أصالة نصري، ومنى ذكي ، ودينا الشربيني، و أحمد حلمي
أصالة نصري، ومنى ذكي ، ودينا الشربيني، و أحمد حلمي


النجوم أمام محاكم الجمهور !

ريزان العرباوي

الجمعة، 09 ديسمبر 2022 - 11:20 م

يربط الفنان بجمهوره عقد تتلخص بنوده على الاحترام المتبادل واحترام الخصوصية وخطوط الفنان الحمراء، في المقابل تلزم الفنان بتقديم فن هادف يحترم عقل الجمهور، فما يهم الجمهور هو الفن والقيمة الفنية في المقام الأول، دون الإلهاء في أحاديث جدلية تخص سلوك الفنان وتصرفاته وحياته الشخصية، وما أحدثته وسائل التواصل الاجتماعي وتحويل صفحات العالم الإفتراضي إلى صالة محاكم وقيام البعض بنصب المشانق وإطلاق المحاكم الشعبية وإصدار الأحكام على من يخطئ من الفنانين، وتناسوا أن الفنان أولا وأخيرا بشر وليس ملاك، قد يخطئ، فليس بالضرورة أن نتصيد أخطائه ونزواته أو هفواته لنهيل التراب على تاريخه الفني لمجرد سقطة تكون سببا في وأد فنه، ولا يعني ذلك أيضا أن الفنان فوق القانون، فالمبدأ ثابت والجميع سواسية أمام القضاء وفنه ليس حصانة له للخروج عن القانون.. والسؤال الذي يفرض نفسه مع كل حالة احتقان من الجمهور ضد أي فنان, إلى أي مدى يحق للجمهور التدخل في الحياة الشخصية للفنان أو الحكم على تصرفاته وتقييم سلوكه.

في الفترة الأخيرة تعرض عدد من الفنانين لهجوم عنيف من الجمهور على وسائل التواصل الاجتماعي لأسباب بعيدة عن الفن سواء لتصرف أو سلوك خارج عن القانون أو تصريح معين.

وحول علاقة الجمهور بالفنان علقت الناقدة خيرية البشلاوي قائلة: “لا يحق للجمهور بأي شكل التدخل في الحياة الشخصية للفنان أو إصدار أحكام على تصرفاته, وليس كونه نجم أو شخصية عامة, فيعطي ذلك الحق لأى إنسان بإصدار أحكام على تصرفاته وسلوكه وإخراجه من حساباته, فما يحدث الآن يدل على العشوائية والعبثية, فالعمل الفني هو البطل الحقيقي وليس سلوك الممثل ودور المبدع إسعاد الناس، فهو مطالب بتقديم محتوى جيد وأن يكون في ذات الوقت رقيبا على تصرفاته حتى لا يسقط من حسابات الجمهور”.

وتضيف: “حالة المراقبة الدائمة تلك تخلق نوع من الرغبة لدى الفنان بعدم رؤية البعض لصورته الحقيقة أو حتى التعامل بتلقائية حتى لا تهتز صورته في مخيلة جمهوره, وفي مقابل ذلك قد نجد نوع من الفنانين لديهم هوس الشهرة الذي يدفعهم للتواجد بشكل دائم على صفحات التواصل الاجتماعي، وهو نفسه من يقحم الجمهور في حياته الشخصية, فهو بنفسه فرط بحقه واستهان بخطوطه الحمراء, وتملكه الرغبة في التواجد عن طريق فضح أدق تفاصيل حياته في سبيل الحصول على مزيد من الشهرة, فعليه تحمل عاقبة أمره وسوء تصرفه”.

وتتابع: “كناقدة، لا تربطني بأي فنان معرفة شخصية مسبقة، وعلاقتي بهم تقتصر على ما يقدموه على الشاشة, إنما أمور الحياة الشخصية من زواج وطلاق أو سلوك خارج عن القانون أرى أنه اصطياد في الماء العكر، ونوع من التحرش والتطفل والتسالي الرخيصة المعتمدة على الفضائح, لأن المساءلة القانونية وفرض العقوبات هي من مهام القانون، وليس الجمهور القابع خلف شاشات الهواتف النقالة, والقانون دوره التصدي للجرائم والسلوك المنحرف وتطبيق العقوبات لكل من يخرج عن القانون وفقا لنصوصه وتشريعاته.. أما ربط هذا التطفل بضريبة الشهرة التي على الفنان دفع ثمنها فهو كلام عبثي, فتلك الضريبة المزعومة من أقرها.. هل نص قانوني؟.. طبعا لا, لكن تحجيم المسألة له علاقة بالأخلاق والقيم والسلوك العام, فهي مسألة أخلاقية بحتة والإنسان المثقف الواعي يعلم جيدا ان الحياة الشخصية ملكا للشخص نفسه وليست للمشاع حتى لو كان فنان أو شخصية عامة, طالما أنه لا يؤذي الآخرين ولا يرتكب فعل فاضح في الطريق العام فيساهم بنشر الفساد”.

اقرأ أيضًَا

فريدة سيف النصر بعد إصابتها بـ«الفيروس المخلوي»: «الموضوع مش هزار»

وتضيف البشلاوي قائلة: “تحويل صفحات السوشيال ميديا إلى ساحات لمحاكمة الفنان, يدل أن المجتمع ليس بصحة جيدة, فنحن نعاني منذ فترة من التلاعب بالأخلاق والتقاليد المجتمعية، وحتى هذا الجمهور الذي عين نفسه وصي على الآخرين ممن هم زبائن للسوشيال ميديا، وكرس وقته لملاحقة فضائح الآخرين والتشهير بهم, فهو لا ينتظر وقوع الخطأ من الفنان، بل يسعى للنبش في حياتهم, للآسف أصبحنا في تدني للأخلاق لدرجة قيام التليفزيون بحملات للتوعية والتمسك بالأخلاق الحميدة”.

واختتمت قائلة: “من يفرض وصاية على الفن أو الفنان فهو من وجهة نظري متطفل وعديم التربية، لأن كلمة تربية هنا تأتي بمعناه الواسع, والخلاصة.. على الجمهور أن يهتم بالأعمال الفنية وإبداع الفنان دون ملاحقة سقطاته، فليس له من الفنان سوى عطائه وإنتاجه، وفي المقابل يجب على الفنان أن يحترم فنه ومكانته وكونه قدوة لمحبيه, فكلما قدم رسائل إيجابية زاد احترامه وتقديره في حياته، وحتى بعد مماته”.

اختلفت الناقدة حنان شومان في الرأي مع البشلاوي, حيث ترى أن طبيعة عمل الفنان ووضعه تحت الأضواء وتحوله من شخص عادي إلى شخصية عامة ومشهورة سلبت جزء من حقوقه بفرض أسوار على حياته الشخصية وأعطى الحق للجمهور بمعرفة تفاصيل حياته، وبالتالي الحكم على تصرفاته إن اخطأ, وتقول: “لابد أن يصل الفنان إلى مستوى معين من النجاح في إقامة علاقة قوية مع الجمهور الذي يعتبر (ترمومتر) للفنان, وللوصول لدرجة مناسبة في هذه العلاقة، فهو بحاجة مستمرة  للحفاظ على مستوى علاقة جيد مع الجمهور، يتحقق من خلال القيمة الفنية لما يقدمه من أعمال، وله الحق في محاسبة الفنان فيما يقدمه من محتوى، بل ومحاسبته دون رحمة إن استهان بفنه وبعقل الجمهور، وقدم له وجبات فنية منتهية الصلاحية, وأرى أن العلاقة بين الجمهور والفنان تعتمد على أمور كثيرة، فلا يمكن تأطيرها ضمن قاعدة معينة، وهناك نقطة هامة يجدر الإشارة إليها، فمن يمتلك بوصلة التحكم في هذه العلاقة هو الفنان نفسه, بأن ينأى عن عرض حياته الشخصية على الملأ للحفاظ على وجوده، وبالتالي لا تهتز صورته أو تاريخه الفني, لكن من يعرض حياته ويجعلها مشاعا ليس من حقه أن يلوم على الجمهور إن أسقطه من حساباته أو أقام له المحاكم, فالإقتراب الشديد من شخصية الفنان قد يفقده القبول ومسألة الفصل بين الإبداع والمبدع قضية جدلية كبيرة حول مدى جواز هذا الفصل, وهذا الإقتراب الشديد قد يساهم في خلق صورة مغايرة للصورة المطبوعة في مخيلة المتلقي فيفقد الفنان رصيده لدى الجمهور.. أما من يوضع تحت بؤرة الضوء بشكل إجباري دون تدخل منه، خاصة وأنه كان حريصا على جعلها صندوقا مغلق, ويجد نفسه عرضة للقيل والقال لمجرد سقطة في حياته أعلن عنها بطريقة غير مباشرة، فهنا يقع اللوم على الجمهور إن تمادى في أخذ وضع القانون أو الواصي على سلوك الفنان, فالوضع الذي فرضه العالم الإفتراضي من هيمنة وسائل التواصل الاجتماعي جعلنا نعيش عصر الـ100 مليون ناقد، وللآسف يعتبر ذلك من مساوئ السوشيال ميديا التي جعلت من أصحاب العقول الخاوية والأراء المتضاربة العشوائية أصحاب شأن يقرأ ويتابع أرائهم عشرات الملايين, ولنكن متفقين أنها طبيعة عصر وأدواته”.

وتتابع: “فيما يخص فرض وصايا على الفنان والفن، فالجمهور له الحق في ذلك، لكن ليس بالمعنى المباشر، فالوصاية تكون على العمل الفني وليس الحياة الشخصية، ويأتي ذلك من منطلق كونه المتلقي والمستهدف بهذا الفن والمحتوى، ومن حقه إبداء رأيه وقبول أو رفض هذا الفن إن تعارض مع أخلاقه أو ذائقته الفنية, وهنا أطلق عليه رأي وليس وصايا، وهي حق للجمهور، أما فرض وصاية على فنان أو شخصية مشهورة قرر أن يجعل حياته صندوق مغلق فهو مرفوض، والمسألة مرتبطة بطرفي خيط, سلوك الفنان ذاته وسلوك الجمهور”.

من جانبها أبدت الفنانة فريدة سيف النصر غضبها من بعض التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب الهجوم على الفنانين, وكتب معلقة عبر صفحتها الخاصة على “فيس بوك”: “ينتابني الغضب الشديد لحالة الاحتقان ضد الفنانين لا أعرف السبب, فالشعب المصري معروف بخفة دمة وطيبته وجدعنته وكرم أخلاقه وذوقه.. لماذا التصيد والترصد؟، لماذا نختبئ خلف شاشات الهواتف لنحر رقاب بعض؟”.

وأضافت: “الكلمة القاسية كالسيف في ذبحها, وأصبح النكد سمة أساسية، فقدنا التمييز بين الجد والهزار، وأصبحت المعاملة تقاس بالمصلحة”.
وتابعت: “هناك حالة من التربص للفنان وكأن بينه وبينهم تار, تعليقات مؤذية نفسيا عن العجز والتقدم في العمر أو عن سلوك، وتصريح تارة هذا غير دينه، وتارة ذلك (دمه تقيل)، والأدهى من يحكم بالنهاية على فنان بقوله (كفاية عليك كدا روح موت)، وتناسوا كم أسعدهم ذلك الفنان بأعماله على فترات من الزمن, وكأنه مخطط لهدم الفنانين, يكفي هدم في الفن, أنتقدو السيء، لكن بأدب، وشجعوا الجيد، دون التقليل من قيمة أي فنان ومشواره الفني”.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة