النائب علاء عابد
النائب علاء عابد


علاء عابد يكتب: ماسبيرو زمان ووجدان الأمة العربية

أخبار اليوم

الجمعة، 09 ديسمبر 2022 - 08:40 م

بقلم: علاء عابد

بعد أشهر من نكسة 67، ظهرت مقولة ظالمة، مفادها أننا خسرنا الحرب بسبب أم كلثوم، وأن الأغانى التى شَدَت بها كانت «المخدر» الذى أفقد المصريين والعرب وعيهم، وأدى إلى وقوع الهزيمة!

وحين سمعت كوكب الشرق بهذه الافتراءات حزنت واكتأبت، وتداول الناس وقتها كلامًا عن رغبتها فى اعتزال الغناء إلى غير رجعة. 
وحين علم الزعيم جمال عبد الناصر بذلك، اتصل بها وأكد لها أنها إحدى ركائز «القوة الناعمة»، وأنها أكسبت مصر بفنها الرفيع مكانة كبيرة فى العالم أجمع.
وإثر هذه المكالمة خرجت أم كلثوم من عزلتها، وأطلقت سلسلة من الأغانى الوطنية، أعادت روح التحدى وخصصت إيراد حفلاتها لدعم المجهود الحربى، وكذلك كان فريد الأطرش، الفنان الدرزى الذى عشق مصر، والعندليب عبدالحليم حافظ وغيرهم من رموز الفن الجميل. 

والسؤال الذى يطرح نفسه هو: هل يمكن مقارنة ما فعلته أم كلثوم وغيرها، بما تفعله بعض مطربات هذا العصر من تصرفات امام جمهور من مختلف الجنسيات؟!
وأين ممثلات هذا العصر، من الراحلة فاتن حمامة سيدة الشاشة العربية، التى ثقفت نفسها بنفسها، وتعلمت العربية الفصحى واللغتين الفرنسية والإنجليزية، بمجهود شخصى منها والتى تبهرك بحديثها الموسوعى للتليفزيون الفرنسى عام 1964، عن الفن والذوق والموضة والأخلاق والرسالة الفنية؟ 

أما الراحلة سعاد حسنى، فأصبحت «سندريلا الشاشة» عبر مثابرتها وتعلّمها من كبار الفنانين الذين عملت معهم، وكان لهم مواقف يقتدى بها وحاليا وأنا أشاهد قناة «ماسبيرو زمان»، أنحاز بقوة إلى هذا الزمن. 

الحقيقة أن أفلام «الأبيض والأسود» ما زالت العلامة المهمة فى تاريخ السينما المصرية، وتستحق بجدارة أن تكون قوة مصر الناعمة التى تبعث بالعديد من الرسائل المهمة.
كنت أستمتع أيضًا بأصوات مذيعى هذا الزمن، وأجد أصواتهم تُشجينى لأن كلماتهم كانت تتجمل بعبارات رائعة، من المؤسف أنها اندثرت الآن، مع ظهور عبارات جديدة غريبة على المجتمع المصرى.

وليس عليك سوى أن تنظر إلى أداء بعض الفنانين حاليًا، لتكتشف أن الوسط الفنى انحدر إلى الدرك الأسفل، وأن الفن الذى يفترض فيه أنه يرتقى بوعى الناس، أصبح سببًا فى تدهور الذوق العام!

فى السابق، كان كبار مطربينا هم فايزة أحمد ومحمد عبدالوهاب ومحمد قنديل وفيروز. أما الآن، فإن سألت شابًا عمن يستمع إليهم، فلن تجده يعرف سوى ويجز وحمو بيكا!
لقد وصلت المغالطات إلى حد أن أحد الإعلاميين طالعنا قبل أيام بكلام غريب، قال فيه إن الفنانين الشباب من قوة مصر الناعمة، أمثال ويجز وحمو بيكا يتعرضون لهجوم رهيب، ونتعامل معهم بأسلوب التجريس، لأن ما يقدمونه يختلف عن أذواقنا!  فما الذى قدّمه هؤلاء للفن سوى أنهم أسهموا فى ترويج البلطجة والعنف؟! 

إن المقارنة بين الماضى والحاضر، ظالمة ومظلومة، لأنه لا وجه للمقارنة بين فنانى وإعلاميى هذه الأيام، ونظرائهم من الزمن الجميل، فالفرق كالمسافة بين السماء والأرض.
هذه رسالة مفتوحة للمطربين والفنانين والمثقفين: شاهدوا هذه البرامج، وتعلموا من سير أهل الفن والثقافة القدامى وهذا هو السبيل الوحيد الذى يقودنا إلى استعادة أمجاد مصر الفنية والثقافية من جديد. 

لا شك أن هناك سعيًا من القيادة السياسية فى الجمهورية الجديدة، وعلى رأسها الرئيس عبدالفتاح السيسى، إلى إعادة بناء القوة الناعمة، وهناك إيمان بأهميتها، التى لا تقتصر على أدوات القوة الفنية والثقافية فقط، بل التعليمية والدبلوماسية والاقتصادية والسياسية والدينية أيضا، وعلى الجميع القيام بدوره، لكى تعود مصر كما كانت قوة إقليمية لا يُستهان بها.
وأخيرًا وليس أخرًا ماسبيرو زمان هو باختصار وجدان الأمة العربية وثقافه وعلم وانتماء وولاء للوطن والاهل والاسره العربية.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة