خيري الكمار
خيري الكمار


خيري الكمار يكتب: الفن والدولار

خيري الكمار

الخميس، 15 ديسمبر 2022 - 01:57 م

في ظل الأزمات الإقتصادية التي تمر بها مصر والبحث عن حلول لها، لا أحد يفكر في أن الفن يمكن أن يكون أحد أهم الحلول لهذه الأزمات الإقتصادية، أو بمعنى أدق صناعة الفن، خاصة السينما والدراما التليفزيونية والموسيقى والغناء، وهذا ليس كلام مرسل، بل هناك أدلة عديدة عليه، وقبل أن أتحدث عن الدول التي يعد صناعة الفن أحد أهم مصادر دخلها القومي، أذكركم أن صناعة السينما في مصر خلال فترة الستينيات من القرن الماضي كانت ثاني أهم مصدر دخل لمصر بعد زراعة القطن وتصديره، حيث كانت تعرض الأفلام المصرية بدور العرض في كل الدول العربية، وكان لهذا أهمية أخرى بجانب الدخل المادي، لكن دعونا من هذه النقطة الآن، لنركز فقط في موضوع مدى أهمية صناعة الفن في تحقيق مصدر دخل قومي يمكن أن يساعد على تجاوز الأزمات الإقتصادية الطاحنة التي نمر بها، فلك أن تعلم عزيزي القارئ أن الهند تعتمد على صناعة السينما منذ عشرات السنين كأحد أهم مصادر دخلها القومي، وأضافت في السنوات الأخيرة الماضية صناعة الدراما التليفزيونية إلى صناعة السينما، فالهند تنتج سنويا الآن حوالي 1600 فيلما سينمائيا، وتتفوق بهذا العدد من الأفلام على صناعة السينما في الولايات المتحدة الأمريكية، وتعرض عدد ضخم من بين هذه الأفلام التي تنتجها في العديد من دول العالم وتجني من توزيعها الخارجي حوالي 10 مليار دولار، وأصبحت تجذب إستثمارات خارجية في صناعة السينما، حيث بدأت في السنوات الأخيرة أهم الشركات الأمريكية مثل “فوكس” و”ورانر” و”ديزني” وغيرهم من كبرى شركات الإنتاج السينمائي الأميريكية في إنتاج أفلام هندية وتصويرها بالهند، وعرضها في كل دول العالم، وبعضها تعرض مدبلجا بلغات مختلفة، والمفاجأة أن أكثر الإيرادات الخارجية للسينما الهندية تحققها من خلال عرضها في دول الشرق الأوسط، خاصة دول الخليج، ولهذا بدأت دولة الإمارات في الإستثمار أيضا في إنتاج الأفلام الهندية، ولم تكتف الهند من أرباحها في مجال صناعة السينما فقط، بل بدأت منذ سنوات في التركيز أيضا على صناعة الدراما التليفزيونية، ونجحت في هذا الأمر، وأصبحت المسلسلات الهندية تغزو شاشات ومنصات العالم، خاصة العربية منها، وحققت من خلال ذلك أرباحا ضخمة، أما المفاجأة الكبرى فهي دولة كوريا الجنوبية، والتي كانت لا تملك أي تاريخ في صناعة الفن، لكنها منذ بداية هذه الألفية بدأت في وضع خطة طموحة للإستثمار في صناعة الفن، لتجني ثمار هذه الخطة في السنوات الأخيرة، بعد أن أصبحت الأفلام والمسلسلات الكورية تعرض في كل دول العالم، وعلى أهم المنصات العالمية، وتحقق لكوريا أرباحا بمليارات الدولارات، بالإضافة لحصدها لأهم الجوائز في كل المهرجانات العالمية، ولم تكتفي كوريا بالإستثمار في صناعة السينما والدراما فقط، بل أتجهت إلى الموسيقى والغناء لتنجح في ذلك أيضا، وتسيطر الموسيقى الكورية على العالم، من خلال الفرق الغنائية، وتجني أرباحا ضخمة.

والتجربة الهندية والكورية في تحقيق أرباح ضخمة من صناعة الفن يمكن أن تنجح فيها مصر، إذا بدأنا فورا في التفكير بتنفيذها، مع دعم كل أجهزة الدولة لها، فنحن نمتلك من التاريخ ومن الفن والفنانين ما يساعدنا على ذلك، ونحتاج فقط إلى عمل ودعم الجميع من أجل إنجاح هذه التجربة، إذا تخلصنا من المحسوبية والتفكير خارج الصندوق بمتخصصين موهوبين سوف يكون الفن مصدر للدولار بأرقام ضخمة.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة