المجني عليه
المجني عليه


دفن شابًا داخل قبر بزعم إخراج الجان من جسده

«الدجال الكفيف» سيطر على القرية.. دفن شابًا داخل قبر بزعم «إخراج الجان»

أخبار الحوادث

السبت، 31 ديسمبر 2022 - 12:39 م

كتب: إسلام عبدالخالق

واقعة غريبة إن دلت على شيء فهي تدل على الجهل والسير خلف الدجل والشعوذة وتصديق أهل الخرافات دون إعمال العقل أو الرجوع للأديان السماوية؛ إذ وقعت أسرة شاب ضحية لأحد الدجالين، الذي أوهمهم بأن ابنهم الشاب مصابًا بـ "مس"، وأن واحدًا من الجان القدامى الذي يرجع عمره لآلاف السنين يتلبس جسده، ولا مناص من أن يذيعوا نبأ وفاة ابنهم في المساجد وتخرج جنازته ويسير النعش إلى المقابر ويُفتح القبر ويدخل فيه الشاب ويُسجى جسده هناك وكأنه سيبيت جثة هامدة، وبعدها يغادر المقبرة فيكون شفاؤه التام من الجنية التي لبست جسده، في معتقد بعيد كل البعد عن أي عقل أو شريعة سماوية.

المجني عليه: كفنونى وأذاعوا وفاتى بمساجد قريتى بالشرقية

الواقعة التي جرت داخل قرية بحر البقر 8 التابعة لنطاق مركز شرطة الحسينية في محافظة الشرقية كانت غريبة بكل ما تحمله الكلمة من معنى؛ إذ فوجئ أهل البلدة بالمسجد يذيع عليهم نبأ وفاة شاب بالكاد أتم ربيعه الثامن عشر: «توفى إلى رحمة الله تعالى الشاب السيد حسن سلامة العبادلي.. إنا لله وإنا إليه راجعون».

الميت يعود للحياة
إعلان الوفاة وكلماته المقتضبة جعلت الغالبية يحوقلون ويحتسبون الشاب فقيدًا ويدعون له بالرحمة وأن يُلهم الله أسرته الصبر والسلوان، لكن المشهد كان مغايرًا تمامًا في منزل الفتى؛ إذ تجمهر عدد كبير من الأهالي الذين راحوا يقدمون العزاء للأسرة في مصابهم، لكن على وجوه الأهل كان شيئًا غامضًا لا يصل إلى الحزن بأي حالٍ من الأحوال، ترقب لشيء أقل بكثير من فقدان ابنهم، وما هي إلا سويعات حتى فوجئ الجميع بالشاب الذي أُعلن عن وفاته يخرج إليهم وكأنه قد عاد لتوه من الموت.

همهمات كثيرة دارت بين الحضور ولسان حال الجميع كأنه سينطق بعبارة واحدة: «الميت صحي»، وتبعها جلبة كبيرة بين أهالي القرية، لكن في الخلفية خرج صوت ضعيف من جانب أحد أقارب الفتى: «الدكتور كان قال لنا إنه مات خلاص»، قبل أن يجذب الشاب ويلتف حولهما الأهل والجيران ويسيرون جميعًا إلى عيادة أحد الأطباء المعروفين في القرية المجاورة لهم في «بحر البقر 1».

اقرأ أيضًا| إعلان يقود الشرطة لضبط دجال ينصب على ضحاياه في بالإسكندرية


نحو الساعة الثامنة، دلف الجميع إلى عيادة الطبيب الدكتور إبراهيم الهربيطي، وهناك بدأ أحد أقارب الفتى في الحديث إلى الطبيب: «السيد يا دكتور كان مات وصحي.. روحنا كشفنا عليه عند دكتور وقال إنه مات خلاص لكن من شوية الولد صحي»، في حديث تبين للوهلة الأولى للطبيب أن قائله لا يُصدق حرفًا منه.

بنظرات ثاقبة، تفحص الطبيب الفتى دون أن يشرع حتى في فحصه طبيًا، قبل أن يوجه عبارة شديدة اللهجة لأهل الفتى: «اللي بتقولوه ده لا يمكن يحصل.. ابنكم لا مات ولا دخل حتى في غيبوبة.. إيه الحكاية؟»، ليتدارك الأهل أن لعبتهم قد تكشفت أستارها ويقترب أحدهم من الطبيب وكأنه سيذيع عليه سرًا: «بصراحة يا دكتور الواد لا مات ولا حاجة، دي حكاية الشيخ الكفيف اللي معانا ده هو اللي قال لنا نعملها لما ابننا كان مسه جن.. قال لنا نقول إنه مات ويبات في القبر فيخرج الجن من جسمه».

سرد الطبيب تفاصيل ما جرى في عيادته نحو الساعة الثامنة مساء الأربعاء الماضي، لافتًا إلى أن الشاب السيد حسن سلامة العبادلي، قد حضر إلى عيادته في قرية بحر البقر 1 التابعة لنطاق ودائرة مركز شرطة الحسينية، وسط جمع كبير من الناس، وحين سألهم عن سبب ذاك التجمهر أخبروه أن الشاب كان قد توفى قبل ساعات وأنهم حضروا للتأكد مما إذا كان قد توفى بالفعل وعاد إلى الحياة أم لا.

الدكتور إبراهيم الهربيطي أكد خلال حديثه لـ«أخبار الحوادث»، على أنه فور رؤية الشاب علم أنه سليم تمامًا وعلى قيد الحياة ولا يوجد ما يشير إلى حديث المحيطين به، منوهًا بأن أحد أقارب الشاب قد أوضح له أن أحد الدجالين "كفيف البصر" الذي كان موجودًا رفقتهم هو من طلب هذا، وأكد لهم على أن الشاب "ملبوس" من الجان، وأن الجان الذي يلتبسه لن يغادر جسده إلا إذا أشاعوا نبأ وفاته وأدخلوه القبر، وأن الأسرة قد فعلت نصف ما أمرهم به الشيخ إلا أن الشاب فاجأ الجميع بالحديث وعدم الالتزام بدور الميت ليتكشف الأمر أمام الجميع.

القبض على المتهم
ورصدت الأجهزة الأمنية في وزارة الداخلية ما جرى بشأن الواقعة، قبل أن تُعلن القبض على مرتكب الواقعة، في إشارة إلى أن المتهم -الشيخ المزعوم- متهم بمحاولة دفن أحد الشباب في الشرقية تحت مزاعم علاجه روحانيًا.

وذكرت وزارة الداخلية، في بيانٍ لها؛ أنه فى إطار جهود أجهزة وزارة الداخلية لكشف ملابسات ما تم تداوله تحت عنوان «القصة الكاملة لشاب الشرقية العائد من الموت»، وبإجراء التحريات اللازمة والفحص تم تحديد الشاب المعني بالأمر، والذي تبين أنه عامل نجارة يبلغ من العمر 18 سنة، مقيم في نطاق ودائرة مركز شرطة الحسينية في محافظة الشرقية.

وتبين من التحريات الأولية من خلال استدعاء الشاب المُشار إليه وأهليته، وبسؤالهم أقروا بأن الشاب المذكور يُعانى من مرض نفسي منذ عام، وأنهم قد سبق وترددوا على عدد من الأطباء لأجل البحث عن علاج له، إلا أنه لم يتماثل للشفاء، فقاموا باللجوء لأحد الأشخاص، الذي اقترح عليهم دخول ابنهم الشاب المريض أحد المقابر وتكفينه وإعلان خبر وفاته بزعم أن ذلك سيساعد على شفائه.

وعقب تقنين الإجراءات تم ضبط الشخص المُشار إليه، وتحرر عن ذلك محضر بالواقعة في مركز شرطة الحسينية، وبالعرض على جهات التحقيق في مركز شرطة الحسينية طلبت تحريات المباحث الجنائية بشأن الواقعة وملابساتها وكيفية حدوثها. 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة