السلام الوطنى رشح الأرجنتين.. والبشرة السمراء بـ«نصف» انتماء
السلام الوطنى رشح الأرجنتين.. والبشرة السمراء بـ«نصف» انتماء


«نكش الديوك» لم يحرم التانجو من الرقص

السلام الوطنى رشح الأرجنتين.. والبشرة السمراء بـ«نصف» انتماء

الأخبار

الإثنين، 19 ديسمبر 2022 - 09:05 م

كان نهائى المونديال أغرب من الخيال..ليس فى اللعب فقط أو النتيجة وإنما فى السيناريو الذى لعب بأعصاب ومشاعر العالم بين الملل والأمل والعجب  والدهشة والمفاجأة والصدمة، وبين كأس يتنقل بين منتخبى فرنسا والأرجنتين خلال ساعتين ونصف الساعة بحركة سريعة تتحرك معها القلوب..طوال 80 دقيقة كان الملل سيد الموقف لأن تانجو الأرجنتين رقص وحده فى الملعب وكأنها مباراة ودية ، إلى أن تخلص ديشان من لاعبى العطر الباريسى واستبدلهم بنمور سمراء هائجة فركشت المنظومة الأرجنتينية فى الملعب ..وإذا بالرئيس ماكرون الذى جلس مكتئباً من النتيجة وسوء الأداء يخلع الجاكيت وتنفرج أساريره ويقف مذهولاً من عودة الأفارقة يحملون فرنسا الأوروبية على أكتافهم ويحفظون ماء وجه الرجل الأبيض.


هى أفريقيا التى لعبت النهائى وكادت أن تكسب..لم يكن ينفع مع حمية وغيره الأرجنتين اللعب ''الطرى'' ونكش الديوك المزركشة بل كان العلاج فى رجل الغابة الإفريقى يساعد مبابى فى معركته الخاصة مع ميسى والتى كاد أن يكسبها لكنها كرة القدم الساحرة المذهلة التى ترفع شعار ''العمر لحظة'' أمام المرمى ..وكما راحت وجاءت الكأس أكثر من مرة راح المجد إلى ميسى ومبابى أكثر من مرة أيضاً..ولأننى أحب ماوراء الحدث فقد حرصت على التدقيق فى وجوه لاعبى المنتخبين قبل المباراة وبالذات عند عزف السلام الوطنى لأن الحالة النفسية والمعنوية وحجم التحفز يساوى نصف مؤهلات الفوز..وفوراً توقعت أن تكون الأرجنتين أقرب إلى النصر لأن لاعبيه يرددون النشيد الوطنى وكأنهم فى طابور ثكنة عسكرية يتأهبون للقفز فوق دباباتهم ومصفحاتهم والتوجه إلى الجبهة.

هكذا تعودت على مشهد الروح الأرجنتينية الوطنية من أيام مارادونا والتى امتدت إلى أيام ميسي.. فى المقابل رأيت نجوم البشرة السمراء يرددون نشيداً أوروبياً وكأنهم يدندنون مع أم كلثوم...تختلط أصولهم الإفريقية مع وظيفتهم الأوروبية فلا تصعد انفعالاتهم لتحلق..والديوك أصلاً لاتطير.. ربما عندى انطباع أنهم موظفون فى المنتخب الفرنسى لاتجمعهم به مشاعر انتماء مكتملة ..هم يحتاجون إلى شحن زائد..أن يبيت الشاحن التحفيزى فى بريزة الكهرباء..والبدلاء الذين قلبوا الموازين تم  شحنهم 80 دقيقة على الدكة قبل نزول الملعب..وكنت أنظر إلى ديمبلى المتسبب فى ضربة الجزاء فلا أرى فى وجهه أى علامة عن الندم أو الأسف أو الأسي..حتى نجما البشرة البيضاء جريزمان وجيرو رأيتهما وقد أصابتهما عدوى البلادة.. وتكتمل الدهشة أن يمر منتخب الأرجنتين من ثلاثة عوائق ترجيحية فى البطولة وكأنه مبرمج على فتح مرماه فى ربع الساعة الأخير..وفى النهاية أتخيل أن الراحل الكبير الكابتن محمود بكر سمع وعرف وهو فى الجنة أن عدالة السماء هبطت على الملعب لتمنح الأرجنتين حقاً كاد أن يضيع..
أما عن المباراة نفسها ..فإن الـ80 دقيقة لم تكن فى احتياج لنركز على ماذا يفعل ميسى ومبابي..كانت بين فريقين أحدهما ذاكر وراجع منهج المباراة  النهائية وحل كل الأسئلة ولم يكن كل رهانه على الولد الشاطر ميسي..والآخر مر مرور الكرام على المنهج وركز على نفسه ولم يفتح كتاب الأرجنتين وركز رهانه على مبابى ولم يدرك أن الإمتحان الأخير هو الذى يضحك فيه التلميذ أخيراً..هو الثانوية العامة التى تحدد مهنتك ومستقبلك وأنه لامكان لامتحانات سابقة ''إبتدائى وإعدادي''..وقبل نهاية الوقت الأصلى بعشر دقائق بدأت مباراة أخرى كان فيها النجمان ميسى ومبابى على المحك وفى سباق خاص نحو المجد ..فعندما اتزنت المباراة بين الفريقين كان لابد من ''عراب'' تكون له الكلمة الحاسمة فى تغليف كفة على كفة أخري..وتغلب أمير الدهاء ميسى على متسابق الفيرارى مبابى بعد معركة شخصية ملتهبة وشديدة الإثارة..أما ركلات الترجيح فهى تخصص أرجنتينى فى البطولة..بينما كان الفشل متوقعاً لفرنسا لأنه فى غمار تفكير ديشان فى تعديل التأخر أخرج من يريدون التسديد ولم يبق له إلا ''الهجانة'' ناقصى الخبرة.

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة