فلاديمير بوتين
فلاديمير بوتين


في ذكرى انهياره.. رحلة بوتين نحو استعادة حلم «الاتحاد السوفيتي» في 2022

أحمد نزيه

الإثنين، 26 ديسمبر 2022 - 04:02 م

31 عامًا مضت على قرار الرئيس السوفيتي الأوحد ميخائيل جورباتشوف حل الاتحاد السوفيتي وكتابة سطر النهاية الأخيرة في الدولة التي شغلت مساحة 22 مليونًا و400 ألف متر مربع، من سطح الكرة الأرضية، كأكبر دولة في العالم على الإطلاق.

في 26 ديسمبر 1991، قرر مجلس السوفيت الأعلى للاتحاد السوفيتي إصدار الإعلان، الذي أُعلِن فيه الاعتراف باستقلال الجمهوريات السوفيتية السابقة، وإنشاء رابطة الدول المستقلة لتحل محل الاتحاد السوفيتي، وذلك غداة إعلان جورباتشوف استقالته ليبصم بذلك على نهاية الاتحاد السوفيتي.

ورغم أن روسيا، وريثة الاتحاد السوفيتي، ظلت الدولة الأكبر مساحة في العالم حتى الآن، حيث تبلغ مساحتها 17 مليونًا و100 ألف متر مربع، بيد أنها فقدت نحو 5 ملايين و300 ألف متر مربع من مساحتها، والتي تفككت لعدة دول.

ويأتي إحياء ذكرى انهيار الاتحاد السوفيتي هذا العام في ظروف استثنائية، في ظل حربٍ ضروسٍ تدور في الأراضي الأأوكرانية، إحدى جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق، بين روسيا "الوريث الشرعي للاتحاد السوفيتي" وأوكرانيا "الجمهورية التي تأسست على أنقاض انهيار الاتحاد السوفيتي".

سبب الحرب الروسية الأوكرانية

ولم تكن الحرب الروسية الأوكرانية وليدة اللحظة، حينما اندلعت أواخر فبراير الفائت، بل كانت لها الكثير من المقدمات ترجع إلى 8 أعوام إلى الوراء، حينما ضمت روسيا شبه جزيرة القرم من السيادة الأوكرانية، عبر استفتاء شعبي نُظم في المنطقة في منتصف مارس عام 2014، لم تعتد أوكرانيا بشرعيته، وكذلك حلفاؤها في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

وظلت كييف طوال هذه المدة تعتبر روسيا محتلة لجزء من أراضيها، في حين كانت موسكو تقول إنها استردت حقًا تاريخيًا لها في القرم، حسب رأيها، وفرضت منطق القوة في منطقة القرم، وضمتها لسيادتها عنوةً رغم الاحتجاج الأوكراني الكبير.

وقبل أسابيع من اندلاع الحرب، قامت روسيا بنشر حوالي 100 ألف عسكري روسي على حدودها مع أوكرانيا، وعللت موسكو الخطوة بأنها تريد فقط ضمان أمنها، في وقت قامت فيه واشنطن بإرسال تعزيزات عسكرية إلى أوروبا الشرقية وأوكرانيا أيضًا.

لكن دوائر الغرب رفضت تصديق الرواية الروسية حول الهدف من نشر هذا الكم الكبير من الجنود، وتحدثوا عن أن "هذا الغزو يمكن أن يحصل في أي وقت"، وهو ما حدث لاحقًا بالفعل.

كان ذلك يحدث وسط أقاويل ومحادثات تخرج حول احتمالية انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو"، وهو ما كانت ترفضه موسكو بشكل قاطع، وترفض مسألة توسيع حلف "الناتو"، في وقتٍ سعت فيه كييف لتلك العضوية.

أما المنعطف الحاسم في سبيل هذه الحرب كان في 21 فبراير الماضي، بعدما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاعتراف بجمهوريتي "دونيتسك" و"لوجانسك" جمهوريتين مستقلتين عن أوكرانيا، في خطوةٍ تصعيديةٍ لقت غضبًا كبيرًا من كييف وحلفائها الغربيين.

قرار أغضب أوكرانيا بشدة ورفضه حلفاؤها من الغربيين، فيما بدا وقتها أن بوتين قد حسم قراره، ونوى دخول الحرب في الأراضي الأوكرانية.

تحول ذلك إلى واقع لم يتأخر كثيرًا، فبعد ثلاثة أيام، بدأت القوات الروسية في شن هجماتها في الأراضي الأوكرانية، لتندلع الحرب، التي خشى العالم من أن تتحول إلى حرب عالمية ثالثة.

ودخلت تلك الحرب شهرها الحادي عشر، بعدما أتمت في 24 ديسمبر الجاري شهرها العاشر من المعارك المستمرة في الأراضي الأوكرانية بين الجانبين.

انضمام 4 مناطق أوكرانية لروسيا

وعرفت الحرب في أواخر سبتمبر لحظة فارقة جديدة في سبيل استعادة بعض من جمهوريات الاتحاد السوفيتي تمثل في انضمام مناطق أوكرانية للسيادة الروسية، عبر استفتاء شعبي في تلك الأقاليم رفضت كييف الاعتداد بشرعيته.

ولم يؤثر ذلك على قرار بوتين ضم الأقاليم، وفي 30 سبتمبر، أعلن الرئيس الروسي انضمام 4 مناطق أوكرانية إلى جمهورية روسيا الاتحادية، وذلك بعد تنظيم استفتاءات في المناطق الأربع، في خطوة رفض الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وأوكرانيا الاعتداد بشرعيتها.

والمناطق الأربع هي زابوروجيا وخيرسون ودونيتسك ولوجانسك، وجميعها تقع شرق أوكرانيا. وقد صادق الدوما الروسي مطلع شهر أكتوبر المنصرم على انضمام الأقاليم للاتحاد الروسي.

وعشية ذلك القرار،  أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أن الحرب مع أوكرانيا هي نتيجة من نتائج انهيار الاتحاد السوفيتي، حسب قوله.

واتهم خلال محادثة مع رؤساء وكالات الاستخبارات في بلدان رابطة الدول المستقلة، اليوم الخميس، الغرب بالضغط على الدول التي تحاول تقرير مصيرها، مشيراً إلى أن الغرب يحاول زعزعة استقرار مجموعة الدول المستقلة.

وفي 5 أكتوبر الماضي، وقع الرئيس الروسي قوانين بضم 4 مناطق أوكرانية في روسيا، في خطوة تضع اللمسات الأخيرة على خطوة الدمج التي أقدمت عليها موسكو.

جاء ذلك بعدما صادق مجلس الدوما الروسي (البرلمان) على انضمام المناطق الأربع إلى السيادة الروسية، مطلع شهر أكتوبر المنصرم، ليكون الأمر بمثابة منعطف جديد في الصراع الروسي الأوكراني المشتعل على الأرض.

بوتين والاتحاد السوفيتي 

وتنطوي تلك الخطوات على رغبات من بوتين في استعادة أمجاد الاتحاد السوفيتي، رغم أنه لم يُعلن ذلك بشكل صريح، لكن ذلك الأمر يتلمس من تصريحاته العديدة ومواقفه التي كانت تدعم بقاء الاتحاد السوفيتي إلى وقتنا الراهن.

وفي تصريحات سابقة له قبل أكثر من 4 سنوات، قال بوتين، في مارس 2018، إنه كان سيمنع انهيار الاتحاد السوفيتي لو أتيحت له فرصة تغيير تاريخ روسيا الحديث.

وقبلها بسنوات عديدة وصف بوتين وقتها انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991 بأنه أكبر كارثة "جيوسياسية" في القرن العشرين خلال كلمة ألقاها في 2005، واستغل هزيمة الاتحاد السوفيتي لألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية لإشعال النزعة الوطنية والمساعدة في خلق شعور جديد بالكيان الروسي.

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة