الخميس، 15 ديسمبر 2022 - 08:03 م

بداية انطلاقة جديدة للعلاقات الأمريكية الأفريقية شهدتها القمة المهمة التى استضافتها واشنطن على مدار الأيام الثلاث الماضية، بداية ترتكز على أن أفريقيا شريك استراتيجى مهم لأمريكا والعلاقات يجب أن يحكمها الاحترام والمصالح المشتركة، أمريكا لم تعد الأب الذى يلقى العظات لكنها شريك يستمع، وعليه أن يستجيب.

التحول الأساسى جاء من النفوذ الصينى الروسى الذى يتمدد فى أفريقيا على حساب أمريكا طوال السنوات الماضية، حتى وصل التبادل التجارى بين الصين وأفريقيا أربعة أضعاف التبادل مع أمريكا، عندها تأكدت واشنطن أن حاجتها للبداية الجديدة أهم من حاجة أفريقيا، وقبل ثلاثة شهور أعلن بلينكن وزير خارجية أمريكا الاستراتيجية الجديدة لواشنطن مع دول جنوب الصحراء الأفريقية وبدأ التمهيد لقمة الأيام الثلاث بحضور مصر المدخل الحقيقى لأفريقيا ورمانة ميزان القارة وجنوب أفريقيا ونيجيريا الدولتين المحوريتين، القمة حضرها زعيم مصر الرئيس عبدالفتاح السيسى ورؤساء دول وحكومات ٤٩ دولة أفريقية والرئيس الأمريكى بايدن ولم يتغيب سوى خمس دول أفريقية، بما يعكس الجهد الأمريكى الكبير لضمان حضور أفريقى واسع وقوى لتكون بداية حقيقية لعلاقات قوية تضمن عودة أمريكا لأفريقيا، الوعود الأمريكية جاءت قوية بتقديم ٥٥ مليار دولار خلال ٣ سنوات لمشروعات التنمية بدول القارة ودعم حصول أفريقيا على مقعد دائم بمجلس الأمن وضم الاتحاد الأفريقى لمجموعة العشرين، وأيضا إعلان بايدن أن السنوات القادمة ستشهد إطلاق أكبر منطقة تجارة حرة بين أفريقيا وأمريكا ليصل التبادل التجارى خلالها إلى حوالى ٢،٥ تريليون دولار .. كلام جميل والمهم الالتزام وتنفيذ التعهدات.

كلمات زعيم مصر الرئيس السيسى فى يوم القادة أمس بمركز المؤتمرات بواشنطن كانت قوية ومعبرة، رسالة تستكمل بها مصر رؤيتها القيادية للقارة منذ تولت رئاسة الاتحاد الأفريقى ..

أفريقيا بحاجة لجهود دولية وأمريكية واضحة وقوية لدعم البنية التحتية وحركة التجارة والاقتصاد، فى حاجة لدمجها فى التجارة العالمية بدرجة أكبر وبتعويضات عن تأثيرات المناخ التى لم تشارك فى أحداثها وتدفع ثمنها، مصر تمتلك رؤية واضحة لمشاكل القارة والحلول الواجبة والمهم أن تلعب أمريكا والدول الكبرى دورا إيجابيا فى الحل، وأن تكون البداية من دعم الاقتصاد والتجارة وخلق فرص عمل لقارة شابة سيصل سكانها عام ٢٠٥٠ إلى ربع سكان العالم، مع دعم الأمن والاستقرار ومواجهة الإرهاب والتطرف.

وكما كانت القمة انطلاقة جديدة لعلاقات أمريكا وأفريقيا بمشاركة ناجحة وقوية لمصر والر ئيس السيسى، فكذلك كانت زيارة الرئيس ولقاءاته مع قادة الكونجرس من الحزبين الديمقراطى والجمهوري ومع وزيرى الخارجية بلينكن والدفاع لويد أوستن، ولقاءاته مع الرئيس الأمريكى بايدن خلال مأدبة العشاء مع القادة الأفارقة أول أمس، وداخل مركز المؤتمرات فى يوم القادة أمس مناسبة مهمة للتأكيد على العلاقات الاستراتيجية التى تجمع البلدين والشعبين الصديقين، أمريكا تحترم دور مصر المحورى والقيادى لإرساء الأمن والسلام بالمنطقة، وكما قال وزير الدفاع هناك احترام كبير لروح القيادة المتزنة والفاعلة التى يمتلكها الرئيس عبدالفتاح السيسى.

الرئيس يختتم زيارته الناجحة لواشنطن بعد لقاءات مهمة مع كل أصحاب القرار فى واشنطن، ومشاركة فاعلة مهمة فى القمة الأفريقية الأمريكية .. والان على واشنطن أن تنتقل من مرحلة الوعود إلى التنفيذ ..