الروبوتات في الجامعات المصرية
الروبوتات في الجامعات المصرية


آلات مصرية ذكية تقوم بدور الطبيب والتمريض.. «الروبوتات» تغزو الجامعات

آخر ساعة

السبت، 10 ديسمبر 2022 - 12:23 م

الذكاء الاصطناعى من أهم التقنيات المتطورة التى تؤهل الشباب لاستقبال التقدم العلمى والتكنولوجيا الحديثة. ويبدو أن الروبوتات الحديثة قد غزت جامعاتنا، فقد أنشئت فى مصر مؤخرا عِدة كليات بالجامعات الحكومية وكذلك جامعات أهلية جديدة تؤهل خريجيها لوظائف المستقبل، حيث شهدت طفرة جديدة من التكنولوجيا حينما أدخلت الروبوتات وأساليب المحاكاة إلى قاعات الجامعة، لتسهيل عملية التعلم وتزويد المعلومات للطالب بأسلوب أكثر كفاءة.

فى هذا التحقيق التقت «آخرساعة» أساتذة الجامعات وبعض الطلاب الذين استطاعوا استخدام الذكاء الاصطناعى فى طلب العلم والاستفادة منه وتطبيقه فى اختراع آلات تكنولوجية حديثة تخدم المجتمع.

الدكتـــور رضــــا عبدالوهــاب، عمـــيد كليــة الحاسبات والذكاء الاصطناعــى بجــامعة القاهرة، يؤكــد أن إضـافة مجال الذكاء الصناعــى إلـى مناهــج الكليــة من أهــم الأمــور التى تفــيد الطـــلاب فـــى مــواكبــة العلـم والتطور التكنولوجى العالمي، مشيرًا إلى أن المناهج الدراسية تنقسم لجزءين، أولهما التعريف بالمعلومـــات الأســــاســـيـة عـــن البرمجـــــيات والثانــى مــرتبــط بالتخصصات الدراسية. ويطبق الطـــلاب مــا يدرســـونه عمـليًا عبر تنفيذ مشروعات سنوية بالإضافة لمشروع التخرج النهائي، وتتسم هذه المشروعات بتقديم فكرة لحل مشكلة واقعية مثل استخدام البرمجيات فى تقديم علاج لمرض السرطان، أو لتحديد بصمة الإنسان، بالإضافة لبرامج خاصة بالمدن الذكية تساعد فى التحكم بمختلف الأجهزة عن بُعد، وكل ما يقدمه الطلبة من مشروعات نماذج أولية للفكرة لكنها تحتاج للمشاركة مع جهات صناعية لتطبيقها وتنفيذها فى شكل منتج حقيقي.

روبوتات الجراحة

فيما يوضح الدكتور طارق يوسف، أستاذ الجراحــــة ومـــدير مستشــفــى الدمــــرداش الجراحي، أن روبوتات الجراحة من أهم أمثلة الذكاء الاصطناعى التى استطاعت أن تخدم المجال الطبى بقوة، وحاليا هى مازالت تعمل تحت توجيهات الطبيب عن بعد ونأمل فى تطويرها لاحقًا لتنفيذ العمليات بالكامل دون تدخل الطبيب. لأن دقة الروبوت فى إجراء الجراحة أفضل، وتكبير الصور فى العمليات يكون ذا جودة أعلى، كما أنها لا تتسبب فى أى جروح تذكر وتقلل المضاعفات وفترة إقامة المريض بالمستشفى. منوها بأن استخدام هذه الروبوتات لا يصلح للطلاب أثناء سنوات الدراسة، فيكون ذلك بعد التخرج وأثناء الدراسات العليا فقط.
ولم يقتصر استخدام الذكاء الاصطناعى على الجراحات فقط، فهناك أيضًا الروبوت التمريضى الذى يقدم بعض الخدمات العلاجية للمرضى، مع إمكانية تقديم العلاج عن بعد فى بلاد أخرى عن طريق التواصل إلكترونيا معها لإرسال الفحوصات اللازمة ويتم مباشرة الحالة من قبل الطبيب المختص وتقديم العلاج.

مجالات الذكاء الاصطناعى

من جانبه، تحدث الدكتور محمد جابر، عميد كلية علوم وهندسة الحاسب بجامعة الجلالة، عن مفهوم الذكاء الاصطناعى الذى يربطه الكثيرون بشكل الإنسان الآلى «الروبوت»، ولكن هذا ليس دقيقاً، فالذكاء الاصطناعى يعتمد على نوعين من المكونات أحدهما مُصمت ليس به أى نوع من الذكاء يعرف بـ«الهارد وير»، والثانى يعرف بحزمة البرامج التى يمكن جعلها تحاكى العقل البشرى فى طريقة التفكير واتخاذ القرار عن طريق البرمجيات ويعرف بـ«السوفت وير».

التعلم العميق

ويرى أن السبب وراء هذه القفزة الهائلة فى عالم الذكاء الاصطناعى هو ما يعرف بـ«التعلم العميق»، الذى بدأ بالفعل قبل عشر سنوات، وهو عبارة عن شبكات عصبية اصطناعية يتم برمجتها تلقائيًا عن طريق خوارزميات معقدة لتقوم الآلة بمحاولة اكتشاف العالم من حولها بدون تدخل الإنسان.

واعتمدت جامعة الجلالة بشكل كبير على الذكاء الاصطناعى فى مختلف مجالاتها وأصبح أساس الكثير من البرامج التى يجرى تدريسها، ولعل الروبوتات التى تحاكى المرضى من أبرز الأمثلة فى كلية الطب، والتى تقدم للطلبة نموذجًا جيدًا يمكن التدريب عليه والتعامل معه بسهولة لاكتساب الخبرة فى السنوات الأولى من الدراسة ليستطيعوا التعامل مع المرضى فيما بعد بكل دقة، وتتميز هذه المجموعة من الروبوتات باحتوائها على خصائص إحصائية للغات التى تم تزويدها بما يتعدى مليارات الخلايا العصبية الاصطناعية لتجعل لدى الروبوت قدرة على التحدث مع الآخرين والرد على الأسئلة الموجهة إليه.

روبوتات المحاكاة

ويقول الدكتور يحيى أبوخطوة، المدير التسويقى لجامعة الجلالة، إن الروبوتات التى تحاكى المرضى تتكون من الروبوت «أليكس» وأسرته والتى تقوم بتمثيل دور المرضى لمختلف الفئات والتخصصات، حيث يمكنها التحدث مع الطلاب حول معاناتها بسبب أمراض مختلفة، ويتم التعلم على هذه الروبوتات من قبل طلاب كليات الطب البشرى وطب الأسنان فى السنتين الدراسيتين الأولى والثانية، حيث يستطيع الطالب إجراء الكشف الطبى على الروبوت داخل معمل المهارات بالجامعة والتدريب على سحب عينات دم للتحاليل وقياس الضغط والنبض وغيرها من إجراءات التشخيص.

التجربة الواقعية

من جانبه، يوضح سامر طارق عيسى، الطالب بالفرقة الثانية بمجال طب جامعة الجلالة، تجربته فى التعامل مع الروبوت «أليكس» وزوجته، مؤكدًا أن هذه الآلات التى تحاكى المرضى من أهم نماذج الذكاء الاصطناعى الذى قدمته جامعة الجلالة لطلابها للتعليم والتدريب العملى عليها، وأوضح أن التعامل معهم لا يختلف عن التعامل مع الإنسان الطبيعى فى المستشفيات، وما يحدث هو أن الكلية تحدد مدة زمنية للامتحان العملى على الحالة المرضية والتى تصل لـ10 دقائق يتم من خلالها التحدث مع الروبوت والبدء بإلقاء التحية عليه وتعريف الطبيب بنفسه، ليقوم هو بالرد عليه مهما كانت اللغة التى تحدث بها، ثم يبدأ فى سؤاله عن شكواه ليحدد له أماكن الألم والأعراض التى يشعر بها، ثم يقوم الطبيب بالكشف وقياس الضغط والسكر وضربات القلب، وإذا استدعى الأمر يمكن أخذ عينة من تحاليل الدم أو إعطاء المريض محلولا وريديا من خلال تركيب الكانيولا، ثم متابعة الحالة ومدى تحسنها من عدمه.

وجدير بالذكر أن الروبوت يتنفس مثل الإنسان الطبيعى تمامًا، وأيضًا توجد نبضات الدم فى أماكن الجسم الطبيعية، وقد تتوفى الحالة ويتوقف كل ذلك، وفى أحيان أخرى يحتاج الروبوت لدخول العمليات، وعلى الطالب تجهيزه وتخديره بشكل تام.. كل ذلك يمكن للطبيب المسئول عن الطلاب متابعته جيدا من خلال قيام الكاميرا الموجودة فى عين الروبوت بتسجيل كل ما يحدث داخل الغرفة وعرضه لديه من خلال التابلت الخاص به والذى يمكن متابعته من أى مكان والتحكم بكل إمكانياته من تغيير نوع المرض وتحديد التشخيص المطلوب.

ابتكارات مصرية

من جانبهم، استطاع عدد من الطلاب بجامعة الجلالة استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعى فى تصميم روبوتات من الألف للياء مع تطويرها سنويًا حتى الوصول لأفضل نتائج تخدم المجتمع. ويقول فارس حسن، الطالب بالفرقة الثانية ببرنامج علوم الذكاء الاصطناعي، إنه استطاع مع ثمانية طلاب ابتكار روبوت وظيفته السير فى الصحراء للبحث عن المواد الخام واكتشاف أماكنها. ومر الروبوت بعدة مراحل فى تصميمه ومازال العمل مستمرًا لتطويره، فالآن تم تصميم الشكل الخارجى مع تزويده باللغات وإمكانية التحدث مع الآخرين وفهم لغتهم والرد عليهم، بالإضافة للانتهاء من بقية الإمكانيات التى تنفذ طرق البحث عن المواد الخام من بترول وغاز ومعادن تحت الأرض، وأن يقوم بذلك من تلقاء نفسه دون إعطائه أمرًا، ويرسل الروبوت تقريرًا بما وصل إليه يوميًا مع تحديد مكان الموقع وإرساله على التطبيق الخاص به مباشرة.
ويوضح أن هذا الروبوت يشبه سيارة الأطفال الصغيرة ويعمل حاليا ببطاريات الليثيوم القابلة للشحن، ويجرى العمل حاليًا على تحويلها للشحن من خلال الطاقة الشمسية أو من خلال تنفيذ محطة شحن يستطيع الروبوت أن يذهب إليها من تلقاء نفسه بمجرد اقتراب نفاد البطارية ثم يعود للبحث والتنقيب.

فيما يقول شريف كامل، الطالب بالفرقة الأولى ببرنامج هندسة الذكاء الاصطناعى وهندسة الكمبيوتر، والمشارك فى المشروع الحديث: هذا الروبوت نسخة مصغرة من الروبوت المصمم من قبل وكالة «ناسا» للسير على سطح كوكب المريخ، لكننا صممناه بخصائص مشابهة للسير على رمال وصخور الصحراء ويستطيع معرفة الاتجاهات دون أن يصطدم بشيء. وما نعمل عليه الآن فى مراحل التطوير هو تركيب وحدة الكاميرا ليبدأ فى التصوير والتسجيل لأى محادثات أو اكتشافات يصل إليها، كما تم تنفيذ تطبيق على الموبايل للتحكم بالروبوت عن طريق البلوتوث ومتابعة الاختبارات الجديدة عليه أولا بأول، وجدير بالذكر أن تطبيق الموبايل متاح منه نسختان إحداهما مخصصة لفريق العمل والأخرى لمن يفضل خوض التجربة بنفسه.

من ناحية أخرى، تشير الدكتورة ليلى شكرى مدرس ببرنامج هندسة الذكاء الاصطناعى بجامعة العلمين، إلى أن برامج علوم وهندسة الحاسبات والذكاء الاصطناعى من أقوى البرامج الدراسية التى تطرحها جامعة العلمين الدولية من خلال أحدث المناهج والشراكات الدولية والمحلية، وأيضا من خلال التطبيق العملى فى أحدث المعامل المجهزة بأعلى الإمكانيات العالمية. حيث يتمكن الطالب من تطوير نماذجه الأولية وتجربتها ومراقبة قياساتها من خلال حزم معدات تطوير تدمج الذكاء الاصطناعى وإنترنت الأشياء، كمثال يمكن للطالب التدريب على تجميع وبرمجة منزل ذكى مصغر بكل مكوناته ودوائره ووحدات الاستشعار المتصلة به أو نموذج سيارة بنظام قيادة آلى أو روبوت، بالإضافة لتوفير معامل الواقع الافتراضى والحواسيب فائقة الأداء المخصصة لمعالجة البيانات الضخمة والتعلم الآلى والعميق.

وقد قام طلاب من علوم وهندسة الحاسبات فى مشروعاتهم بتصميم برامج تستخدم التعلم الآلى فى مجالات مختلفة مثل التعرف على أنماط محددة فى نصوص وسائل التواصل الاجتماعى والتعرف على لغة الإشارة والأخبار المزيفة على الإنترنت وغيرها من التطبيقات فى مجالات طبية وأمنية مختلفة، كما قاموا ببرمجة بعض الألعاب التى تعتمد على الذكاء الاصطناعي. وتمكن الطلاب من الحصول على شهادات من شركات وجامعات عالمية فى مجال الذكاء الاصطناعى والتقنيات الحديثة الأخرى. وقد أهَّل كل ذلك الطلاب المتفوقين للسفر فى منحة والعمل على مشروعات فى جامعة لويفل بأمريكا خلال فترة الصيف تستخدم الذكاء الاصطناعى فى المجال الطبى ومجال التكنولوجيا الحيوية.

أقرأ أيضأ :متى يتحول الذكاء الاصطناعي إلى «قاتل»؟
 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة