البرنس أحمد سيف الدين - الأمير أحمد فؤاد مع زوجته الأولى الأميرة شويكار
البرنس أحمد سيف الدين - الأمير أحمد فؤاد مع زوجته الأولى الأميرة شويكار


كنوز| مأساة «برنس» أطلق 3 رصاصات على الأمير أحمد فؤاد

عاطف النمر

الأربعاء، 07 ديسمبر 2022 - 06:00 م

فى صباح السبت 7 مايو 1898 كان القدر يعد للعائلة المالكة فى مصر دراما مأساوية عندما ذهب البرنس الوسيم أحمد سيف الدين إلى محل «بايوكى» للأسلحة والذخائر وحصل على خرطوش لمسدسه، ملأ معدته بكمية من الخمر وقام بحشو مسدسه بالرصاص بعد أن امتلأ عقله بأفكار سوداء بعدما أبلغته شقيقته الأميرة « شويكار» أن زوجها الأمير أحمد فؤاد طلب منها أن تضع له السم فى الطعام لكى ترث ثروته الطائلة لكنها رفضت واشتعلت الخلافات بينهما أكثر مما هى مشتعلة.

 

انطلق البرنس بسيارته المكشوفة إلى «كلوب محمد على» - نادى السيارات الآن - للثأر من زوج شقيقته، رأه الأمير أحمد فؤاد من الشرفة فقال لمن يقف بجواره « شكله جاى يقتلنى»، وأسرع ليحتمى فى قاعة البليارد التى كان بها كعبانى باشا ناظر الحربية، ومظلوم باشا ناظر المالية، ويعقوب أرتين باشا وكيل نظارة المعارف، لكن البرنس سيف الدين لحق به فتبادلا الشتائم بالفرنسية، بعدها صوب البرنس مسدسه وهو يصيح بهيستريا «هقتلك»، حاول الأمير أحمد فؤاد الهرب لكن البرنس أطلق عليه ثلاث رصاصات، الأولى فى الفخذ، والثانية فى العنق بالقرب من الحنجرة، والثالثة فى البطن ثم هرب للخروج من الكلوب، لكن الحراسة تمكنت من الإمساك به بعد أن نفد رصاص مسدسه وتم نقله إلى قسم عابدين، ونقل الأمير أحمد فؤاد بسيارة الإسعاف بين الحياة والموت إلى المستشفى. 

روينا فى هذا المكان منذ عدة أشهرالدوافع التى جعلت البرنس سيف الدين يقرر الانتقام من زوج شقيقته الذى تعود ضربها وإذلالها والاستيلاء على أموالها بالتوكيل الذى حررته له إدارة ممتلكاتها، وما وجهه له شخصيا من إهانات وسباب واعتداء بدنى عندما تدخل لفض المشاكل بينهما، ونقلنا عن الكاتب الكبير مصطفى أمين ما رواه عن الأمير المفلس أحمد فؤاد الذى تزوج الأميرة التى لم تكن جميلة لكنها كانت ثرية، وقال إنه كان مدينا لكلوب محمد على بثلاثمائة جنيه قيمة طعام وخمور، ومدينا للخياط الإيطالى ديليه بألف جنيه قيمة ملابس، ومدينا للبنك الأهلى وبنك موصيرى والبنك العثمانى وبنك الكريدين ليونيو! وأكد نفس الكلام الكاتب صلاح عيسى فى كتاب «حكايات من دفتر الوطن»!

قدم البرنس أحمد سيف الدين للمحكمة التى تكونت من ثلاثة قضاة هم أحمد زغلول بك رئيسًا والمستشارين الانجليزى ألستون والمصرى فؤاد بك وامتلأ الصف الأول بمحامين عن البرنس المتهم بالشروع فى قتل الأمير فؤاد، ترافع رئيس النيابة بحماس منقطع النظير مؤكدًا سلامة قواه العقلية.

وجاء الدور على مرافعة فريق المحامين الذين طالبوا ببراءة البرنس لأنه لم يكن فى حالة عقلية طبيعية يوم الحادث استنادا للمادة 63 من قانون العقوبات التى تعفى المعتوهين من الجزاء، وقالوا إنه مدمن على الخمور، وشهد شقيقه بأنه كان يغضب ويسأم ويشتكى ويتداعى ويتشاجر، ولم يكن أحد يستطيع السيطرة عليه بعد وفاة والده، وربطوا فى المرافعة تأثير المشاكل التى كانت مشتعلة بين شقيقته الأميرة شويكار وزوجها الأمير أحمد فؤاد على نفسيته، وعادت النيابة لتفند أقوال المحامين الذين حاولوا الإيحاء بأن المتهم مختل الشعور ومصاب بالعته، وقرأ محامى الأمير أحمد فؤاد رسالتين كتبتهما شويكار عندما علمت بأنه أوقع عليها الطلاق، تستعطفه فيهما وتؤكد أن أخاها الأبله فعل ما تكرهه وجنى على زوجها وأبى أولادها، وتذكره بأنها حامل منه. 

حكمت المحكمة على البرنس سيف الدين بالسجن سبع سنوات تم تخفيفها إلى خمس سنوات عندما ترافع عنه المحامى الكبير إبراهيم بك الهلباوى فى الاستئناف الذى كان يطلق عليه «شيخ المحامين والذى روى لمجلة الدنيا وكل شىء» فى عام 1937 قصة ترافعه عن الأمير سيف الدين فى محاولة قتل الملك فؤاد، وقال: «بعد قليل من صدور الحكم على البرنس سيف الدين من محكمة أول درجة، وفدت على دارى نجوان هانم والدة البرنس والأميرة شويكار وطلبتا منى الدفاع عن البرنس المدان من حكم أول درجة، ترددت فى البداية ثم قبلت الدفاع عنه عندما علمت من الأميرة ووالدتها أن البرنس ضعيف العقل سريع التهيج وأنه أطلق الرصاص من قبل على نفر من الاتباع بلا مبرر، والمحامون عنه أمام محكمة أول درجة لم يدبروا الدفاع حول أنه ضعيف العقل وجدير بالمحكمة أن ترسله إلى مصحة للأمراض العقلية بدلا من أن تزج به فى غيابة السجن، وركزت فى مرافعتى على هذا الجانب، وذكرت الحوادث التى اعتدى فيها على أفراد حاشيته وخدمه، لكن المحكمة اعتبرته مسئولا عن تصرفاته وخفضت الحكم من سبع سنوات إلى خمس، وبعد مدة أخذت السلطات العليا برأيى الذى أبديته بالأدلة فأرسلته إلى مصحة الأمراض العقلية فى انجلترا!».

التفاصيل كثيرة حول ثروة البرنس سيف الدين التى عين عليها قيم كان ولاؤه الكامل للملك أحمد فؤاد الذى اعتلى عرش مصر بعد ذلك، ولهذا لم تنته مأساة الأمير سيف الدين بعد الحكم عليه بالسجن أو تسفيره من مصر وإيداعه فى مصحة عقلية على أطراف لندن ووضعت ثروته الطائلة تحت وصاية لجنة من القصر الملكى، أصبح البرنس سيف الدين حبيس المصحة العقلية فى بريطانيا سنوات طويلة وعندما فشلت مجهودات أمه وشقيقته لإطلاق سراحه دبرت خطة لهروبه من المصحة بمساعدة مخبر خاص أمريكى، ونجحت خطة الوصول به إلى الأستانة، وتزوج، وأقامت والدته قضية فى مصر تطالب فيها بإعادة ثروته ترافع فيها مصطفى باشا النحاس، واستغل الملك أحمد فؤاد ذلك بالهجوم على الوفد وزعيمه، وهناك تفاصيل كثيرة جدا تتعلق بهذا الموضوع، والمهم هو أن البرنس سيف الدين دون أن يحصل على ثروته الطائلة وطالبت مصر بإعادة جثمانه من الأستانة لكنه ظل مدفونا هناك مع أسرار كثيرة فى مأساته الطويلة الغريبة!.

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة