العراف السياسى
العراف السياسى


العراف السياسى.. قراءات سياسية لمحللين وصحف دولية لعام 2023

حسام عبدالعليم

السبت، 31 ديسمبر 2022 - 09:44 م

استبعاد نشوب حرب عالمية ثالثة.. واستمرار الحرب الروسية الأوكرانية

التهديد بالنووى حرب كلامية.. وتوتر العلاقات الغربية مع الصين وإيران مستمر

ارتفاع فى أسعار الوقود وأزمة الغذاء تتسع عالميًا

يستعد عام للذهاب 2022 بكل ما شهده من أحداث متسارعة وأزمات سياسية واقتصادية وبيئية وإنسانية وغذائية وصراعات وحروب وتحديات جمة، وفى ظل حالة من القلق والترقب نستقبل عام 2023  وسط ارتدادات سلبية للعام الذى غادرنا تواً، لاسيما المتعلقة ببعض القضايا والازمات الدولية مثل جائحة كورونا أو الحرب الروسية الأوكرانية، فضلا عن بعض المشكلات والقضايا الأمنية والسياسية والاقتصادية الاخرى فى العالم.

والسؤال الذى يتردد الاَن، ما الذى يحمله العام الجديد؟ نستعرض هنا، بعض توقعات وتنبؤات عدد من السياسيين والمحللين الدوليين وصحف ومواقع إعلامية عالمية، فيما قد يحمله عام 2023، كلاً بحسب رؤيته وسياساته الخاصة .

نبدأ بما نشره دميترى مدفيديف نائب رئيس مجلس الأمن الروسى على قناته فى تطبيق تيليجرام يوم 27 ديسمبرالماضى، من توقعات فى سياق وصفه المحللون والمتابعون بأنها أقرب الى السخرية والمناكفة السياسية مع الغرب، حيث قال: قبل العام الجديد، يحب الجميع إجراء التنبؤات، يعطى الكثيرين فرضيات مستقبلية، ويتنافسون فى اقتراح أكثر الأمور غير المتوقعة وحتى السخيفة.

سنقدم مساهمتنا أيضا». وقدم مدفيديف توقعاته فى قائمة من 10 بنود، لما سوف يحدث فى العالم العام المقبل، تحت عنوان: ماذا يمكن أن يحدث عام 2023؟ جاء أول توقع فى قائمته بوقوع زيادة أسعار النفط إلى 150 دولارا للبرميل، والغاز إلى 5 آلاف دولار للألف متر مكعب. وعودة بريطانيا إلى الاتحاد الأوروبي.

وانهيار الاتحاد الأوروبى بعد عودة بريطانيا، وإلغاء تداول اليورو كعملة الاتحاد الأوروبى. واستيلاء بولندا وهنغاريا، على المناطق الغربية من أوكرانيا السابقة.

وكذلك إنشاء الرايخ الرابع على أساس ألمانيا، والدول المتحالفة التى انضمت إليه (بولندا، ودول البلطيق، وجمهورية التشيك، وسلوفاكيا، ورومانيا، وجمهورية كييف، وغيرها من المنبوذين).

ووقوع حرب بين فرنسا والرايخ الرابع. تقسيم أوروبا، بما فى ذلك تقسيم بولندا الجديد.

وفصل إيرلندا الشمالية عن مملكة بريطانيا والانضمام إلى جمهورية إيرلندا. وحرب أهلية أمريكية، وانفصال كاليفورنيا وتكساس إلى دولتين مستقلتين، وإنشاء ولاية اتحاد تكساس والمكسيك، وانتصار إيلون ماسك اللاحق فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية فى بعض الولايات المخصصة للجمهوريين بعد الحرب الأهلية.

كذلك نقل جميع أسواق الأوراق المالية الرئيسية والنشاط المالى من الولايات المتحدة وأوروبا إلى آسيا.

وجاء توقعه الأخير بالقائمة، بانهيار نظام بريتون وودز المالى، بما فى ذلك انهيار صندوق النقد الدولى والبنك الدولى، ورفض اليورو والدولار كعملات احتياطية عالمية، وعودة معيار الذهب، والانتقال إلى الاستخدام النشط للعملات الرقمية.

روبرت فورد

وتوقع روبرت فورد السفير الأمريكى السابق لدى سوريا والجزائر والباحث فى معهد الشرق الأوسط فى واشنطن فى مقال نشره فى احدى الصحف الكبرى، دخول إدارة الرئيس الأمريكى جو بايدن فى صراع مع البرنامج النووى الإيراني، لاسيما بعد أن أعلن بايدن قبل أيام موت الاتفاق النووى المبرم عام 2015. وقال فورد أن بايدن قال إنه «يفضل عدم قول ذلك»، لماذا؟ السبب ببساطة- بحسب حديث فورد- أنه يأمل فى التوصل لاستراتيجية دبلوماسية تسهم فى إرجاء توجيه ضربة عسكرية لإيران. وبالتالى سيتعين عليه الانتظار ومراقبة التحركات الإيرانية.

مجلة «إيكونوميست»

اما موقع مجلة «إيكونوميست» فقد نشر تقريراً للكاتب «روجر ماكشين» محرر الصين فى الصحيفة بعنوان «هل بلغت الصين ذروة قوتها؟ وأشار التقرير إلى أنه لن تغير إدارة «بايدن» وجهة نظرها الأساسية بأن بكين هى المنافس الجيوستراتيجى الرئيسى لواشنطن، كما ستواصل واشنطن جهودها لمنع الصين من الوصول إلى التكنولوجيا الأمريكية التى يمكن أن تساعد بكين فى تحديث جيشها واقتصادها وربما توسع تلك الجهود.

وسيؤدى هذا إلى تقوية تصميم الصين على القيام بذلك على وجه التحديد، من خلال تأكيد اعتقاد الصين بأن واشنطن معادية وعدوانية بشكل أساسى؛ ما يجعل بكين فى موقف دفاعى فى المواجهة؛ إذ يعتمد النمو الاقتصادى والتنمية فى الصين على الولايات المتحدة. ومنذ أن بدأت الحرب التجارية فى عهد ترامب فى عام 2018، ردت الصين على التحركات الأمريكية، ولكن بطرق ليست تصعيدية وغالباً ما تكون غير متناسبة.

أكثر سلمية 

مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية نشرت مقالا بعنوان « هل سيكون عام 2023 أكثر سلمية من عام 2022؟ المقال مشترك بين الكاتبة إيما آشفورد الباحثة فى القضايا الاستراتيجية والأمنية فى مركز ستيمسون، وماثيو كرونيج نائب مدير مركز سكوكروفت للاستراتيجية والأمن التابع للمجلس الأطلسى، والذى جاء على شكل حوار بينهما، وتوقعا تفاقم أزمة الطاقة فى أوروبا بشكل أكبر، بعد أن أجبر ارتفاع أسعارها كثيرين فى القارة العجوز على تبنى خيارات صعبة بشأن ميزانياتهم. التضخم وتداعيات الحرب فى أوكرانيا سيكونان لهما تأثيرهما على الغذاء والوقود على مستوى العالم.

وفيما يتعلق بأوكرانيا، توقع ماثيو كرونيج أن الحرب ستستمر خلال عام 2023، وربما حتى 2024 و2025. ويرى من وجهة نظره أنه من المهم للغاية أن تتخلى الحكومات الغربية عن أفقها الضيق وعقليتها قصيرة المدى وتنتهج استراتيجية طويلة الأجل بشأن مستقبل أوكرانيا.

وتوافقه آشفورد الرأى قائلة :أن هناك فرصة لصناع السياسة للدفع من أجل وقف إطلاق النار فى عام 2023 على الأقل، محذرة من أن تكاليف الحرب بدأت تخرج عن السيطرة بالنسبة لجميع الأطراف تقريبا. وأكدت إيما اَشفورد فى المقال، أن العالم يعيش الآن فى عصر مختلف. وفى نهاية المقال، تحذر اَشفورد من أن الولايات المتحدة قد ترتكب أخطاء جديدة فى السياسة الخارجية، لكنها على الأقل لم تعد تطيح بالأنظمة كما كانت تفعل عادة.

جيمس إم ليندسى

وحول الحرب الروسية والاوكرانية، ويرى جيمس إم ليندسى نائب أول للرئيس ومدير الدراسات بمجلس العلاقات الخارجية وهى منظمة مستقلة غير حزبية بالولايات المتحدة، ضمن توقعاته للعام الجديد، ان التقدم الكبير بين القوات الروسية والاوكرانية على الأرض من قبل أى من الجانبين إلى خلق مساحة للدبلوماسية. لكن مثل هذا التقدم يمكن أن يحفز التصعيد أيضًا. وقال إن بوتين لم يتخل عن تهديده الضمنى باستخدام الأسلحة النووية.

وفى الوقت نفسه، سيستمر القتال فى أوكرانيا فى تعكير صفو الأسواق العالمية، مما يؤدى إلى ارتفاع أسعار الطاقة وزيادة انعدام الأمن الغذائى فى جميع أنحاء جنوب الكرة الأرضية. وقال إن أحد الاحتمالات الواقعية هو أن العالم سيعيش فى ظل الحرب فى أوكرانيا لسنوات قادمة.

فيما استبعد مراقبون ومحللون دوليون اندلاع حرب عالمية ثالثة بسبب الأزمة الأوكرانية، أو نشوب حرب نووية بين روسيا والغرب خلال عام٢٠٢٣، وان الحديث عن استخدام السلاح النووى يأتى فى إطار لا يعدوا حربًا كلامية لن تخرج الى ارض الواقع.

موقع «يورونيوز»

وتحت عنوان «ما الأحداث الدولية المتوقعة فى عام 2023؟ نشر موقع «يورونيوز» تقريراً يشير فيه إلى أن الأهداف الرئيسية لأوروبا للعام الجديد، هى استعادة السلام فى القارة، ومساعدة الاقتصادات على التعافى، وضمان إمدادات طاقة كافية ومعقولية التكلفة، وأشار إلى ان الوقت الحالى وأكثر من أى وقت مضى، من الضرورى تجاوز الانقسامات من أجل تحقيق الاستقرار والازدهار للمواطنين.

واشار التقرير إلى انه من المستحيل تحديد متى وكيف ستنتهى الحرب فى أوكرانيا. وأشار الى ان كلًا من كييف وموسكو محاصران فى صراع ثابت وشامل للطرفين. قد يكون الثمن الذى يجب دفعه باهظًا لجميع الأطراف المعنية، حيث يتصارع العالم مع العواقب الاقتصادية والاجتماعية لغزو روسيا. يجب أن تلعب الدبلوماسية دورًا نشطًا إذا أريد للسلام أن يتحقق. فالعواقب الاقتصادية للحرب فى أوكرانيا هى التحدى الثانى ولكن بنفس القدر من الأهمية.

كبير المستقبليين.. إيكولاس بادمينتون

ويتوقع إيكولاس بادمينتون هو كبير المستقبليين فى مؤسسة الفكر المستقبلى» فيوتريست». وهو متحدث مستقبلى مشهور عالميًا، وعمل مع أكثر من 300 شركة من أكثر الشركات تأثيرًا فى العالم لإنشاء قدرات استشراف استراتيجية، ان العالم سيظل يواجه عددًا من القضايا المتعلقة بالسياسة والأمن القومي. ويشمل ذلك زيادة التوتر بين الدول بسبب المنافسة الجيوسياسية، فضلاً عن التهديد المستمر للإرهاب وأشكال التطرف الأخرى.

وقال ان حل هذه المشكلة ذو شقين. أولاً ، يجب أن تعمل الحكومات على إنشاء نظام عالمى جديد يقوم على التعاون والتآزر بدلاً من الصراع والمنافسة. وهذا يشمل الاستثمار فى البنية التحتية مثل المنظمات والمنتديات الدولية التى يمكن أن تساعد فى تسهيل الحوار والتعاون بين الدول.

ثانيًا ، يجب على الحكومات إعطاء الأولوية لاحتياجات السكان الأكثر ضعفًا. وهذا يشمل ضمان الوصول إلى السلامة والأمن ، فضلاً عن توفير الدعم المالى لمن يحتاجون إليه.
وفى ختام مقالته، يرى إيكولاس انه من الواضح أن الإنسانية ستواجه عددًا من القضايا الملحة فى السنوات المقبلة. فى مقدمتها قضايا ندرة المياه ، وتحديات الإمدادات الغذائية ، وحدود الطاقة ، وزيادة الهدر، وتحويل القوة الجيوسياسية من الغرب إلى الشرق ، والصراع والحرب الأهلية ، والمعلومات المضللة والأمن السيبرانى .ويقول انه من أجل معالجة هذه القضايا؛ يجب على الحكومات إعطاء الأولوية لاحتياجات السكان الأكثر ضعفا والاستثمار فى البنية التحتية التى يمكن أن تساعد فى الحد من آثار هذه القضايا.

مجلة «ناشيونال إنترست»

ورصدت مجلة «ناشيونال إنترست» الأمريكية فى تقرير أبرز 10 مخاطر عالمية متوقعة فى عام 2023، نذكر من بينها ما يتعلق بالحرب الأوكرانية والأمن الغذائى وإيران والصين، وقالت المجلة، فى مقدمة التقرير، إن هذا الرصد جاء بالاعتماد على سنوات خبرتها العديدة فى توقع المخاطر، والاتجاهات العالمية فى مجلس الاستخبارات الوطنى الأمريكي، حيث تم تكليفها تزويد قادة الولايات المتحدة بتحليلات ورؤى بعيدة المدى. وأوضحت أنها حددت المخاطر العالمية الكبرى فى عام 2023 من منظور الولايات المتحدة، ومن منظور عالمى، وفق التالى:

1- الأزمات المتعددة للحرب الأوكرانية: لا تزال نهاية الحرب فى أوكرانيا، وكيف ومتى ستحدث لغزاً. ومع ذلك، توجد سلسلة من الأزمات المتعددة والمتتالية للحرب، والمتعلقة بالطاقة وانعدام الأمن الغذائى والتضخم والتباطؤ الاقتصادى. حيث مع حلول فصل الشتاء، وتباطؤ الحرب، سيعمل الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، بلا شك، على تكثيف استراتيجيته القائمة على الاستنزاف، بمهاجمة البنية التحتية للطاقة والمياه فى أوكرانيا، وسيزداد التصعيد إذا أرسلت الولايات المتحدة والناتو أسلحة متقدمة إضافية إلى كييف رداً على قصف بوتين، ما قد يؤدى إلى استخدام روسيا الأسلحة النووية إذا حاولت كييف الاستيلاء على شبه جزيرة القرم.

2- الأمن الغذائى: يتزايد خطر انعدام الأمن الغذائى، وسلط برنامج الأغذية العالمى الضوء على «حلقة النار» من الجوع وسوء التغذية فى أنحاء العالم جميعاً من أمريكا الوسطى وهايتى، وجمهورية أفريقيا الوسطى، والقرن الأفريقى وصولاً إلى سوريا واليمن وباكستان وأفغانستان. حيث ارتفع عدد الأشخاص الذين يواجهون انعدام الأمن الغذائى الحاد من 135 مليوناً إلى 345 مليوناً منذ عام 2019، وأسهمت فى ذلك حرب أوكرانيا وتغير المناخ وارتفاع تكاليف الوقود والأسمدة. وتتزايد تكاليف الإغاثات بسبب التضخم، وبالتالى فإن المبلغ الإضافى الذى ينفقه برنامج الأغذية العالمى الآن على تكاليف التشغيل كان يطعم 4 ملايين شخص فى السابق لمدة شهر واحد.

3- الاضطرابات مع إيران: يمكن للانتفاضة الشعبية غير المسبوقة أن تسهم فى أزمات متعددة، وهناك خطر بالفعل من اندلاع صراع أمريكى أو إسرائيلى مع طهران، خصوصاً أن الاتفاق النووى الإيرانى، الذى كان على وشك النجاح قبل بضعة أشهر فقط، مجمد الآن، إن لم يكن ميتاً. حيث تعمل إيران على تسريع إنتاج اليورانيوم عالى التخصيب المطلوب لصنع قنبلة نووية.

4- التوترات الأمريكية «الصينية إلى مزيد من التأزم: على الرغم من عقد قمة بايدن» شى فى نوفمبر الماضى، حيث أطلق الزعيمان جهوداً لتحقيق الاستقرار فى العلاقات، فإن الخلافات الأساسية لا تزال قائمة حول تايوان، وقواعد ومعايير التكنولوجيا، والتجارة، وحقوق الإنسان، ووجود بكين فى بحرى الصين الجنوبى والشرقي. وذكرت المجلة: لقد تم استئناف التجارة والحوارات العسكرية مبدئياً، لكن القومية المتقلبة من كلا الجانبين يمكن أن تعطل أى إنجازات جوهرية.

وفى رسالته بمناسبة العام الجديد، دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش الجميع إلى أن يجعل 2023 عاما يُستعاد فيه السلام إلى الحياة والمنازل والعالم وفى الأقوال والأفعال، وقال «جوتيريش»: «فى ليلة رأس السنة الجديدة، نسدل الستار على عام ولى ونتطلع بأمل إلى المستقبل.. وفى عام 2022، أسدل ملايين الناس حول العالم حرفيا الستار على حياة خلت». وبحسب مركز إعلام الأمم المتحدة، أشار الأمين العام إلى أن الناس- من أوكرانيا إلى أفغانستان إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية وسواها- غادروا أنقاض منازلهم وسبل عيشهم بحثا عن شىء أفضل. وفى جميع أنحاء العالم، كان مائة مليون شخص يتنقلون هربا من الحروب وحرائق الغابات والجفاف والفقر والجوع، على حد تعبيره.

وقال الأمين العام إننا فى عام 2023، نحتاج إلى السلام، الآن أكثر من أى وقت مضى.. السلام مع بعضنا البعض، من خلال الحوار لإنهاء الصراع. والسلام مع الطبيعة ومع مناخنا، لبناء عالم أكثر استدامة. والسلام فى المنزل، حتى تتمكن النساء والفتيات من العيش بكرامة وأمان. والسلام فى الشوارع وفى مجتمعاتنا، فى ظل الحماية الكاملة لجميع حقوق الإنسان. والسلام فى أماكن العبادة التى نرتادها، فى ظل احترام عقائد بعضنا البعض.. والسلام على الإنترنت، بعيدًا عن خطاب الكراهية والإساءة.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة