صورة موضوعية
صورة موضوعية


أوروبا تحاصرهم وتواجههم.. مداهمة بؤر الجماعة في النمسا وألمانيا وفرنسا

أخبار الحوادث

الأربعاء، 28 ديسمبر 2022 - 08:25 م

كتبت: مي السيد

عاشت جماعة الإخوان المسلمين وأنصارها، عاما أسود فى مختلف الدول الأوروبية، وذلك بسبب التضييق الذى فرضته الحكومات المختلفة عليهم، ونشاطاتهم التى تهدف للتوغل داخل المجتمعات الأوروبية.. ويبدو أن الأمر لن يقتصر على ما حدث لهم فى 2022، ولكنه سيستمر فى 2023 طبقا لما أعلنت عنه عدد من الدول، التى ترغب فى كبح جماح التنظيم.

كان أكبر الضربات التى تلقتها الجماعة فى أوروبا هو تنظيم مؤتمر سنوى بين 11 دولة أوروبية، والذى سمي بمنتدى فيينا لمكافحة الإخوان والإسلام السياسى، والذى يشارك فيه عشرات الخبراء من جميع أنحاء أوروبا، إلى جانب سياسيين ودبلوماسيين، وذلك بهدف مواجهة تلك الظاهرة التى وصفوها بالعابرة للحدود، وتتطلب مكافحتها تعاونا عابرًا للحدود.

بؤر في النمسا
تشن النمسا حملة قوية ضد الإخوان وأفرعه المختلفة، من جميع النواحى المعلوماتية والقانونية والأمنية كأكبر منظمة للإسلام السياسى، وعلى مدار عام كامل، تجرى تحقيقات مكثفة مع عدد من المشتبه بهم، تتناول أنشطة الجماعة وتحركاتها وشبهات تمويلها للإرهاب، وبدأت القرارات بحظر رموز الجماعة، ثم تأسيس مركز توثيق الإسلام السياسى، لتحليل ومراقبة ورصد أنشطتها فى الأراضى النمساوية، ثم فتح تحقيقات قانونية فى أنشطتها وتمويلها للإرهاب.

وقالت دراسة حديثة صادرة عن المركز السياسى: إن تحليل معيشة الإخوان فى النمسا يظهر صورة لمجتمع مواز ينقل مجموعة القيم الخاصة به على مستوى القاعدة، وهى تعادى قيم المجتمع الغربى تماما، ويتم ذكر أفكار ذكورية وعنيفة، وسط حديث متكرر عن «الجهاد»، و»الجهاد المقدس»، «والدفاع عن البلاد الإسلامية.

وقالت ليزا فيلهوفر، مديرة مركز توثيق الإسلام السياسى: «محتوى الإخوان الأيديولوجى يتعارض مع الديمقراطية الليبرالية التعددية ويشجع الصراعات، ونقل مثل هذه النظرة إلى الجمهور الذى يغلب عليه الشباب الذكور، أمر يمكن أن يساعد فى نشر الأفكار المتطرفة بسهولة أكبر».

ضربات فى ألمانيا
عام 2022 شهد تغييرات كبرى فى سياسات الحكومة الألمانية تجاه التيارات الدينية الإسلامية المتشددة، ومن ذلك التحرك نحو التشريع، لا سيما البحث عن تقييد مصادر تمويل الجماعات المتطرفة، وتعرضت الجماعة لضربة موجعة، عندما تم الإطاحة بكافة قياداتها داخل أكبر مجلس يجمع المسلمين تحت سقف واحد، وهو المجلس الأعلى للمسلمين بألمانيا، وفى مقدمتهم المركز الإسلامى فى ميونخ، واتحاد الطلبة التابع للإخوان المسلمين، وتجريد عدد من الشخصيات المؤثرة فى الجماعة من مناصبهم كان أبرزهم إبراهيم الزيات، وهى الخطوة التى وصفتها المراكز الأوروبية والسياسيون فى أوروبا، بأنها خطوة نحو اقتلاع جذور الإخوان من ألمانيا نهائيا.

كما شنت الأجهزة الأمنية حملات ومداهمات ضد مساجد ومنظمات ومراكز تابعة للتيارات المتطرفة، وذلك بعد تحذيرات الاستخبارات الألمانية من مخاطر الإخوان المسلمين، حيث يتبع الإخوان استراتيجية مختلفة فى ألمانيا عن باقى أوروبا، بالتبرؤ من علاقاتهم بالتنظيمات المتطرفة والترويج لأفكارهم عبر رسائل مزدوجة تحمل معانى خفية حتى يصعب على الأجهزة الأمنية كشفها، حتى أنه وصل الأمر إلى صياغة الرسائل باللغتين التركية والعربية والمراوغة فى حالة كشفها بأنها تفسيرات خاطئة للمعنى ليس أكثر.

وتتجه ألمانيا لمواجهة أكثر حسما مع تنظيم «الإخوان» الإرهابى خلال 2023، حيث تعتزم الحكومة إقرارها العام المقبل حزمة من الإجراءات، من شأنها قطع الطريق أمام نشاط جماعات التطرف الدينى وكذلك اليمين المتطرف، فى ضوء تحذيرات متزايدة من الأجهزة الأمنية والاستخباراتية.

وسيتم تعزيز ترسانة القوانين والتشريعات فى الدولة؛ بحيث تصبح المواجهة مع تلك التنظيمات أكثر مباشرة، حتى وإن كانت تلك التنظيمات تمارس أساليب ملتوية للتخفى، وينفى أفرادها صلاتهم بالإرهاب، كما هو الحال بالنسبة إلى فروع جماعة الإخوان.

فرنسا تسيطر على المساجد
سيطرت الحكومة الفرنسية على عدد كبير من المساجد التابعة لجماعة الإخوان المسلمين فى فرنسا، والتى كانت تستخدمها على مدار سنوات عديدة من أجل نشر أفكارهم داخل المجتمع الفرنسى، وضربت الحكومة المسمار الأخير فى نعش المجلس الفرنسى للديانة الإسلامية التابع للإخوان، وذلك بعدما طلبت الحكومة الفرنسية إقرار «ميثاق مبادئ الإسلام الفرنسى» الذى يمنع « تدخل دول أجنبية ويعيد تأكيد تماشى» الإسلام مع مبادئ الجمهورية الفرنسية.

ودخل «منتدى الإسلام فى فرنسا»، وهو التشكيل الجديد الذى يدير أحوال المسلمين فى فرنسا حيز التنفيذ، بعدما تم عقد أول اجتماع بين عدد من أطرافه برعاية الحكومة الفرنسية، بهدف مناقشة بعض الأمور المنظمة لأحوال المساجد وتدريب الأئمة الجدد، بجانب كيفية مواجهة الأعمال العدائية ضد المسلمين.

ويتشكل المنتدى من حوالى 100 شخص أغلبهم من الأئمة، بجانب أفراد من المجتمع المدنى ومسئولين ثقافيين، بهدف أن يكون ممثلى الإسلام والمسلمين من الفرنسيين المسلمين المحليين، وهو الأمر الذى كان يفتقده المجلس الفرنسى للديانة الإسلامية، الذى كانت تتبع مؤسساته دولا بعينها.

تاريخ الجماعة فى أوروبا
ظهرت جماعة الإخوان المسلمين فى أوروبا عام 1960، حيث نمت شبكاتهم وتطورت وتكيفت تكتيكاتهم وتغيرت أولوياتهم مع مرور الوقت، حيث أنتجوا بشكل مباشر أو غير مباشر العديد من المنظمات التابعة، والتى يلعب بعضها أدوارًا مركزية فى تطور الإسلام السياسى فى مختلف البلدان الأوروبية .

ويتكون الإخوان فى الخارج من 3 فئات ويختلف ارتباطهم مع المجموعة الأم حيث الفئة الأولى وهم أبناء الشرق الأوسط الذين هاجروا إلى الغرب وتوطنوا فيها، والفئة الثانية عبارة عن أفراد تربطهم علاقات شخصية قوية بالإخوان ولكنهم يعملون بشكل كامل بمعزل عن أى هيكل إخوانى، أما الفئة الثالثة، فهم منظمات متأثرة بأفكار الإخوان أسسها أفراد مع بعضهم البعض وقريبة جدا أيدلوجيا من الحركة الإخوانية، ولكن تنظيميا ليس هناك تشابه بينهم على الإطلاق.

وتتواجد تلك الفئات الثلاث تقريبا عبر شبكات متطورة من خلال كيانات وجمعيات خيرية وأكاديميات تعليمية وشركات، وخلقوا شبه دولة موازية بجانب الدولة المقيمين فيها، بفضل حصولهم على موارد كبيرة ومهارات تنظيمية، ليصبحوا محاورين متميزين للنخب الغربية داخل المجتمعات الإسلامية الغربية.

اقرأ أيضًا | خبير بالحركات الإسلامية: 60 منظمة إخوانية تعمل بشكل قانوني ببريطانيا| فيديو

ووصف تقرير جماعة الإخوان المسلمين، أنهم مثل النازيون الجدد، الذين لا يجب التعامل والاتحاد معهم، كطريقة لمواجهة العنف، لأن الفكرة فى حد ذاتها غير معقولة، أن تسلم نفسك للنازيين، فقط لأنهم يتبعون استراتيجية جديدة، وأفكار مغايرة للماضى المعروفين به، ولا يجاهرون بالعنف، وتصويرهم على أنهم فئة معتدلة أو جيدة، وإدماجها فى التيار السياسى، فهذا خطأ كبير من وجهة نظرهم والقادة السياسيون جعلوا من أوروبا أرضًا خصبة لجماعة يسمونها معتدلة، وهى فى الحقيقة تقود الحرية بشكل خطير، عن طريق الدين، وتمكنوا من الفصل الحيوى بين المسجد والدولة، ولذلك فقد أحرز الإخوان المسلمون تقدما هذا القرن.

وفى الوقت الذى عانوا فيه من القمع بالشرق الأوسط بسبب سياستهم المعروفة، والتضييق الكبير الواقع عليه، إلا أنه على النقيض تماما، فقد شكلوا سياسة قوية جدا فى المجتمعات الأوروبية، وقاموا ببناء مؤسسات كبيرة تدر عليهم دخلا وفيرا، وطوروا علاقات كبيرة مع النخب السياسية، ولقد عزز طلاب الشرق الأوسط فى الجامعات الأوروبية من وجود جماعة الإخوان المسلمين فى القارة .

وينقسم الإخوان المسلمين فى أوروبا إلى 3 مجموعات، الأول وهم لجماعات والأفراد الذين يعلنون صراحة أنفسهم ليكونوا إخوان مسلمون، والثانى وهم أولئك الذين يجتمعون على انفراد لأداء اليمين أعضاء إخوان مسلمين، والقسم الأخير وهم مجموعة من الناشطين فى المنظمات من قبل الإخوان المسلمين أو المتأثرين بها أيديولوجيا.

والقسم الأخير هو الأهم والأخطر، لأنهم يشغلون مساحة على المستوى المحلى والإقليمى والوطنى، ويتغلغلون داخل المجتمع عبر التعددية الثقافية والهوية، ويدعون إلى الحوار بين الحضارات، ويقومون بعمل تحالفات تكتيكية مع الحركات التقدمية، فلا مانع لديهم أن يستضيفوا مناصرا للمثلية فى الصباح، وفى المساء يجتمعون مع مجموعات تدعو للعنف.


الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة