د. سارة الذهبى
د. سارة الذهبى


يوميات الاخبار

تدخل الأهل.. خراب للبيوت

الأخبار

الأحد، 08 يناير 2023 - 07:17 م

 

سارة الذهبى

لازم كل زوج و زوجة فى بداية حياتهم يرسموا خطوط عريضة لحياتهم، حدود واضحة لخصوصيتهم؛ لا يخترقها أهل الزوج و لا أهل الزوجة

هناك سر سحرى لنجاح كل العلاقات الانسانية بلا استثناء اسمه «الحدود»، عشان كده يبقى السؤال الأزلى هل تدخل الأهل بصورة مستمرة حب لولادهم أم خراب لحياة ولادهم؟؟
واستندنا فى الرد على السؤال ده لنتائج البحث الذى أجراه المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية عن أسباب الطلاق ان تدخل الأهالى هو السبب الرئيسى للانهيار المبكر للأسر ، حوالى ٢٤٪ من حالات الطلاق سببها تحكمات الأهل..
استغاثات متكررة بنسمعها من شباب كتير ان أهلهم بيخربوا علاقتهم بشريك حياتهم و بسبب تدخلاتهم المستمرة تم الطلاق بالفعل..
بس تفتكروا ايه دافع بعض الأهالى و ايه مبرراتهم للتدخل و التحكم فى حياة ولادهم؟
هقولكم بعض الدوافع
أولها دافع الحماية: من منطلق دول ولادى و من حقهم عليا أدافع عنهم و أحميهم.. أوجههم للصح و أحميهم من قراراتهم الغلط أو المندفعة بسبب قلة خبرتهم أو انهم بياخدوا قرارات غلط لإرضاء شريك الحياة..
وده غالبًا بيكون سلوك غلط لأنه من منظور الأهل فقط دون وضع الأبناء طرف فى المعادلة و بدون معرفة تفاصيل ظروفهم و حياتهم… و هذا النوع من الحماية المفرطة ممكن يخرب بيوتا عمرانة..
ثانى دافع: الحب .. ساعات الأهل من كتر حبهم لولادهم بيقتحموا حياتهم و بينتهكوا مساحتهم الخاصة ، رغم ان نيتهم بتكون خير بس بيستخدموا وسائل غلط فا بيتحول الحب المفرط لحب تملك و غيرة و رغبة ان ولادهم يكونوا تحت طوعهم هما و بس..
كتير بتلاقى أمهات مش متقبلة فكرة ان ابنها هيتجوز ونتيجة لكده بتعتبر مرات ابنها عدو لها من اللحظة الأولى و اذا لم يتم تسوية المشكلة دى البيت غالبا بيتخرب بسبب حب تملك الأم ..
ثالث دافع: ان بعض الأمهات بتحب تعيش دور الضحية من بعد زواج ابنها لكسب تعاطف ابنها و انها دايماً تكون محور اهتمامه بعد ما حست ان مراته أخدته منها …
رابع دافع: الفضول.. بعض الأهالى فضولهم بيدفعهم للتدخل و التفنن فى التسلط..
وطبعًا كلامى بعيد كل البعد عن التعميم بس وفقًا للأرقام الموثقة من مصادر حكومية فا تدخل الأهالى مشكلة واقعة بنرصدها و بنحاول نفهمها و نبحث لها عن حل..
وبالمناسبة تدخل الأهل مش لازم يكون سببه تحكمات منهم بصورة مباشرة.. له كمان صور غير مباشرة، بمعنى ان لو الابن اتربى ان شخصيته تكون ضعيفة - و ده تقصير من الأهل فى التربية - أو ان الابنة ملهاش شخصية و بتسمع لكلام أهلها و بس و بتضرب بكلام جوزها عرض الحائط فا هنا شخصية الأبناء ممكن تكون المحفز الأساسى لتدخل الأهل.
عشان كده لازم كل زوج و زوجة فى بداية حياتهم يرسموا خطوط عريضة لحياتهم، حدود واضحة لخصوصيتهم؛ لا يخترقها أهل الزوج و لا أهل الزوجة و كل ده يتم بمنتهى الاحترام و التقدير للأهل و المراعاة لمكانتهم و سنهم..
 وكلامى ده لا ينفى أبدًا مشورة الأهل و الأخذ برأيهم بالاتفاق مع شريك الحياة للاستفادة من خبرتهم و بُعد نظرهم و تحليلهم الأنضج للأمور.
ده يا بخت اللى ليه أهل و بيرجعلهم و بيستشيرهم…
فى بعض الأحيان تدخل الأهالى بيكون نتيجة لسلوكيات خطأ من الزوجين.. الزوج مثلًا يكون غضبان من مراته فا يجرى يحكى تفاصيل المشكلة لأهله و بالتالى هو سمحلهم بالتدخل فى المشكلة، و الأهل بالتالى لازم يقولوا رأيهم و يقترحوا حلول، ده غير طبعًا انهم بيشيلوا من الزوجة و ممكن يوجهولها نقد و لوم فا الزوجة لما تحس ان حياتها الخاصة بقت مستباحة بتاخد وضع الدفاع عن نفسها و كل ده بيسبب خلافات بينها و بين أهل زوجها بجانب خلافها الرئيسى مع زوجها…
فا أحيانًا تدخل الأهل بيكون بتصريح من الأبناء و ليس تطفل منهم أو رغبة فى فرض الرأي..
فى مجتمعاتنا العربية اعتدنا على تدخل الأب و الأم بشكل ما و فى متزوجين كتير بيقدروا يستوعبوا تصرفات الآباء و الأمهات و بيكونوا متفهمين لما وراء تدخلهم، لكن الأمر الذى لا يطاق الصراحة هو تدخل أخوات الزوج أو أخوات الزوجة.. و بنشوف ده بشكل واضح فى بيت العيلة …
بيت العيلة فى مجتمعنا العربى و المصرى بالأخص اقترن بالمشاكل…لإنه غالبًا بيت كل العلاقات فيه سداح مداح .. الأبواب كلها مفتوحة على بعض..
ولو الزوجة فكرت تستقل بحياتها و تحافظ على خصوصيتها بتتفتح عليها أبواب جهنم و بيتقال عليها «دى عايزة تستفرد بابننا… بتعصيه علينا… عايزة تقطعه من أهله».
بالإضافة للتلميحات السخيفة و الانتقادات اللاذعة اللى ممكن تسمعها من اخواته.. اللى بيعلقوا على بيتها و نضافتها و تربيتها لولادها و طريقة طبخها … مش بيسيبوا حاجة الا لما ينتقدوها…
وناهيك بقى عن المقارنات.. «شوفى عيشتهم و عيشتنا… شوفى بيلبسوا ايه و احنا بنلبس ايه!» «دى واكلة خير أخونا كله!»
غير طريقة كلام أهل الزوج الغير مقبولة لما بيتدخلوا فى خناقة و بيكونوا طبعًا فى صف ابنهم زى « ده بيت ابننا… ده بيت أخونا… انتى ملكيش حاجة هنا غير انك تاكلى وتشربى وتحمدى ربنا» و الزوجة تشيل منهم و المشكلة تكبر أكتر و أكتر..
فا الحل الأمثل لمشكلة بيت العيلة لو مليان تدخلات هو وضع حدود واضحة بمنتهى الحزم و الذوق بالاتفاق مع شريك الحياة…
هنحترم الكل و نوّد الكل بس مش مسموح ان حد يتدخل فى تفاصيل حياتنا أو ينتهك خصوصيتنا…
اللى هيدخل بيتنا يدخله باستئذان و احنا نشيله على راسنا من فوق…
فى الأول طبعًا هتتقابلوا بهجوم بس مع الوقت الكل بيتعود..
كل نظام بياخد وقت عشان يتم تطبيقه و بيحتاج مجهود وذكاء و صبر..
بس المهم ان يكون فى احترام و تقدير و ذوقيات فى التعامل مع الأهل من الطرفين…
فى متابعة كريمة مرة كتبتلى انها اتطلقت لإن أهل جوزها كانوا بيباتوا فى شقتها و هى مسافرة و بيفتشوا فى دولابها وبيستخدموا لبسها و لما طلبت من جوزها انهم يحترموا خصوصيتها الدنيا قامت و مقعدتش و انتهت بالطلاق!
عشان كده لازم تكون فى حدود واضحة مبنية على الاحترام و الأصول..
نتطرق هنا لأزمة كبيرة بتحصل بين الأهل و الأبناء..
لما ابن/ ابنة بيضعوا حدود و بيطلبوا من الأهل عدم التدخل فى حياتهم الشخصية بشكل مستمر بتلاقى أهالى كتير بتسمى ده عقوق و بينفوا عن ولادهم صفة البر رغم ان ولادهم بيعاملوهم بتوقير و إحترام و أدب ..
وبيعيشوا الأبناء بين نارين طول عمرهم و بإحساس رهيب بالذنب رغم انهم معملوش حاجة غلط .. لمجرد انهم بيدافعوا عن حياتهم و بيقفلوا باب مشاكل لا حصر لها…
طيب هل معنى كده ان أى نصح لين من الأهل بخصوص ولادهم أو حياتهم و بدون اجبارهم على تصرف معين يعتبر تدخل فى حياتهم و سبب للمشاكل؟
الإجابة لأ…
فى فرق كبير بين التدخل و النصح اللين من غير تعصب أو اصرار على تنفيذ تصرف معين…
نصيحة الأهل برفق سواء اتطلبت منهم أو ما اتطلبتش لا تعتبر تدخل على الاطلاق…
دى نعمة كبيرة من ربنا ان أهلك يكونوا خايفين عليك وينصحوك باللى فيه المصلحة و الخير…
وانت حر بقى يا تعمل بيها يا متعملش..
و أهمس فى أذن كل حماة لو هتنصح زوجة ابنها تنصحها بكلام لين و أسلوب فيه رفق و حب عشان الزوجة تتقبل منك و تحس انك بتعامليها زى بنتها.. لإن الاسلوب الحاد والهجوم بيجبر اللى قدامك انه يسد ودنه و ما يسمعش…
روت أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «إن الرفق لا يكون فى شيءٍ إلا زانه»
وياريت حضرتك كزوجة فى المقابل تتقبلى النصيحة اللينة من أم زوجك و تعامليها زى والدتك… أكبر مشكلة فى مجتمعاتنا اننا بنتعامل مع أهل الزوج كإنهم أعداء فى معظم الأحيان.. بناخد منهم موقف دفاعى بدون أى سبب بسبب المشاكل الكتير اللى بنسمعها قبل الزواج…
وده أكبر سبب لخلق عداوات ملهاش لازمة من أول فترة الخطوبة ..
أرجو من الأهالى المحافظة على استقرار حياة ولادهم..
ينصحوهم بدون تدخل.. يتركوا لهم مساحة للتصرف فى حياتهم..
يتقبلوا فكرة انهم اتجوزوا وبقت ليهم حياة مستقلة و ان ده مش هيأثر عليهم بالسلب..
احنا هدفنا فى الحياة نشوف ولادنا مبسوطين و مرتاحين ومش هنسامح نفسنا لو كنا سبب فى فشل حياتهم أو كسرة نفسهم او ان بسببنا بيت يتخرب لا قدر الله..

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة