محمد البهنساوي
محمد البهنساوي


محمد البهنساوي يكتب: ناصر.. حتى فى موته حى !!

محمد البهنساوي

الإثنين، 16 يناير 2023 - 05:46 م

أول أمس، مرت ذكرى ميلاد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وكالعادة لم تمر مرور الكرام، فذكرى ميلاده ووفاته وغيرهما تشهد حالة جدلية تصل لحد التشابك اللفظى والمنهجى بين الكثير من الرموز بمصر، حالة تؤكد بكل ما تشهده من سخونة وتراشق أن ناصر رغم موته ما زال حيا فى ضمير أمتنا، ورغم زوال سلطته إستمر مسيطرا وبقوة على عقلنا الجمعى والمجتمعي.

وما لا يختلف عليه المناصرون والرافضون لناصر أنه حالة فارقة ليس بتاريخ مصر والمنطقة إنما العالم كله، وإذا توقفنا عند تلك الحالة وقبل أن نلامس بعض عناصرها، أؤكد أننى مثل مئات الملايين لست ناصريا ولا من دراويشه مدركا سلبيات كثيرة لديه، لكننى مفتون بالكثير والكثير مما حققه لمصر وأمته العربية، بل ومرت بى مواقف كثيرة للمنطقة أترحم فيها على «أبو خالد» وأيام عزه الوطنى والقومى، وأعتقد أن حالتى ومعى مئات الملايين، هى ما تجعل ناصر حيا وسيظل رغم موته.

لا يمكننا تجاهل ملاحظات المعارضين للتجربة الناصرية حول سلبياتها من خسائر إقتصادية، ومركزية السلطة والقرار، والإضرار بالتجربة الديموقراطية وتراجع الحريات التى كانت فى أوجها قبل ثورة يوليو 1952، والثمن الباهظ الذى دفعته مصر من بعض الخطوات والتدخلات المفتقدة للحسابات الكاملة الموضوعية، وما تحملته من تبعات مازال تأثيرها مستمرا من التجربة الإشتراكية.

لكن إذا كانت تلك مآخذهم، فهل ينكرون ما حققه جمال من إيجابيات ندرك الآن أنها من المعجزات، هل ننكر أنه أعاد الكرامة الوطنية وبقوة، وجعل المصريين، بل والعرب يفتخرون بوطنيتهم وقوميتهم، هل نتناسى أن مصر كانت دولة محورية صاحبة قرار يقف عنده العالم ويتحسب له، من منا لم يقشعر بدنه وهو يرى قاعة الأمم المتحدة تهتز بتصفيق زعماء العالم لناصر ووقوف الوفود إحتراما له، ليقول نائب الرئيس الأمريكى وقتها نيكسون أن ناصر يحكم نصف العالم، هل يغالب المعارضون لناصر دموعهم وهم يسمعون أبيات التمجيد والتبجيل له فى كل مكان تحط فيه رحالنا حول العالم حتى الآن، كيف كانت مصر وناصر بالنسبة للعرب وإفريقيا والعالم الثالث، إنه إرث فشلت مصر لعقود أن تستفيد منه، ولا ننسى كلمة زعيم جنوب إفريقيا التاريخى نيلسون مانديلا فى واقعة صفر المونديال الشهيرة، رغم فوز بلده بالتنظيم: «حزين أن مصر عبد الناصر لم تحصل على صوت واحد» !!

ألم أقل لكم أن ناصر سواء اتفقت أو اختلفت معه سيظل حيا نابضا، ولم أجد تجسيدا لتلك الحالة أفضل من أبيات المبدع الراحل أحمد فؤاد نجم فى رائعته «زيارة لضريح عبد الناصر»، عندما قال: «وإحنا نبينا كده، من ضلعنا نابت، لا من سماهم وقع، ولا من مرا شابت، ولا انخسف له القمر، ولا النجوم غابت، أبوه صعيدى وفهم قام طلعه ضابط، ظبط على قدنا وع المزاج ظابط، فاجومى من جنسنا، ما لوش مرا عابت، فلاح قليل الحيا، إذا الكلاب سابت، ولا يطاطيش للعدا، مهما السهام صابت، عمل حاجات معجزة وحاجات كتير خابت، وعاش ومات وسطنا، على طبعنا ثابت، وان كان جرح قلبنا كل الجراح طابت، ولا يطولوه العدا، مهما الأمور جابت».
رحمك الله أبا خالد، وحقا لو كنت جرحت قلوبنا فكل الجروح طابت.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة