المستشار حمادة الصاوي
المستشار حمادة الصاوي


..ومن يحاكم القانون؟!

جودت عيد

الخميس، 19 يناير 2023 - 08:27 م

تحامل على نفسه رغم مرضه، تحرك فجرًا من منزله بعين شمس إلى العريش كعادته كل أسبوع، حاملًا أوراق امتحانات طلابه، فهو أستاذ جامعي بجامعة العريش منذ سنوات.

كانت اتصالات المسئولين بالجامعة لا تتوقف طوال الطريق، الجميع يؤكد عليه الحضور باكراً، الساعة الثامنة صباحاً موعد الامتحانات، وأي تأخير سيتحمل عواقبه التأديبية.

أسرع الأستاذ الجامعي راكباً سيارة أجرة إلى حيث وجهته مدينة العريش، وبمجرد أن اقترب من نفق الإسماعيلية أوقفت الشرطة السيارة، قاموا بتفتيش جميع الركاب كإجراء أمنى، وأخذوا بطاقات هويتهم للكشف عنهم.

حاول الدكتور ناصر وهدان أن يخبرهم أنه أستاذ جامعي بجامعة العريش وأن طلابه في انتظاره لتسليم الامتحانات إليهم، لكن أحدهما أصر على الكشف على بطاقته الشخصية، وبعد دقائق جاء الرد «رجاء توقف هنا، وعلى سيارة الأجرة المغادرة، هناك حكم نهائي بحبسك عاماً في قضية مخالفة بناء، ويجب اتخاذ الإجراءات القانونية بحقك».

استجاب الأستاذ الجامعي لطلبهم، لكنه حاول أن يشرح لهم مضمون القضية وأنه تصالح فيها، وأن هذا الحكم غيابي، لعدم حضور محاميه جلسات الاستئناف والمعارضة الاستئنافية، لكن لم ينتبه إليه أحد، سار القانون في طريق التنفيذ، تم اقتياد الأستاذ الجامعي إلى قسم ثالث الشيخ زايد بالإسماعيلية يوم الثلاثاء الموافق 10 يناير 2023، وبعدها بأيام تم نقله إلى مدينة 15 مايو، وبعدها قسم عين شمس، حيث محل اقامته، ومازال محتجزا لدى الشرطة حتى الآن.. وبعد عرضه على النيابة أخذ الأستاذ الجامعي يسرد للقاضي تفاصيل الواقعة المحتجز فيها منذ اسبوع.

قال «تحرر محضر ضدي من حي عين شمس بتاريخ 8 أغسطس 2017، وتم إحالتي للمحكمة، ولم أعرف أنا أو المحامي موعد الجلسة، وصدر حكم غيابي ضده، حيث كانت القضية موقوفة تعليقا.»

اقرأ أيضًا | رئيس الوزراء يتفقد سير العملية التعليمية بجامعة العريش

وتابع الأستاذ الجامعي «المخالفة الثابتة بحقي عبارة عن بناء شقة واحدة مساحتها 50 مترا فقط وليست شقتين على مساحة 100 متر كما ورد في المحضر، وحتى الآن لم يودع الخبير تقريره في القضية، كما تم إدخال الكهرباء والماء للشقة عام 2013 ولم يتحرك الحي لإثبات المخالفة سوى في شهر أغسطس عام 2017 أي بعد 4 سنوات من تاريخ البناء وإدخال المرافق».

وأضاف الأستاذ الجامعي «تقدمت للحى ودفعت جدية التصالح كاملة ورسم الفحص عن الشقة التي تخصني، وتحصلت على شهادة من الحى تفيد جدية التصالح وسداد كامل الرسوم المقررة، ومثبتة في ملف القضية بتاريخ 9 أكتوبر 2020 ومنذ ذلك التاريخ وأنا أحاول الحصول على نموذج (3) إلا أن الحى تقاعس عن إعطائي النموذج إلى أن صدر الحكم الغيابي.»

ظروف الأستاذ الجامعي تحتاج تدخلاً من المستشار حمادة الصاوي النائب العام، خاصة أنه صدر قرار من جامعته بتحويله للتحقيق لعدم تسليمه أسئلة الامتحانات، كما تم تأجيل مناقشة رسائل الدكتوراه التي يشرف عليها هذا الأستاذ الجامعي، إلى جانب مرضه فهو يعاني من عدة أمراض بعضها خبيث «في الكلى والكبد» طبقا للتقارير الطبية المثبتة في ملف القضية، كما أن عمره شارف على الـ60 عامًا بالإضافة إلى إنه قائم على رعاية ابن له مريض نفسى «ثنائي القطب» وهذه الشقة نصيبه من ورث والده بموافقة الورثة ومثبت ذلك في القضية، وكتبها لنجله الصغير حماية له.

رسالة من خلف القضبان
رسائل الأستاذ الجامعي إلى النائب العام كثيرة لكنه اختصها قضائيا في كلمات قال «رجاء تفضلوا بإصدار أمركم بتمكيني من عمل معارضة استئنافية حفاظا على حياتي الصحية والمهنية ومكانتي وسمعتي كأستاذ جامعي، إلى جانب استخراج شهادة لي حتى أتمكن من إخلاء سبيلي من قسم الشرطة الذى أتواجد به حاليا، فأنا أتنقل من قسم لآخر، وتمكيني من استلام نموذج (3) وسداد قيمة جدية التصالح والفحص، و سداد أية رسوم أو مستحقات للحى حتى أتمكن من إنهاء القضية التي استمرت ما يقرب من 6 سنوات».

أتمنى أن تجد رسالة الأستاذ الجامعي صدى لدى رجال العدالة الذين لا يتأخرون عن تطبيق روح القانون، خاصة أن من يستغيث بهم «مربٍ فاضل وأستاذ جامعي».
وأملى أن يتم تغيير القانون وأن تكون مثل هذه المخالفات عقوبتها غرامة فقط وإزالة الجزء المخالف بعد أن أصبحت وسيلة للسجن.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة