لياو ليتشانج فى حوار لـ «الأخبار»
لياو ليتشانج فى حوار لـ «الأخبار»


سفير الصين بالقاهرة: مصر دولة ذات ثقل كبير وننسق معها لنجاح قمة الرياض| حوار

أسماء حجاج

الخميس، 08 ديسمبر 2022 - 05:55 م

ندعم القضية العادلة للشعب الفلسطينى لاستعادة حقوقه الوطنية المشروعة

الدول العربية والصين أحوج من أى وقت مضى لتعزيز التعاون

الشراكة الشاملة بين مصر والصين نموذج يحتذى به

أكد لياو ليتشانج سفير الصين بالقاهرة والمندوب المفوض لدى جامعة الدول العربية أن القمة العربية الصينية التى تعقد للمرة الأولى بالعاصمة السعودية الرياض ستصبح معلما تاريخيا فى مسيرة العلاقات الصينية العربية، وأشار لياو ليتشانج إلى أن تلك القمة ترمز إلى دخول الصداقة الصينية العربية إلى مرحلة جديدة، وتفتح مجالا أوسع لعلاقات الشراكة الاستراتيجية الصينية العربية.

وأضاف ليتشانج فى حوار خاص لـ»الأخبار» أن الصين تدعم قضايا الاستقرار والأمن فى المنطقة العربية وشدد على أن العلاقات المصرية الصينية دخلت مرحلة جديدة بتولى الرئيس عبد الفتاح السيسى رئاسة البلاد إلى أن وصلت إلى الشراكة الاستراتيجية الشاملة وإلى نص الحوار:

ما تطلعاتكم للقمة الصينية العربية الأولى المرتقبة؟

سيحضر الرئيس الصينى شى جين بينج القمة الصينية العربية الأولى وقمة الصين ومجلس التعاون الخليجى فى الرياض، وسيقوم بزيارة إلى المملكة العربية السعودية فى الفترة من 7 إلى 10 ديسمبر الجاري.

وترجع الصداقة بين الصين والدول العربية إلى زمن بعيد، وتعتبر نموذجا يحتذى به للتواصل الودى بين مختلف الأمم على مر التاريخ. منذ تأسيس الصين الجديدة قبل أكثر من 70 عاما، تلتزم الصين والدول العربية بالاحترام المتبادل والتعامل بالمساواة والمنفعة المتبادلة والكسب المشترك والاستفادة المتبادلة، وحقق التعاون بينهما طفرة تاريخية وعمقا واتساعا. يولى الرئيس شى جين بينج اهتماما بالغا للعلاقات مع الدول العربية وجامعة الدول العربية. منذ عام 2012، حققت علاقات الشراكة الاستراتيجية الصينية العربية تقدمات جديدة ومستمرة، وارتقى مستوى التعاون فى بناء «الحزام والطريق» باطراد، ويمثل منتدى التعاون الصينى العربى نموذجا مثاليا للتعاون عابر الأقاليم على الساحة الدولية. قد أصبح العالم العربى منطقة تحتضن عددا كبيرا من الدول صاحبة الشراكة الاستراتيجية مع الصين.

اليوم، تسارعت التغيرات بصورة لا مثيل لها منذ قرن فى العالم، وتطرأ التغيرات على العالم والعصر والتاريخ بشكل غير مسبوق. فى ظل الظروف التاريخية الجديدة، يجب على التعاون الصينى العربى أن يتماشى مع تيار التقدم العالمى ويتقدم مع التقدم التاريخى للبشرية، وأصبح الجانبان الصينى والعربى أحوج من أى وقت مضى إلى تعزيز التعاون والعمل المشترك لتجاوز صعوبات العصر وعلى هذه الخلفية، عقدت القمة الصينية العربية فى الوقت المناسب.

كيف تتوقعون نتائج هذه القمة؟

سيقوم قادة الجانبين بتخطيط التعاون فى المستقبل والارتقاء بالعلاقات الصينية العربية وزيادة بلورة التوافقات فى القضايا الهامة مثل الحوكمة العالمية والتنمية والأمن والحوار بين الحضارات ومن المؤكد أن هذه القمة ستصبح معلما تاريخيا فى مسيرة العلاقات الصينية العربية، وترمز إلى دخول الصداقة الصينية العربية إلى مرحلة جديدة، وتفتح مجالا أوسع لعلاقات الشراكة الاستراتيجية الصينية العربية و تحرص الصين على اغتنام فرصة القمة الصينية العربية الأولى للعمل.

وسنعمل سويا مع الدول العربية على تطوير الصداقة التقليدية بين الجانبين، وإثراء وتعميق معادلة التعاون الصينى العربى الشامل الأبعاد والمتعدد المستويات والواسع النطاق، وإقامة المجتمع الصينى العربى للمستقبل المشترك، بما يعود بالخير على شعوب الجانبين ويدفع التعاون والتضامن بين البلدان النامية، ويحافظ سويا على قضية السلام والتنمية فى العالم.

نأمل أن تحقق القمة نتائج تعزز العلاقات الصينية العربية ومصر دولة مؤثرة لها ثقل كبير على الصعيد العربى والأفريقى والدول النامية، ونحن نشكر مصر لجهودها وننسق معها لنجاح القمة.

هل لنا أن تطلعنا على الرؤية المستقبلية للعلاقات الصينية العربية؟

فى أكتوبر الماضي، عقد المؤتمر الوطنى الـ20 للحزب الشيوعى الصينى بنجاح، الذى طرح المهمة المركزية للحزب المتمثلة فى قيادة أبناء الشعب الصينى من كافة القوميات لإنجاز بناء دولة اشتراكية قوية على نحو شامل وتحقيق هدف الكفاح المئوى الثانى فى المسيرة الجديدة، ستلتزم الصين بالانفتاح فى نطاق أكبر ومجالات أوسع ومستويات أعلى، وتلتزم بطريق التحديث الصينى النمط وبناء نظام الاقتصاد المنفتح الجديد على مستوى أعلى، ومواصلة تقاسم فرص التنمية للصين مع الدول العربية وغيرها من دول العالم. 

كما ستحافظ الصين على التواصل والحوار الرفيع المستوى مع الدول العربية، وتوظف بالكامل دور لقاءات القمة فى إرشاد العلاقات الصينية العربية، وتعمل سويا على تطبيق التعددية الحقيقية، وتلتزم سويا بمبدأ عدم التدخل فى الشئون الداخلية، وتحافظ على المنظومة الدولية المتمحورة حول الأمم المتحدة والنظام الدولى القائم على القانون الدولي. وستدعم الصين والدول العربية المطالب المشروعة والدعوات المعقولة لبعضهما البعض فى القضايا الدولية الهامة مثل إصلاح الأمم المتحدة والتغير المناخى والأمن الغذائى وأمن الطاقة، حفاظا بثبات على المصلحة المشتركة للبلدان النامية الغفيرة.

كما ستواصل الصين تعزيز تبادل الخبرات مع الجانب العربى بشأن الحكم والإدارة، وتعزيز التواصل الشعبى فى مجالات العلوم والتعليم والثقافة والصحة والإذاعة والتلفزيون، وتعزيز التعاون فى مجالات التعليم العالى والتعليم المهني، وتعميق الفهم المتبادل بين شعوب الجانبين ودفع التواصل بين الثقافتين الصينية والعربية. 

أين موقع الدول العربية فى المشروع العملاق «الحزام و الطريق» ؟

ستلتزم الصين بمبدأ التعاون والكسب المشترك وتواصل التعاون مع الدول العربية فى بناء «الحزام والطريق» بجودة عالية، وتطبيق مبادرة التنمية العالمية كما ستدعم الصين دخول المزيد من المنتجات غير النفطية للدول العربية إلى الأسواق الصينية، وتدعم توقيع اتفاقية التجارة الحرة الصينية الخليجية فى يوم مبكر، وتعزيز التعاون فى مجال الطاقة المتجددة، وتشجع وتدعم شركات الجانبين لتوسيع وتحسين الاستثمار المتبادل كما ستواصل الصين تقديم ما فى وسعها من المساعدة وفقا لحاجات الجانب العربى عبر القنوات الثنائية والمتعددة الأطراف، وتعمل مع الدول العربية على دفع الانتعاش والنمو بعد الجائحة.

ماذا عن الدور الصينى فى القضايا الخاصة بالاستقرار والأمن فى العالم؟   

نحن ندعم تحقيق الاستقرار والأمن فى جميع أرجاء العالم وستعمل الصين على تطبيق مبادرة التنمية العالمية، وتدفع بحل القضايا الساخنة فى الشرق الأوسط بشكل عادل ومعقول عبر الحوار والتشاور، وتدعم الدول العربية للعب دور أكبر فى الشئون الإقليمية وحل القضايا الإقليمية الساخنة بالحكمة العربية، مستعدين للعمل مع الجانب العربى على إيجاد حل شامل ودائم وعادل لقضية فلسطين. ستدعم الصين والدول العربية جهود الجانب الآخر فى مكافحة الإرهاب والتطرف، وترفضان «المعايير المزدوجة»، وتعملان على مكافحة التنظيمات التى يصنفها مجلس الأمن الدولى كالتنظيمات الإرهابية.

هل لدى الصين اقتراحات حول الملف السورى والقضية الفلسطينية؟ 

فى مواجهة التناقضات والنزاعات المتشابكة والمعقدة فى منطقة الشرق الأوسط، تحرص الصين على أداء دورها الإيجابى كدولة كبيرة مسئولة، وتطبيق مفهوم الأمن المشترك والمتكامل والتعاونى والمستدام، وتعزيز التواصل والتنسيق مع الدول العربية، بما يدفع الحل السياسى للقضايا الساخنة.
وحول قضية فلسطين .. تدعم الصين بثبات القضية العادلة للشعب الفلسطينى لاستعادة حقوقه الوطنية المشروعة، وتدعم إقامة دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة الكاملة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وتدعم فلسطين للحصول على العضوية الكاملة فى الأمم المتحدة، وتقدم المساعدات الإنسانية إلى الشعب الفلسطيني.

كما يولى الرئيس شى جين بينج اهتماما بالغا لقضية فلسطين، وبعث ببرقيات التهانى إلى مؤتمر الأمم المتحدة لإحياء «اليوم العالمى للتضامن مع الشعب الفلسطيني» لـ10 سنوات متتالية. فى مايو عام 2013 ويوليو عام 2017، عقد الرئيس شى جين بينج المباحثات مرتين مع نظيره الفلسطينى محمود عباس، وطرح الرؤية ذات النقاط الأربع لحل قضية فلسطين مرتين، التى تدعو إلى ضرورة الدفع بالحل السياسى على أساس «حل الدولتين»، والالتزام بمفهوم الأمن المشترك والمتكامل والتعاونى والمستدام، وحشد جهود المجتمع الدولى لإحلال السلام وتعزيز السلام من خلال التنمية. ستواصل الصين جهودها الدؤوبة للدفع باستئناف مفاوضات السلام بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى فى يوم مبكر، وتحقيق التعايش السلمى بين فلسطين وإسرائيل وبين الأمتين العربية واليهودية.
وحول ملف سوريا .. ظلت الصين تلعب دوراً إيجابيا وبناء فى إيجاد حل ملائم لملف سوريا. فى عام 2016، عينت الحكومة الصينية مبعوثها الخاص لملف سوريا، الذى عمل على الاتصال مع كافة الأطراف المعنية بملف سوريا، وبذل جهودا حميدة كبيرة لإحلال السلام، مما أسهم بالحكمة والحلول الصينية فى حل ملف سوريا. تولى الصين اهتماما بالغا للقضية الإنسانية فى سوريا، وقدمت دفعات عديدة من المساعدات الإنسانية للشعب السوري، بمن فيه اللاجئون السوريون خارج البلاد. ستواصل الصين جهودها الدؤوبة لإيجاد حل شامل لملف سوريا، وتستمر فى تقديم المساعدة للشعب السورى بقدر الإمكان.

غالبا ما تصف الرئيس السيسى والرئيس شى جين بينج كصديقين وأخوين عزيزين إلى أى مدى وصلت العلاقات بين البلدين؟

تعتبر دبلوماسية القمة «البوصلة» و»المرساة» للعلاقات الصينية المصرية، وتلعب دور الإرشاد الاستراتيجى لا بديل له فى تطوير العلاقات الثنائية بعد تولى الرئيس شى جين بينج رئاسة الصين وتولى الرئيس عبدالفتاح السيسى رئاسة مصر، دخلت العلاقات الصينية المصرية مرحلة جديدة. عقد الرئيسان 10 لقاءات على التوالي، حيث عمقا التوافق بين الجانبين فى القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك، ووفرا الضمان السياسى الأهم والقوة الدافعة الأقوى لطفرة العلاقات الصينية المصرية فى السنوات الأخيرة ودفعاها لدخول أفضل مراحلها فى التاريخ. فى السنوات الأخيرة، شهد البلدان الثقة السياسية المتبادلة المتزايدة والنتائج المثمرة فى التعاون العملى والنقاط الساطعة فى مكافحة الجائحة، وقد أصبحت علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين نموذجا يحتذى به للعلاقات بين الصين والدول العربية والأفريقية والنامية التى تقوم على أساس التضامن والتعاون والمنفعة المتبادلة والكسب المشترك. 
وتحافظ الصين ومصر على وتيرة التواصل الرفيع المستوى، فى فبراير الماضي، قام الرئيس السيسى بزيارة إلى الصين لحضور حفل الافتتاح لأولمبياد بكين الشتوي، حيث التقى بالرئيس بينج وتوصل معه إلى توافقات مهمة، مما ضخ قوة دافعة قوية للعلاقات الثنائية. فى يونيو الماضي، حضر الرئيس السيسى الحوار الرفيع المستوى للتنمية العالمية وألقى فيه كلمة عبر الإنترنت، مما دفع الحوار ليحقق نتائج مثمرة ويطلق نداء عصريا قوية لتحقيق التنمية والازدهار المشترك. فى يوم 23 يوليو هذا العام، بعث الرئيس شى جين بينج برقية التهانى للرئيس السيسى بمناسبة العيد الوطنى الـ70 لمصر، حيث أكد على اهتمامه البالغ بتطوير العلاقات الصينية المصرية واستعداده للعمل سويا مع الرئيس السيسى على التقدم بخطوات ثابتة نحو إقامة المجتمع الصينى المصرى للمستقبل المشترك فى العصر الجديد.

ما تقييمكم للعلاقات بين البلدين خلال العقد الأخير والدعم المتبادل للقضايا المتعلقة بالمصالح الجوهرية والشواغل الكبرى؟

حقق التعاون العملى بين البلدين نتائج مثمرة. فى العقد الماضي، ازداد حجم التجارة بين البلدين من 10 مليارات دولار إلى 20 مليار دولار، وتضاعف استثمار الصين الإجمالى فى مصر 3 مرات. اليوم، يوجد فى مصر 360 مشروعا بالاستثمار الصينى و160 شركة صينية. وأصبحت المشاريع مثل منطقة الأعمال المركزية فى العاصمة الإدارية الجديدة والسكك الحديدية فى العاشر من رمضان ومدينة العلمين الجديدة الرموز الجديدة للتعاون العملى بين البلدين، كما تقدمت المشاريع مثل المختبر الوطنى المشترك للطاقة المتجددة ومعدات تقنية الرى الذكية والخضراء والموفرة للمياه ومركز تجميع واختبار الأقمار الاصطناعية بخطوات ثابتة، مما ساهم بقوة فى دفع التنمية الاقتصادية والاجتماعية فى مصر. كما قدمت الصين لمصر حوالى 77 مليون جرعة من لقاح كورونا عن طرق المساعدات والمشتريات التجارية والإنتاج المشترك، وقدمت لمصر مخزن التبريد الأكثر تطورا والأكبر سعة وأكثر أتمتة إفريقيا لتخزين اللقاحات، بما يساعد مصر على أن تصبح مركز إنتاج اللقاحات فى أفريقيا.

ماذا عن التواصل الشعبى بين البلدين؟

فى السنوات الأخيرة، أقامت الصين سلسلة من الفعاليات التى لقيت إقبالا كبيرا من الشعب المصري، مثل محاضرات «الصين فى عيون المصريين» و»عيد الربيع السعيد» وحفل موسيقى «سيمفونية الصداقة» ومسابقة الكتابة «أنا والصين». فى سبتمبر الماضي، أُطلق المشروع التجريبى لتعليم اللغة الصينية فى المدارس المتوسطة المصرية، الأمر الذى يرمز إلى دخول مادة اللغة الصينية إلى المنهاج الدراسى الوطنى المصري. 

وفى الشهر الماضي، وزعتُ الجوائز على الفائزين فى مسابقة الفيديوهات القصيرة «الصين فى عيني» التى نظمتها السفارة، وتأثرت بقصصهم الرائعة مع الصين. وقبل فترة، حضرت مسابقة التجديف الصينية المصرية فى نهر النيل، حيث شاهدت الارتباط الوثيقة بين الدولتين الصاحبتين للحضارة العريقة فى المسابقة. أؤمن بأن الصداقة بين الصين ومصر، بفضل الجهود المشتركة من الجانبين، ستتقدم إلى الأمام مثل تدفق مياه نهر النيل، الأمر الذى سيساعدنا فى تحقيق أحلامنا العظيمة لنهضة الأمة.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة