسم حضارتي الفيوم الأولى والثانية قبل التاريخ، وفي العصور الفرعونية ظهرت بها العديد من المواقع الأثرية، حيث تضم الفيوم ما يقرب من 30 موقع أثري ومن أهم آثارها: هرم سيلا، هرم هوارة، ومسلة "سنوسرت" الأول، وأطلال مدينة ماضي، وقصر اللابيرنث، هرم اللاهون، ومقبرة الأميرة "نفرو بتاح"، كما أكده الدكتور محمود حامد الحصريمدرس الآثار واللغة المصرية القديمة جامعة الوادي الجديد. 

 
 أهمية مدينة الفيوم علي مر العصور :

يرجع تاريخها لملايين السنين حيث بدأت الحضارة بها في العصر الحجري، وكان لها وضعها في عصر الدولة الوسطى وخلال العصور اليونانية والرومانية والقبطية والإسلامية التي خلفت آثارًا لا تزال قائمة تضم في مجموعها عناصر فريدة في تصميمها كمسلة الفيوم ذات الرأس المستديرة دون سائر المسلات وأهرامات الفيوم التي تفتح أبوابها ناحية الجنوب بخلاف الأهرامات المصرية التي تفتح مداخلها جهة الشمال، منذ 3200 سنة ق.م كانت عاصمة الفيوم إهناسيا حيث قام الملك مينا بعمل سد ترابي أمام فتحة اللاهون فوق القاع الحجري لبحر يوسف. 

وكان ملوك الأسرة الثالثة يحصلون على الأحجار من جبل القطراني ليستخدموها في تبليط معبد الهرم الأكبر عام 2600 ق.م وفي بداية عصر الأسرات ظهرت بعض القرى شرق المنخفض حيث استوطن الإنسان ضفاف بحيرة موريس وعمل بالزراعة وصيد الأسماك. 

وعندما زادت المساحة المستصلحة بها أصبح اسمها "بر سوبك" أي بيت التمساح لكثرة وجود التماسيح بالمنطقة والتي كانت معبودة في الفيوم تحت اسم الإله " سوبك " وفى عهد الأسرة 12 اهتم ملوكها بالإقليم فجففوا أجزاءً كبيرة من البحيرة، واهتم الملك أمنمحات الأول بالزراعة وأصلح مجرى بحر يوسف وأقام السدود، وأقام هرماً له بهوارة وبنى قصر اللابيرنث وأقام تمثالين له ولزوجته في بيهمو.

 وقد أكمل أمنمحات الثالث مشروعات الري واستصلاح الأراضي التي كانت تغمرها بحيرة موريس، وشيد معبده عند مدينة ماضي، كما أقام الملك سنوسرت هرماً له في اللاهون، وتضم الفيوم بحيرتين هما بحيرة قارون مالحة المياه، وبحيرة وادي الريان العذبة، وعثر بالفيوم على آثار عصر ما قبل الأسرات بمنطقة جرزة.

-  بورتريهات الفيوم :

تعرف بورتريهات الفيوم بلوحات الفيوم أو مومياوات الفيوم أو لوحات مومياوات الفيوم وهي مصطلح يجسد مجموعة من اللوحات الواقعية للشخصيات رسمت علي توابيت مومياوات مصرية في الفيوم إبان فترة التواجد الروماني في مصر. 

 حيث تم فيها الرسم والطلاء علي لوحات خشبية بشكل كلاسيكي يجعلها من أجمل الرسومات في فن الرسم الكلاسيكي العالمي.

  وفي الواقع فان لوحات الفيوم هي الوحيدة من نوعها في العالم، وتعتبر اللوحات مثالا مبكرا لما تلاها من أنواع فنون انتشرت في العالم الغربي من خلال الفن البيزنطي وفن الأيقونات القبطي في مصر. 

 تبين اللوحات رسمًا لشخصية ما للشخص المدفون في التابوت وعادةً ما يكون شخصية كبيرة أو معروفة، وتميل الرسوم إلى الفن الإغريقي - الروماني بشكل أكبر مما هو معروف عن فن الرسم المصري القديم، فقد تأثر المصريين بهذا الفن كما تتأثر المجتمعات بالمجتمعات الأخرى بذات المحتلة كما كان في مصر في هذه الفترة.  

توجد الآن حوالي 900 لوحة مكتشفة في المقابر التاريخية في الفيوم، ونظرا للمناخ الجاف والحار للمنطقة فقد حفظت اللوحات بشكل ممتاز، لدرجة أن ألوان الكثير منها تبدو كأنها لم تجف بعد.

- الاكتشافات الأثرية الحديثة بالفيوم  :

تم الكشف عن مبنى جنائزي ضخم من العصرين البطلمي والروماني من خلال البعثة الأثرية المصرية العاملة بجباية جرزا بالفيوم، بالإضافة إلى عدد من النماذج من بورتريهات الفيوم، وذلك أثناء موسم الحفائر العاشر للبعثة خلال الشهر الجاري.

وأوضح الدكتور مصطفى وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أن ما تم كشفه بالموقع يوضح التنوع والاختلاف في دقة وجودة عملية التحنيط خلال العصرين البطلمي والروماني  والتي تشير إلى المستوى الاقتصادي للمتوفي وذلك بدأ من التحنيط عالي الجودة وصولا إلى الدفنات ذات الطابع البسيط، منوهاً إلى العثور أيضا على تمثال نادر من التيراكوتا للمعبودة إيزيس والتي اقترنت بأفروديت إلهة الجمال عند اليونانيين وذلك بأحد الدفنات داخل تابوت خشبي، بالإضافة إلى مجموعة من السجلات المصنوعة من ورق البردي المكتوب عليها كتابات بالخط الديموطيقي واليوناني تشير إلى الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والدينية لساكني المنطقة خلال تلك الفترة المتأخرة.

وأشار الدكتور عادل عكاشة رئيس الإدارة المركزية للآثار المصرية بمصر الوسطى أن المبنى المكتشف هو عبارة عن مبنى ضخم مبني على طراز البيوت الجنائزية ذو أرضية من الملاط الجيري الملون والمزين ببلاطات متبادلة الألوان؛ ويتقدمه من الناحية الجنوبية سقيفة أعمدة عثر بداخلها على بقايا أربعة أعمدة، كما يؤدي المبنى إلى شارع ضيق خاص به.

مع تعدد وتنوع القطع الأثرية التي كشفت عنها وسجلتها البعثة المصرية، تعد بورتريهات المومياوات او ما يعرف ببورتريهات الفيوم من أهم المكتشفات الأثرية التي تم العثور عليها خلال الموسم الحالي، حيث تعد النماذج المكتشفة هي أول النماذج التي تم العثور عليها منذ اكتشاف آخر بورتريهات عثر عليها بواسطة عالم الآثار الإنجليزي فلندرز بتري منذ أكثر من 115 عاما.

ومن جانبه قال الدكتور باسم جهاد المشرف على وحدة التدريب المركزي ورئيس البعثة، أن البعثة نجحت أيضا في الكشف عن عدد من التوابيت المختلفة الطرز بعضها على الشكل الآدمي وأخرى على الشكل اليوناني ذات سقف جملوني.

وأشار إلى أن البعثة الأثرية المصرية بدأت أعمال الحفائر بموقع جرزا منذ عام 2016 حيث نجحت خلال تلك الفترة في الكشف عن العديد من اللقى الأثرية الثابتة والمنقولة ؛ والتي تمثل الملامح الرئيسية لهذا الموقع المتميز، والتي تمثلت في العديد من المقابر التي تعكس كلا من التطور المعماري منذ القرن الثالث قبل الميلاد وحتي نهايه القرن الثالث الميلادي، وكذلك المزج في العمارة والقطع الأثرية بين الحضارة المصرية القديمة، و اليونانية. ومن تلك النماذج 6 مقابر ضخمة مبنية بالطوب اللبن تمثل مقابر جماعية على طراز الكتاكومب.

ويذكر أن قرية جرزا والتي عرفت بقرية فيلادلفيا  في العصر اليوناني قد تم إنشاؤها في القرن الثالث قبل الميلاد كقرية مركزية ضمن المشروع الاستصلاح الزراعي الذي نفذه الملك بطلميوس الثاني (فيلادلفيوس) في إقليم الفيوم وذلك بهدف تأمين مصادر الغذاء للمملكة المصرية و كقرية ضمت بين جنابتها المصريين واليونانيين مما انعكس في الناتج الحضاري.

 

اقرأ أيضا | «بسبب التنقيب عن الآثار.. هبوط أرضى بشارع في الفيوم»


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة