إيهاب فتحي
إيهاب فتحي


المهزومون

أخبار الحوادث

الثلاثاء، 27 ديسمبر 2022 - 12:28 م

..منذ عامين سلمت واشنطن أفغانستان إلى حركة طالبان وكان الانسحاب النهائى فى أغسطس 2021، وقتها عشش الخوف فى رؤوس البعض و أحاط بالبعض الآخر الأسئلة الملغزة بلا إجابة، سيطر الخوف على هؤلاء ظانين أن طالبان الحركة المتمسحة بالدين والرجعية حققت انتصارًا على الامبراطورية الأمريكية مما يعطى قبلة الحياة لمخططات الإسلاميين المدعومين من الاستعمار بعد الهزائم التى تكبدوها منذ يونيو 2013 ، أما السؤال الرئيسي للمحاطين بالأسئلة والباحثين عن إجابة فكان هل وصلت طالبان إلى منتهى القوة أم بلغ الضعف بالولايات المتحدة هذا الحد؟

بين الخائفين والمتسائلين تبقى الحقائق فلم تحقق الحركة الرجعية انتصارًا ولم تهزم الولايات المتحدة بل تم تسليم طالبان أفغانستان بعد اتفاق الدوحة لأن عناصرطالبان ماهم إلا بندقية للإيجار كأى حركة إسلاموية  ستستخدمها واشنطن فى صراعها المستعر ضد الصعود الصينى فى العالم وما لم يحدث بالغزو فى تعطيل الصين يصلحه الانسحاب وهو مايتحقق الآن .
يكفى احتفال طالبان علنًا فى مايو الماضى بالتعاون مع عبدالحق التركستانى زعيم الحزب الإسلامى الايجورى المناهض للصين وبحضور عناصر تنظيم القاعدة ،لإعادة إحياء الأحلاف الإرهابية من جديد ولكن هذه المرة بدلا من مواجهة الاتحاد السوفيتى فى القرن الماضى سيتحول اتجاه البوصلة إلى الصين.
هل اكتفت طالبان بأن تكون بندقية للإيجار؟ لا .. لقد أرادت طالبان بما فعلته قبل أيام قليلة إعطاء صفعة على وجه كل من قال إن هناك تحولات حدثت فى "فكر" هذه التنظميات والحركات الدموية وهذه التحولات هى سبب الانتصار المزعوم، جاءت طالبان بقرارها منع النساء والفتيات من التعليم لتقول إنها مازالت حارسة لكل ماهو متخلف ورجعى وعدو للمدنية والحداثة ، المضحك فى الأمر أن النسخة الشيعية من طالبان أو تنظيم الملالى فى طهران وجه نصيحة إلى الطلبانين بأن يتراجعوا عن قرارهم فكان الرد من كابول على الملالى أن يهتموا بتلبية مطالب نساء طهران اللائى يخرجن فى تظاهرات يومية رافضات حكمهم وشرطة أخلاقهم.
هذه حقيقة تلك التنظيمات والحركات الدموية و"أفكارها" سواء بنسخها السنية أو الشيعية مهما تعددت أسماؤها من الفاشية الإخوانية إلى الداعشية وعندما يسمح لها الاستعماربالتسلل إلى السلطة فى لحظة ما فالمطلوب منها نشر التخلف وإعاقة التقدم والتنفير من الدين الإسلامى العظيم، والغرض الآخر هو العمل على تمزيق مفهوم الدولة الوطنية لأنه بلا دولة وطنية ذات سيادة فلا تنمية أو حداثة أو عدالة.
يمكن وضع قائمة طويلة تدلل على خطورة هذه التنظيمات والحركات الدموية من نشر الفتن وترسيخ الطائفية حتى على مستوى الدين الواحد وإشاعة الجهل والخرافة لكن تبقى الخطورة الأكبر فى تكوينها ذاته فهى مثل الفيروس القابل للانقسام داخليًا والتحور ليكون أشد كارثية على المجتمعات التى ظهرت فيها هذه التنظيمات والحركات.
يبدأ التناحر فيما بينها وكل طائفة أو حركة تدعى أنها تمتلك الحقيقة المطلقة وتريد فرضها بالقوة على التنظيمات الأخرى والمجتمع الذى تسللت إليه وهذا هو دورها التخريبى المطلوب منها، يمكن التأكد من ذلك ببساطة عند الاطلاع على التاريخ الدموى لهذه التنظيمات والحركات ولكن هناك من تصل به درجة التغييب إلى حد الاقتناع بأن هؤلاء الدمويين يمتلكون مشروعًا تنمويًا نهضويًا أساسه الدين والدين منهم براء وأن هذا المشروع الوهمى المزعوم سيدفع المجتمعات إلى التقدم.
عندما تتابع مايقوله المغيبون تندهش من الدرجة التى وصلوا إليها من إلغاء العقل ويعتبرون كل ما يكشف حقيقة هذا الفيروس الدموى وتحوراته هى دعاية للطعن فى ثوابت العقيدة رغم أن أول من يسيئ إلى الدين هذه التنظيمات والحركات بأفعالها الإرهابية و"أفكارها " الشاذة وانقساماتها الشرسة فيما بينها.
على نفس وسائط السوشيال ميديا التى تزدحم بآراء المغيبين يوجد فيديو مدته 14 دقيقة لواحد من أئمة هذه الحركات والتنظيمات وهو أبى إسحاق الحوينى والغريب أن ما كان يقوله من وقائع كارثية ويجدها أمرًا طبيعيًا يستقبلها الجالسون معه فى تقبل غريب دون إعمال أى عقل والكثير من التعليقات ترى فيما يقوله أمرًا طبيعيًا وفى نفس الوقت أثار حديث الحوينى ردة فعل فى بعض التعليقات ممن استفاق على حقيقة هذه الحركات والتنظيمات الفيروسية المتحورة.
يصف الحوينى حال كافة الحركات والتنظيمات وقت أن اصطدم الرئيس السادات بهم عقب أحداث الفتنة رغم أنه هو من أعطاهم الفرصة للتحرك والانطلاق فى المجتمع بداية السبعينات من فاشية إخوانية إلى كافة المتسلفة وهو الخطأ التاريخى الذى ارتكبه الرئيس السادات ودفع ثمنه من حياته فى أكتوبر 81.
لايمكن هنا أن يرى المغيبون أن الحوينى يقود دعاية مضادة ضد هذه الحركات والتنظيمات والذى هو منها وينشر الخرافة باسمها فعقب قرارات سبتمبر التى أصدرها الرئيس السادات وضعوا جميعًا فى سجن طرة ويرى الحوينى أن أفضل ما فى سجن طرة أن كل حركة أوتنظيم كان فى مكان خاص به ويعدد الحوينى أسماء كافة هذه الحركات والتى خرجت جميعها من عباءة الفاشية الإخوانية، يعترف الحوينى بوضوح أن هذا الفصل بينهم منع الصراع والاحتراب بين هذه الحركات والتنظيمات والذى يصل إلى حد الاقتتال وبالتأكيد سبب هذا الاقتتال أن كل حركة أو تنظيم يرى أنه يمتلك الحقيقة المطلقة التى يجب عليه فرضها على الجميع.
عقب استشهاد الرئيس السادات وأحداث أسيوط 1981 التى كان وراءها تنظيم إرهابى آخر هو مايسمى "بالجماعة الإسلامية " واستشهد فى هذه الأحداث مئات من الضباط والجنود من رجال الشرطة، يرى الحوينى فى هذا الفيديو أن هذه الأحداث أمرًا عاديًا ويمر عليها سريعًا لأن القتل والدماء وأرواح الأبرياء فى تصوره ومعتقد هذه الحركات أمر مستباح لا يجب الوقوف عنده.
استطاعت الدولة المصرية وقتها التصدى إلى هذه الهجمة الإرهابية وتم إلقاء القبض على إرهابيى ما يسمى بالجماعة الإسلامية وتم وضعهم فى سجن طرة ونقل الآخرون ومنهم الحوينى الذى يعتبر أنهم كانوا قادة لهذه الحركات إلى سجن أبى زعبل وهنا يكشف الحوينى دون قصد عن حقيقة هذه الفيروسات المتحورة، ففى سجن أبى زعبل لم يتم التصنيف لهذه الحركات والتنظيمات حسب انتماءاتها بل اختلط بعضهم ببعض فبدأ الاقتتال بين الجميع وإطلاق فتاوى التكفير ووصل الأمر حسب مايقوله الحوينى إلى تقسيم بلاطات الزنازين لأنه من الكفر اختلاط حركة بأخرى أو تنظيم بآخر ويمكن مراجعة فيديو الحوينى لنكتشف مما يرويه بلسانه إلى أى مدى وصل الجنون والاقتتال بين هذه الحركات الفيروسية.
هذا حدث عندما التقوا فى السجون فكيف سيكون الأمر لو حازوا على سلطة ؟ لا داعى للتخمين فهناك النموذج الفاشى الإخوانى عندما تسلل إلى السلطة فى 2012 وبدأت حرب فتاوى تكفير تنطلق والتقسيمات تشتعل والقتل فى الشوارع لكل من يخالف حركة أو تنظيم  الرأى ولولا ثورة يونيو  لانطلقت هذه الفيروسات المتحورة ووراءهم المغيبين ليحرقون كل شيء ويستقل كل تنظيم أو حركة بقطعة من الأرض ليعلن عليها ولايته مكفرًا الآخرين ويذبح من يقترب من حدود ولايته المقدسة.
النموذج الآخر ستجده عند حركة طالبان التى زعمت أنها جاهدت حتى أعادت أفغانستان والحقيقة أنها تسلمت أفغانستان ففى كل يوم تدوى التفجيرات فى المدن الأفغانية ويقتل الأبرياء من قبل حركات وتنظيمات تعادى طالبان وتكفرها لأن هذه الجماعات ترى أنها على الحق وطالبان خارجة عن الدين وترد عليهم طالبان بالتكفير والقتل حتى تحولت أفغانستان إلى ساحة قتال مستمر.
تكشف الانقسامات التى حدثت داخل الفاشية الإخوانية عقب ثورة يونيو حقيقة مايحدث والسبب الرئيسى  فالصراع والاقتتال بين هذه الفيروسات المتحورة ليس نتيجة صراع بين أفكار إن وجدت أو من أجل قيمة ما، الصراع والاقتتال بين الفيروسات المتحورة غرضه المال وفرض السيطرة والنفوذ وأن تكون هذه الحركة أو التنظيم هى الوكيل الوحيد لقوى الاستعمار وتكون الخادم الوحيد لمخططاته حتى تحصل على كل المال والنفوذ كما تعلموا فى مدرسة الشرالفاشية الإخوانية ، فعندما تسمع عن ظهور تنظيم أو فيروس متحور جديد فهنا تعلم أن هذا المتحور يريد فتح دكان مستقل يتاجر فيه باسم الدين بعيدًا عن الفيروس الذى خرج منه ليحصل على كل المال الحرام الذى يصل إليه من الاستعمار ووكلائه.
يظن المغيبون أن هذه الفيروسات أو الحركات والتنظيمات يمكن لها أن تقيم مشروعًا أو أن هذا المشروع الوهمى تأجل إلى حين وسيظهر فى يوم ما لكن الحقائق الإنسانية والعقلية والتاريخية تقول إن هذه الحركات والتنظيمات الفيروسية مهما تلقت من دعم وغطاء سياسى ومارست الزيف فمصيرها الحتمى هو الهزيمة لأن الهزيمة تأتى من داخلها ومن تكوينها ذاته هذا التكوين المشوه القائم على الخرافات والأباطيل والسعى إلى العمالة خدمة للمستعمر الذى لا تعرف سيدًا غيره.

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة