عاطف زيدان
عاطف زيدان


يوميات الاخبار

الحب فى الزمن الصعب

عاطف زيدان

الأحد، 25 ديسمبر 2022 - 07:41 م

«الحب فى رأيى هو روح الحياة. وأى حياة بلا حب، هى فى الحقيقة مجرد جيفة لا حياة فيها. فالحب هو الذى يضفى على الوجود وجودا جميلا عطرا.

لا أتصور الحياة بدون حب. فالحب فى رأيى هو روح الحياة. والحب هنا لا يقتصر على العلاقة بين الرجل والمرأة. إنما صيغة التعامل الإنسانى الراقى مع كل المخلوقات، سواء كان إنسانا أو حيوانا أو حتى نباتا، وصولا الى علاقة مثالية مع الله سبحانه وتعالى. وتتجلى قيمة الحب فى الأوقات الصعبة. حيث يستطيع تخفيف وطأة تلك الظروف من خلال إحساس المرء بمشاركة الآخرين له، سواء كان شخصا أو جماعة. وقد شغل الحب كل الفلاسفة منذ القدم.

واختلفت نظرتهم له؛ فمنهم من يراه  سلسلةً من المشاعر والأحاسيس التى تسيطر عليها الرغبة الحيوانيّة، مثل  أفلاطون الذى يصف الشخص الباحث عن الحُبّ بأنه نصفٌ يبحث عن نصفه الآخر، كما رأى أنّ الحُبّ هو الطريق نحو التحرر الفكرى والعاطفى الذى يقود الإنسان إلى حُريّته. أمّا أرسطو فقد خرج بنظرية تفيد بأنّ الحُبّ هو علاقة تعبّر عن جسَدَين بروح واحدة، وقال فى الحُبّ إنّه شيء لا مُنتهٍ، فالحُبّ الذى ينتهى لا يكون حُبّاً حقيقياً، كما عبّر عن الحُبّ بأنه أسطورة من الأساطير التى تعجز البشرية عن إدراك ماهيتها، ولا يعبّر عنها إلّا من صدقها فى معناها، ومن وجهة نظره فإنّ الحُبّ قوة لا يمكن إدراكها أو شرحها، وهى ما تُدخل الإنسان فى عالم آخر، وتُبدّل شخصيته لتظهرها على حقيقتها، ومن ثمّ تُظهِر الأنا المختفية فى الأعماق، حيث إنّ ما يخفيه الإنسان من مشاعر عادةً ما يظهر حين يحبّ، فيتخلى عن حُبّ السيطرة والتملك والأنانية ويطلق العنان لمشاعره، أمّا سقراط فيرى أيضاً أن الحُبّ الذى ينتهى ليس حبّاً، وهو يعطى الحُبّ رفعته ومكانته المقدسة، فيقول فيه إنه شوق النفس إلى الجمال الإلهى الذى لا ينضب ولا ينتهي.


أمّا ابن حزم الأندلسى فقد رأى فى كتاب طوق الحمامة  أن الحُبّ شىء لا تُدرَك معانيه ولا يوصَف إلّا بالمعاناة، كما يقول إنّ جميع أنواع الحُبّ القائمة على المنفعة الحسيّة تزول بسرعة، وتنتهى بانتهاء عِللها باستثناء العشق المتأصّل والمتوغل فى النفس، فلا ينتهى الا بالموت.
ويرى الفيلسوف البريطانى برتراند راسل الذى عاش قرابة مائة عام أن  الحب حكمة والكراهية حُمق، علينا أن نتعلم التسامح مع بعضنا البعض. علينا أن نتعلم التصالح مع حقيقة أن بعض الناس قد يقولون ما لا نحب. بهذه الطريقة فقط نستطيع أن نعيش معاً. ولو أردنا العيش معاً -لا الموت معاً- فإنه يجب علينا تعلم شيء من الإحسان والتسامح، الأمر الذى يعتبر حيوياً للغاية لإستمرار الحياة البشرية على هذا الكوكب.
خلاصة القول: إن الحب فى رأيى هو روح الحياة. وأى حياة بلا حب، هى فى الحقيقة مجرد جيفة لا حياة فيها. فالحب هو الذى يضفى على الوجود وجودا. هو الذى يجعل الزهور تنطق والوجوه تبتسم. يضىء الظلمات وينشر النسائم العطرة فى الأرجاء. وصدق الشاعر الكبير الراحل نزار قبانى حين قال: الحب فى الأرض بعضٌ مِن تخيُّلنا، لو لم نجِدْه عليها لاخترعناهُ.
تدمير العالم !
تتعامل الولايات المتحدة الأمريكية مع مجريات الحرب الروسية الأوكرانية، منذ اندلاعها فى فبراير الماضي، من منطلق براجماتى بحت. فقد ضربت عرض الحائط، بالمخاوف الأمنية الروسية، قبل الحرب، خاصة ما يتعلق منها بتمدد حلف الناتو شرقًا، قرب حدودها. ونجحت بخبث ليس بغريب عنها، فى تغيير مضمون الخطاب الأوكرانى فى بدايات الحرب، من استعداد كييف لتلبية كل المطالب الروسية مقابل السلام، خاصة عدم الانضمام للناتو وتبنى الحياد. ليصبح بعد الدعم الأمريكى الكبير، التحدى الكامل لروسيا ورفض أى دعوى للجلوس على مائدة المفاوضات، إلا بعد انسحاب روسيا من كافة الأراضى ودفع تعويضات عن الأضرار الناجمة عن الحرب، مما يبدد أى أمل لإنهاء الحرب التى يدفع العالم كله ثمنها باهظًا، بعد ارتفاع معدلات التضخم بشكل مرعب وتعطل سلاسل الإمداد. وزاد هذا الإحساس، بتواصل الحرب واستمرار الأزمة العالمية، بعد المؤتمر الصحفى للرئيس الأمريكى بايدن والرئيس الأوكرانى زيلنسكى الأسبوع الماضي. حيث أعلن بايدن تخصيص قرابة 48 مليار دولار لدعم أوكرانيا عسكريًا. كما أكد موافقته على تزويد أوكرانيا بنظام باتريوت المتطور المضاد للصواريخ بعد رفض طويل. وأجاب بالإيجاب على سؤال خطير لصحفية أوكرانية حول إمكانية تزويد أوكرانيا مستقبلا بصواريخ بعيدة المدى. مما يكشف بجلاء إصرار الولايات المتحدة على استمرار الحرب لحين تحقيق الأهداف الأمريكية المتمثلة، وفقًا للمحللين السياسيين، فى إنهاك روسيا ودفعها للتفكك إلى ثلاث دول، كما حدث مع تفكيك الاتحاد السوفيتى مطلع تسعينيات القرن الماضي. مما يزيد من سوداوية الأزمة العالمية، التى لا يبدو هناك أى أفق لإنهائها. بل يزيد من احتمالات تصعيدها واشتعالها وتوجيهها إلى منحى شديد الخطورة، يجبر روسيا على استخدام الأسلحة النووية، مما يهدد بتدمير العالم. الصورة قاتمة ومرعبة. فالولايات المتحدة، كما يبدو للجميع، باتت أكثر الدول إصرارًا على استمرار الحرب، رغم تضرر شعوب الأرض بما فيها الشعب الأمريكي، وتعرض بعضها خاصة فى أفريقيا للجوع. وأكاد أجزم أن الحرب الروسية الأوكرانية لن تتوقف إلا بإسقاط روسيا أو سقوط آخر جندى أوكراني. وهو أمر يؤشر لاستمرار الحرب إلى أمد غير منظور. أخلص من كل هذا، إلى ضرورة التعامل مع هذه الصورة القاتمة بواقعية، وصياغة استراتيجية متكاملة لمواجهة الأزمة العالمية، تعظم من الاعتماد على الذات، وتثبيت دعائم الأمن الغذائى من خلال إنتاج احتياجاتنا بدلا من الاستيراد وحبذا لو امتدت الاستراتيجية لتوفير بدائل محلية لمستلزمات الإنتاج المستوردة التى تحتاجها مصانعنا. الحاجة أم الاختراع، ولا مفر من إدارة الأزمة بواقعية، بدلا من انتظار فرج، قد يتأخر، وربما لا يجيء إلا بعد خراب مالطة. حمى الله مصر وشعبها من كل سوء.


خط ساخن 16474
الأحد:
اتصلت بى ابنة أحد أقربائى قبل عدة سنوات، تستنجد بى لإنقاذ والدها الذى فقد الوعى والنطق فجأة، وأصيب بتشنجات حادة، تبين فيما بعد انها «جلطة شديدة» فى المخ. طلبت منها استدعاء الإسعاف لحين وصولى الى منزلهم. واتصلت الابنة بعد فترة تصل إلى نصف ساعة من جديد، تسألنى وهى تبكى بحُرقة: سواق الإسعاف بيسألنى، نروح فين يا عمو؟ قلت: روحوا أقرب مستشفى، ثم  أردفت: ممكن مستشفى الزيتون التخصصى، وانا هاجى وراكم  - من منطلق أنه الأقرب الى محل سكنهم- وبالفعل وصلت الإسعاف الى ذلك المستشفى وبدأ الأطباء فحص الحالة. ومن سوء الحظ ان ذلك المستشفى لم يكن يضم فى ذلك الوقت أجهزة أشعة حديثة مثل الرنين المغناطيسى. ويبدو أنه لم يكن يوجد به أيضا استشاريون متخصصون. المهم ظلت حالة قريبى دون أى تقدم لمدة يومين، عيون جاحظة ثابتة وتشنجات شديدة اضطرت فريق التمريض لربط جسده بالسرير، فى مشهد لا يمكن تحمله، حتى فاضت روحه الى بارئها. ولا نعلم حتى الآن بدقة ماذا جرى! أسرد اليوم ما جرى، بعد مرور سنوات، بمناسبة إعلان الدكتور خالد عبد الغفار وزير الصحة تخصيص خط ساخن جديد هو 16474 لإنقاذ مرضى الحالات الحرجة خاصة الذبحة الصدرية والجلطات. كل الشكر والتقدير لمعالى وزير الصحة على هذا الإجراء، وأتمنى ان يتضمن أيضا تعريف فريق الإسعاف بخريطة المستشفيات المجهزة للتعامل مع هذه الحالات، حتى يقوم الفريق بالتوجه فورا الى أقربها للمرضى، بدلا من سؤال أهل المريض عن المستشفى الذى يريدون التوجه اليه. فالدقيقة تفرق فى إنقاذ الحالات الطارئة.   
.. ولأن الصحة تاج على رءوس الأصحاء لا يراه الا المرضى؛ أتمنى من القائمين على مشروع التأمين الصحى الشامل الإسراع بتطبيق المنظومة فى كافة محافظات مصر.
تجار الأزمات
الثلاثاء :
تعانى مختلف دول العالم من تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية على اقتصاداتها، يستوى فى ذلك البُلدان المتقدمة والنامية والفقيرة. وقد بذلت الحكومة المصرية جهودا مضنية لتوفير مخزون احتياطى من كافة السلع الأساسية. لكن ما يحز فى النفس استغلال بعض التجار الأزمة لتحقيق مكاسب طائلة على حساب الشعب الذى يعانى الأمرَّين بسبب التضخم. ولعل أزمة الأرز ورغيف العيش السياحى الحر خير دليل؛ فرغم أن مصر تكتفى ذاتيا من محصول الأرز، كما تمتلك رصيدا كافيا من القمح، كما قامت الحكومة بتحديد أسعار بيع الأرز والخبز؛ فإن تجار الأزمات لا يتورعون عن استغلال الأزمة فى تحقيق أرباح كبيرة على حساب المواطن، ضاربين عُرض الحائط بكل القيم الدينية والأخلاقية. وحسنا صنعت الحكومة بتشديدها عقوبات إخفاء السلع وعدم الإعلان عن أسعارها. لكن الأمر يقتضى تكثيف الحملات على الأسواق لوضع حد للاستغلال الفج لتجار الأزمات. فسلعة الأرز مثلا نادرة فى محلات البقالة والسوبر والهايبر ماركت. وإن وُجدت فالأسعار مُبالغ فيها وتزيد كثيرا على تلك التى اعلنها وزير التموين. الحزم والعقاب المشدد هما الحل الوحيد لردع المتاجرين بقوت الشعب. وحبذا لو تم اعلان أسماء المخالفين وفضحهم فى وسائل الاعلام، ليكونوا عبرة لغيرهم. ففضح التاجر المستغل قد يكون عقابا اشد من الغرامات المالية. افضحوهم وارحمونا من استغلالهم، يرحمكم الله!

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة