علاء عبدالكريم
علاء عبدالكريم


علاء عبدالكريم يكتب: أب شرير.. وطفل مسكين

أخبار الحوادث

الأربعاء، 14 ديسمبر 2022 - 03:27 م

الكاتب لا يكتب إلا وهو قلق؛ هذه هي قناعاتي فكيف لي أن أمسك بالقلم دون أن تتصارع بداخلي الأفكار، وكيف لعقل أن يُبدع وهو يسير وفق منطق المألوف والمتعارف عليه؛ فليست الفنون فقط هي التي يلصق بها وصف الجنون كما يحلو لأهلها أن يصفوها؛ والكتابة ايضًا جنون حتى وإن كانت احيانًا ضد القوالب الثابتة؛ لكنها – وهذا ما يميزها - في النهاية تخاطب عقل القارئ وليست غريزته.

ولأنني ما زلت باقيًا في استهلالي؛ أقول إن الشخص الذي يرتكب جريمة ما قديمًا أو حديثًا باختلاف الجيل – على غموض هذا المصطلح –على كل فأنا أقبله كضرورة لازمة عند التعريف به بـ تعاقب الأزمنة وتنوع الحضارات، مرة أخرى أؤكد أن المجرم في التاريخ القديم أو الحديث سلوكه واحد لم يتغير كذاب، همجي، مخادع، يمارس أعمال الشر وهو يراها من البطولة؛ هدفه الوصول إلى غايته لا تحرك مشاعره دموع رجل أو امرأة، طفل صغير أو شيخ كبير لا يتورع عن أن يؤذي مشاعر الآخرين حتى ولو كانوا أقرب الناس إليه؛ زوجته وأم أولاده مثلًا..؛

الأب الذي مارس فعل الشر إلى الدرجة التي يحرم فيها الأم التي هي لا تزال زوجته من ابنها كما في الجريمة التي تسردها زميلتنا المتخصصة في ملف الأسرة هبة عبد الرحمن؛ وعلى طريقة أفلام المافيا المثيرة اعترض بسيارته «باص المدرسة» الذي يقله الصغير وبواسطة مجهولين لا نعرف إن كانوا مستأجرين من أرباب السوابق أم أصدقائه من مؤيدي فعل الشر أرباب القلوب الميتة؛ أحدهم تولى أمر السائق مهددًا إياه أن يلوذ بالصمت حرصًا على حياته؛ لبصعد الأب وسط ذعر وخوف وهلع الصغار وصراخ مشرفة الباص التي ترجوه أن يترك الصغير وهي لا تزال غير مصدقة أنه أب، مغادرًا بعدها أتوبيس المدرسة يضع ابنه في سيارته لينطلق بعدها تاركًا الجميع – سائق وتلاميذ صغار ومشرفة الباص – تحت حصار الخوف.

مشهد يغم النفس وتضيق به رحابه، خاصة مع تكراره في غياب نص قانوني واضح وصريح يجرم خطف الأبناء على يد الأب أو الأم، حيث تواجه الحاضن الكثير من العراقيل التي تعيقها عن استرداد ابنائها مثل أن القانون يطالب الأم بتحديد مكان الأب بنفسها أي مطلوب منها أن تخاطر بحياتها وتتقمص دور المخبر السري الخاص في الأقلام الأمريكية، مما يزيد صعوبة الأمر لأن أغلب الآباء الخاطفين يختبئون ومنهم من يسافر خارج البلاد بأبنائه، الأمر الذى يجعل الطفل ضحية مرتين، الأولى ضحية خلافات الأب مع الأم، والثانية ضحية عملية الخطف نفسها دون مراعاة لشعوره وسلامته حين يتهدده الخطر أثناء عملية الخطف؛ الأدهى والأمرّ أن هذا الأب الذي تتناول زميلتنا النابهة جريمته بالتفصيل وبأسلوبها المميز في هذا العدد يصل به التحدي والإمعان في الشر إلى حد أن يتصل بزوجته يهددها أنه يخطط الآن لخطف طفله الثاني كي يحرق قلبها عليهما معًا.

للأسف هذه الجريمة والتي يجب أن ينتبه إليها المشرع ليست نادرة ولا قليلة؛ فأتذكر على سبيل المثال لا الحصر جريمة الأب الذي خطف ابنه البالغ من العمر ثلاث سنوات بالمرج لمعاقبة زوجته بسبب الخلافات المتكررة بينه وبينها خاصة وأنها حاضنة الطفل دون مراعاة حاجة الطفل لأمه في هذا السن، وبعدها بأيام قليلة كانت هناك جريمة مشابهة جرت أحداثها بمحافظة الفيوم؛ حين قام أب بخطف ابنه وأخفاه في منزل أحد أصدقائه بمدينة 6 أكتوبر وبعدها عاد الأب مرتديًا ثوب البراءة مثل الذئب الذي يتقمص دور الحمل الوديع؛ ليدعي أن الطفل مخطوف من قبل مجهولين والغرض من كل هذا الحصول على فدية مالية كبيرة بحيث يجبر أفراد العائلة على دفع المال بينما هم يظنون أنهم يتعاونون لإنقاذ الطفل.

وبعد كل هذا أجدني أسأل في حيرة؛ هل كان زواجًا حقيقيًا أم علاقة نشأت منقوصة حد الاغتراب، عاطفة مشوهة جمعتهما لا نعرف خلالها من هو السئ ومن هو الجيد؟!، وأجدني في النهاية أقول بحسرة وألم بعدما تزايدت نسب الطلاق بشكل غير مسبوق بجسب بيان الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء الذي كشف عن أن نسبة الطلاق في عام 2021 ارتفعت بنسبة 14.7 بالمئة مقارنة بالعام الذي سبقه 2020؛ أن هناك جرح غائر في الأسرة المصرية لا يزال يقطر دمًا.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة