مظاهرات النساء فى إيران
مظاهرات النساء فى إيران


«الإرهابية» ونظام الملالي وجهان لعملة واحدة

أخبار الحوادث

الأربعاء، 11 يناير 2023 - 03:23 م

كتب: عمرو فاروق

فى ظل التوتر الدائر في الداخل الإيراني، أين يقف أتباع مؤسس الإرهاب حسن البنا؟ هل يعلنون مواجهة أبناء الخميني؟ هل يدعمون التظاهرات المشتعلة في قلب العاصمة طهران؟ هل يشكلون جبهة داخلية تعلن رفضها انتهاكات «النظام الصفوي» ضد المدنيين؟ هل يقفون في خندق القوى السنية ويدعمون مطالبها؟ أم يتخلون عن الجميع ويبحثون عن مصالحهم على هامش الورطة السياسية التي وقعت فيها «ولاية الفقيه»؟ 

ينفذ «النظام الملالي» الآن جرائم ضد المتظاهرين في العاصمة الإيرانية، بلغت أكثر من 500 قتيل، و18 ألف معتقل، وفقًا لوكالة أنباء «هرانا» المعنية بحقوق الإنسان في طهران، في ظل احتجاجات تعصف بشعبية دولة الخميني، وتجبرها على تقديم تنازلات تمثل جزءًا من شرعية وجودها السياسي والفكري. 

لا شك في أن التظاهرات التي اجتاحت طهران خلال المرحلة الأخيرة من عمر «نظام الملالي»، لها أسباب لا يمكن قصرها أو حصرها في تدني الأوضاع المعيشية، وإنما أيضًا في حالة القمع والاستبداد والقهر التي يعيشها الشعب الإيراني بقومياته وتوجهاته المتعددة.

رغم ارتفاع الأصوات المناهضة للحكومة الإيرانية، لم تعلن جماعة «الدعوة والإصلاح»، (الممثل الرسمي لجماعة الإخوان المسلمين في طهران، والتي تأسست على يد أحمد مفتي زاده، وناصر سبحاني عام  1979) موقفها من الحوادث الجارية، في ظل التزامها واقعياً الصمت التام، وذلك لاعتبارات تاريخية وفكرية وسياسية. 

انضمام «إخوان إيران» إلى القوى الثائرة ضد النظام، احتمالية مستبعدة في إطار خضوعهم لتوجهات التنظيم الدولي لجماعة «الإخوان المسلمين»، وحساباته المعقدة ومصالحه مع «الدولة الخمينية». 

اقرأ أيضًا | مظهر شاهين: «الشعراوي» سحب البساط من تحت أقدام الإخوان لمدة 40 عامًا

العلاقة بين «إخوان إيران» و»نظام الملالي»، ظاهريًا متوترة منذ تأسيس الحركة في العمق الإيراني، وبلغت ذروتها باعتقال أحمد مفتي زاده عشر سنوات متصلة، وإعدام زعيمها الروحي ناصر سبحاني عام 1989، في إطار حالة استبدادية مارسها أتباع الخميني على مختلف الصعد السياسية والعقائدية والاجتماعية، وتخوفات من تمدد المذهب السني، وسقوط دولتهم تدريجيًا بعد تغليفها بعباءة عقائدية. 

حالة الصمت الإخواني تجاه جرائم النظام الايراني لم تتوقف عند جماعة «الدعوة والإصلاح» الإيرانية، لكنها شملت كذلك مؤسسات التنظيم الدولي، التي لم تعلن موقفها حيال الأوضاع المضطربة في العاصمة طهران، لا تأييدًا ولا شجبًا، وغضت طرفها عن القمع والتعذيب والقتل الممارس تجاه المناهضين للنظام وقيوده. 

في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، بيانًا منسوبًا إلى «الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين»، (التابع للتنظيم الدولي لجماعة الإخوان)، منددًا بالتظاهرات الإيرانية الراهنة، ومطالبًا باتخاذ الإجراءات الصارمة تجاه من وصفهم بـ»العملاء المخربين»، ليخرج عقبها الأمين العام لـ»اتحاد علماء المسلمين»، علي القرة داغي، نافيًا صحة البيان، ومعتبرًا أنه «صنع في الغرف المظلمة» على حد تعبيره.

التفاهمات التي قادها المتحدث الرسمي الأسبق للتنظيم الدولي، يوسف ندا، في تسعينات القرن الماضي، حركت المياه الراكدة بين الحركة الإخوانية و»النظام الصفوي»، ودفعت إلى توافق المصالح بينهما، وتحوّلها إلى ذراع تابعة للحرس الثوري الإيراني في عمق المنطقة العربية، رغم عدم إشهارها والاعتراف بها رسميًا. 

هيمنة عبد الرحمن بيراني، على رأس سلطة جماعة «الدعوة والإصلاح» الإخوانية، منذ عام 1991، مهدت الطريق بين الحركة و«نظام الملالي» والحرس الثوري، في بناء قواسم مشتركة على مستوى المصالح المتبادلة، لا سيما في ظل عضويته في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وقيامه بدور وسيط وعراب للاتفاقات بين «ولاية الفقيه» والقوى الإسلاموية الأصولية في المنطقة العربية والشرق الأوسط.

على خطى التنظيم الدولي، لم تخف جماعة «الدعوة والإصلاح» الإخوانية وأمينها العام عبد الرحمن بيراني، تأييدها «النظام الصفوي» في بيانات رسمية، فمنحها تقلد المناصب الإدارية، والاستحواذ على مقاعد برلمانية، في إطار علاقة مرنة جمعت بينهما على مدار السنوات الماضية. 

لعب عبد الرحمن بيراني دورًا في تهدئة الأوضاع بين أنقرة وطهران، في ظل توتر العلاقات بينهما حول المشهد السوري، وتحديدًا في عام 2017، كمبعوث رسمي للرئيس الإيراني السابق حسن روحاني، فضلاً عن دوره في نقل الرسائل بين «نظام الملالي»، وحركة «حماس».  

في أعقاب إطاحة حكم «المرشد» في 30 يونيو 2013 في القاهرة، استثمر عبد الرحمن بيراني علاقته الجيدة بـ»النظام الصفوي»، داعيًا إلى تنظيم تظاهرات مناهضة للدولة المصرية في شوارع طهران، بقيادة جليل بهرامي، مسؤول الهيئة التنفيذية في الجماعة، رافعين شعار «رابعة».

سقوط «دولة الخميني» ونظام الملالى يمثل ضربة قوية لمعسكر «الإسلام السياسي»، ونموذجًا حيًا لفشل التجارب الإسلاموية في الوصول إلى السلطة، وعلى رأسها جماعة الإخوان التي روجت للثورة الإيرانية، على أنها ملهمة للحركات الأصولية في تحقيق مزاعم قيام «الخلافة الإسلامية» شرقًا وغرباً.

العلاقة الوثيقة والتاريخية بين «النظام الإيراني» وجماعة «الإخوان المسلمين»، تغلفها جوانب أيديولوجية فكرية، ومساع سياسية توسعية في إطار قواسم مشتركة ومتركزة في «مبادئ الحاكمية» التي رسخها سيد قطب وأبي الأعلى المودودي، وتجاوزهما مفاهيم «الدولة الوطنية والحدود الجغرافية»، فضلاً عن صوغهما مشروع «دولة الخلافة». 

رغم الخلافات المذهبية، فتحت طهران ذراعيها لجماعة «الإخوان المسلمين»، والتيارات الأصولية المسلحة، ودعمتها وفقًا لأهداف ظاهرها التوافق، وباطنها التوظيف والاستغلال في إطار تدميرها للإسلام السني، واستكمال تمدد مذهبها الشيعي، وضمان ولائها المطلق في عدم تهديد مصالحها السياسية أو التصادم مع أذرعها، فضلاً عن توظيفها كأوراق ضغط على الأنظمة العربية والغربية. 

الارتباط الفكري والنفسي بين قيادات جماعة الإخوان والثورة الإيرانية؛ دفع عددًا منهم إلى الإعلان صراحة عن تأييد رموزها ومفكريها، وفقًاً لما ذكره نعمان بن عبد الكريم الوتر، في كتابه «الخطوط العريضة لجماعة الإخوان المسلمين» من أن عبد المجيد الزنداني، أحد كبار مؤسسي جماعة «الإخوان المسلمين» في اليمن، قال: «إنّ في عُنقي بيعة للخميني!». ويقول يوسف القرضاوي في كتابه «أمتنا بين قرنين»: «لم تقم للإسلام في هذا الزمان إلا دولتان: الأولى دولة الإمام الخميني، والثانية دولة الترابي في السودان». 

في كتابه «الإخوان المسلمون وإيران.. الخميني – الخامنئي»، أورد الباحث السوري، محمد سيد رصاص؛ أنّ وفد الإخوان الذي زار إيران بعد انتصار الثورة 1979، طرح على الخميني مبايعته «خليفة للمسلمين»، مقابل إعلان الخميني أنّ خلافات الصحابة حول «الخلافة»، و»الإمامة» هي «خلافات سياسية، وليست عقائدية»، وأنّ الخميني تريث ووعدهم بالإجابة لاحقاً، ليعلن عقبها صوغ دستور الدولة الإسلامية الوليدة في إطار اعتماد «المذهب الجعفري»، مذهبًا رسميًا، و«ولاية الفقيه» نائبًا عن الإمام الغائب. 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة