د. محمد مختار جمعة وزير الأوقاف
د. محمد مختار جمعة وزير الأوقاف


«الأوقاف» تعلن الحرب على الإلحاد وتضع خارطة طريق لسبل مواجهته

اللواء الإسلامي

الجمعة، 20 يناير 2023 - 11:28 ص

عرض :  أحمد عطية صالح

فى كتاب مخاطر الإلحاد وسبل المواجهة إشراف وتقديم د. محمد مختار جمعة وزير الأوقاف.. يقدم حلولاً عملية لمواجهة الفكر الإلحادى ومعالجة أسبابه وتفنيد شبه الملحدين مع إبراز أهمية التدين الصحيح الخالص لوجه الله.
وقد حددت وزارة الأوقاف 6 محاور لمواجهة الإلحاد

أن سبل مواجهة الإلحاد لابد أن تسير في طريقين متوازيين:
الأول: الطرق الوقائية، والتى تعالج الأسباب التى تهييء المجتمع لظهور الإلحاد، وذلك عن طريق الاهتمام بأسس التنشئة، ومعالجة الضعف المعرفى، والتأسيس للوعى الدينى الصحيح من خلال المناهج التربوية والتعليمية، وتحقيق العدالة الاجتماعية.
الثانى: الطرق العلاجية، وهى التى تكون عن طريق تفعيل دور وسائل الإعلام والمؤسسات التعليمية والثقافية، ودور الجمعيات الأهلية والمؤسسات الخيرية والنقابات المهنية وجمعيات حقوق الإنسان والرد على شبهات الملحدين، فى الجانبين العلمى والفلسفى.

الطرق العلاجية لمواجهة الإلحاد
إن علاج قضية الإلحاد هو جزء من الوقاية منه، سواء كان ذلك بمحاولة إعادة من ألحد إلى حظيرة الإيمان، أو مواجهة دعاة الإلحاد برد شبههم، لأن هؤلاء يبثون أفكارهم فى عقول أفراد المجتمع، لذا فمقاومتهم هو جزء من وقاية غيرهم من الوقوع فى الإلحاد والشك.
ونستطيع أن نواجه ظاهرة الإلحاد من خلال العناصر الآتية:

أولاً: دور المؤسسات الدينية.
ثانياً: دور المؤسسات الثقافية والتعليمية.

ثالثاً: دور وسائل الإعلام.
رابعاً: اتباع منهج الحوار والإقناع، ودوره فى رد شبهات الإلحاد.

أولاً: دور المؤسسات الدينية:
لاشك أن للمؤسسات الدينية دوراً مهماً فى مواجهة ظاهرة الإلحاد، لما هذه المؤسسات من مكانة فى قلوب الناس، وتأثير قوى من خلال التواصل المباشر معهم عبر الخطب، والدروس، والقوافل، والمحاضرات والإصدارات، والندوات، والمؤتمرات التى تعقد لتصحيح المفاهيم الخاطئة، ونشر الوعى، ومحاربة التطرف، وتصحيح المفاهيم الخاطئة، وإظهار المقاصد السامية للشرائع السماوية، وبيان أنها لا تتعارض مع الفطرة السليمة، يقول تعالى: «فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ».

ولاشك أن الشرائع السماوية قد أجمعت على ما فيه خير البشرية، وما يؤدى إلى سلامة النفس والمال والعرض، وقيم العدل، والمساواة، والصدق، والأمانة، والحلم، والصفح، وحفظ العهود، وأداء الأمانات، وصلة الأرحام، وحق الجوار، وبر الوالدين، وحرمة مال اليتيم، وصالح البلاد والعباد، فحيث تكون المصلحة فثمة شرع الله، وهى مبادىء إنسانية عامة لم تختلف عليها الشرائع السماوية، ولم تنسخ فى أى شريعة منها.

وفى ضوء ما تمر به منطقتنا من استهداف متعدد الجوانب من خلال حروب الجيل الرابع التى تهدف إلى تمزيق المجتمعات وتحللها فى جميع الجوانب قيماً وأخلاقاً بشتى السبل: بالإرهاب المصنوع، والإلحاد الموجه أو الممول، وإثارة النعرات العرقية أو القبلية أو الطائفية، فصار الإلحاد موجهاً ومسيساً وممولاً، قصد الإسهام في إحداث حالات الفوضى والإرباك، فإنه لا أحد ينكر الخطوات الملموسة التى تقوم بها المؤسسات الدينية فى تصحيح الكثير من الأفكار المغلوطة، وتجديد الخطاب الدينى، واسترداده بعد ما كان مختطفاً لعقود طويلة، مع تأكيدنا على أننا فى حاجة إلى تكامل الأدوار وتنسيقها، وبذل المزيد من الجهد والعطاء المشترك فى معالجة سائر الظواهر السلبية، وترسيخ المفاهيم والقيم الإيجابية.

كما ينبغى أن تتسع دائرة هذا التنسيق لتشمل سائر الوزارات والهيئات والمؤسسات العربية والإسلامية المعنية بالفكر وبناء الشخصية لمواجهة كل هذه التحديات.
وهذا يتطلب من كل عقلاء الأمة وحكمائها والوطنيين الغيورين على دينهم وأوطانهم أن يفطنوا لكل هذه المخططات الخبيثة المشبوهة التى لا تخدم سوى أعداء الأمة والقوى الاستعمارية الطامعة فى منطقتنا العربية وخيراتها ومقدراتها الاقتصادية والجغرافية، ويستدعى منا الوقوق وقفة رجل واحد فى مواجهة كل هذه التحديات، والعمل على أرضية إيمانية ووطنية وقومية مشتركة، نعمل فيها بكل جد وحسم على مواجهة الإلحاد وتفنيد شبه الملحدين.

خطة الأوقاف
ومن بين ما قامت به وزارة الأوقاف المصرية لمواجهة ظاهرة الإلحاد نذكر ما يلى:

> العمل من خلال الخطب والدروس والندوات والمقالات الصحفية والأحاديث الإعلامية والقوافل الدعوية والدورات التدريبية والمدارس العلمية والقرآنية على تقوية الحس الإيمانى، وتحصين النشء والشباب من مخاطر الفكر الإلحادى.
> عقد دورات تدريبية لشباب الأئمة عن «مداخل الإلحاد ومهارات التواصل والحوار».

> إقامة صالون الأوقاف الثقافى، تحت عنوان «الإلحاد أسبابه ومخاطره؟ وهل هو ظاهرة أو عرض؟.
> إقامة «ملتقى الفكر الإسلامى» تحت عنوان: «بين التطرف والإلحاد».

> عقد العديد من الندوات والمحاضرات العلمية الكبرى تحت عنوان: «مخاطر الإلحاد وسبل مواجهته».
> التعاون مع وزارة الشباب والرياضة فى مبادرة «بالعقل كده» من أجل حوار هادف موجه، وتفنيد شبه الملحدين بالحجة والبرهان.

ثانيا: دور المؤسسات

الثقافية والتعليمية:
لهذه المؤسسات تأثير كبير فى نفوس الجماهير، ولاشك أن معالجة ظاهرة الإلحاد والتصدى لها - من الناحية الثقافية والتعليمية - يقع على عاتق الكتاب والأدباء والمفكرين والمعلمين، كما يقع على عاتق أهل الفن والمسرح، وكتاب الرواية والفنانين التشكيليين ونحوهم ممن لهم باع كبير فى هذا المجال، حيث إن لهم جمهوراً كبيراً من المتابعين الذين يتأثرون بما يقدمون من أعمال، وواجب هؤلاء خطير، حيث إنه من الواجب عليهم أن  يقدموا ما يخدم دينهم وعقيدتهم وأوطانهم، كما يجب أن يتصدوا - من خلال أعمالهم - للهجات الفكرية الشرسة التى تتعرض لها العقيدة، حتى يحصنوا الشباب من الحملات الوافدة، خاصة تلك الأعمال التى غزت بيوتنا جميعاً بعد عصر السموات المفتوحة، والتى يعبر بعضها عن ثقافات وقيم مختلفة، ربما تنال من قيمة الدين ومكانته فضلاً عن إنكاره.

إن دور الأدب - من شعر ونثر وأعمال فنية - لا ينكر فى مواجهة ظاهرة الإلحاد، فالأعمال الفنية لها تأثير كبير فى نفوس الصغار والكبار على حد سواء، فالأدب والمسرح والفن التشكيلى والرواية والقصة القصيرة وغيرها من الفنون الجميلة مثلها مثل غيرها من الوسائل، فيمكن أن تكون حائط صد ضد الأفكار المنحرفة الواردة والمحلية.

كما أن دور العلم والعلماء وواضعى المناهج دور عظيم فى تشكيل الوعى العلمى والبحثى لدى المجتمع، على أسس منهجية، بما يمكنه من مواكبة العصر وإنجازاته، والمشاركة فى صناعة أحداثه وحضاراته الحديثة، دون ابنهار يخلف عجزاً، أو يأس يخلف انسلاخاً عن الذات والهوية والحضارية.
لذا وجب على المسئولين عن الثقافة والتعليم أن يتعاونوا مع المؤسسات الدينية ووسائل الإعلام، من أجل حماية مجتمعنا عامة وشبابنا خاصة من الانجراف أو الانحراف نحو هذه الأفكار الشاذة والمعتقدات الباطلة، التى تنتهى حتماً بما لا تحمد عقباه، وأن يقدموا المحتوى الذى يحمى العقيدة ويدافع عن الدين ويخدم الوطن.

ثالثاً: دور وسائل الإعلام:
لا ينكر أحد أن للإعلام فعل السحر فى نفوس الناس وعقولهم وقلوبهم، وقد سمعنا ورأينا وشاهدنا أن وسائل الإعلام تؤثر فى جميع طوائف الشعب، كبيرهم وصغيرهم على حد سواء، كما أيقنا أنها قد تكون سبباً فى رفع أقوام وخفض آخرين، وذلك من خلال وسائله المعهودة، مقروءة كانت أو مسموعة أو مرئية.

وإذا كنا فى بحث الحلول العملية لأزمة انتشار ظاهرة الإلحاد نقرر أن لوسائل الدولة وأجهزتها المختلفة دوراً ذا أهمية بالغة فى مواجهة هذه الظاهرة، فإن الإعلام أحد أهم هذه الوسائل.
فللإعلام دور فى الدعوة إلى نشر الفضيلة من خلال الدعوة إلى تيسير الدين وفهمه فهماً صحيحاً يتواءم مع روح العصر ومقتضياته، وبيان أهميته للناس فى تحقيق سعادة الفرد واستقرار المجتمع.
ويمكن لوسائل الإعلام المختلفة أن تتبنى حملة لتوعية الشباب بمخاطر الإلحاد على الفرد وعلى المجتمع، حيث إنه انتهى بكثير من الناس إلى الانتحار وإنهاء حياتهم.

آليات تفعيل دور الدين
فى مواجهة الإلحاد:
يتجلى دور الدين فى مواجهة الإلحاد من خلال النقاط التالية:

. تجديد الخطاب الدينى.
. دراسة الخطابات الدينية المختلفة والسائدة، وبذلك نصل لمعرفة الأزمة ووضع الاستراتيجيات لعلاجها.
. التأكيد على رجوع العلماء إلى النص، واستنباط الأحكام منه، ومعرفة أنه لا حرام إلا بنص، فالتحليل والتحريم خاص بالله تعالى، وما لا يوجد نص صريح فيه يبقى فى مجال الاجتهاد، وأن لا يطلق القول فيه بالتحليل والتحريم، كما كان يفعل الأئمة المجتهدون فى الأمور الاجتهادية، فيقولون: أكرهه، ولا بأس به، ولا يقولون: حرام، أو حلال.
. تفعيل قاعدة تغير الفتوى بتغير ظروفها الأربع (الزمان والمكان والأحوال والأشخاص)، وتجدد الاجتهاد فى كل عصر، فلابد لأهل كل عصر من اجتهاد جديد يتوافق مع متغيرات عصرهم، ويحل مشكلاته.

> المحافظة على أساليب اللغة العربية وقواعدها فى تفسير النصوص وتأويلها، باعتبارها نقطة انطلاق فى تجديد الخطاب الدينى.
> معالجة المشكلات المثارة حول التراث، وعدم الاعتماد الدائم والكلى على القديم، وابتكار مناهج خاصة فى تناول العلوم، مع الحفاظ على التراث بوصفه كحلقة من حلقات البناء المعرفى للأمة.

> التركيز على وسطية الإسلام، وتنقيح الفكر الدينى مما شابه من إفراد أدى إلى التشدد، أو تفريط أدى إلى الانحلال.
> الاهتمام بالعقل ودوره سواء فى فهم النص الدينى، أو تعمير الكون، وشتى ممارسات الحياة.

> البعد عن الخرافة، والاهتمام ببناء العقلية النقدية لا العقلية الخرافية، فإن من أهم الأمور التي تؤدى إلى الإلحاد المغالاة فى الخوارق التى يتسم بها بعض المتدينين.
وللمؤسسات الدينية دور فاعل فى مواجهة ظاهرة الإلحاد، ويتم هذا بأمرين:

إعلام الناس بفقه مقاصد الشريعة الغراء:
إن علماء الأمة هم رجالها الأوفياء، الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر، ورثوا العلم عن الأنبياء، مصداقاً لقول المعصوم صلى الله عليه وسلم: (إن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، إنما ورثوا العلم، فمن أخذ به أخذ بحظ وافر)، الدين جاء بالحث على طلب العلم، وأنه فريضة على كل مسلم، وأن الله يرفع الذين آمنوا والذين أوتوا العلم درجات، كما بين القرآن الكريم أن العلماء هم أكثر الناس خشية لله، وذلك فى قوله تعالى: «إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ».

ولذا فإن دور العلماء كبير، ومسئوليتهم خطيرة، لأن عموم الناس يأخذون منهم القدوة، ويعتبرونهم المثل الأعلى فى كل شىء، فيجب عليهم أن يبذلوا قصارى جهدهم فى بيان مقاصد الدين فى شرع الإسلام، كما يبينون للناس أن الدين ليس سيفاً مسلطاً على رقابهم، لكنه النور الذى يخرجهم من ظلمات الجهالة، ويرفع عن كاهلهم نيران الخرافات، ويحقق لهم سعادة الدارين، لأنه شرع من خلق السموات والأرض، وعلى العلماء أن يثقفوا الدعاة والوعاظ بأحكام القضايا المعاصرة التى تستجد.

تجديد الخطاب الدينى

وإذا كنا فى عصر العولمة نطالب بتجديد خطابنا الدينى فى خطابنا للآخر، فإنه من باب أولى أن نجدد خطابنا لأنفسنا وذواتنا، وأن يكون المتصدون لدعوة الناس ووعظهم على قدر من العلم والفطنة ما يؤهلهم لإمامة الناس وتوجيههم.

فعلى الخطباء والواعظين أن يتوسطوا فى خطابهم للناس، وأن ينزلوا إلى واقعهم بدعوتهم إلى الخير، إلى حسن الجوار، إلى حسن المعاملة، إلى الإخلاص فى العمل، إلى نهضة بلادهم وعلو شأنها.
إن على هؤلاء الدعاة أن يبينوا للناس أن الإسلام يدعو إلى كل خير، وينهى عن كل شر، ويرتقى بالإنسان إلى مستوى رفيع، وينزهه عن كل ما يورث خللاً فى العقيدة، أو مرضاً فى البدن.. والإنسان المؤمن هو الإنسان السوى الذى يلتقى فى عقله وقلبه منهج الله، وقانون الفطرة الإنسانية الرشيدة، ويعيش سعيداً بدينه مع بنى الإنسان، يتعامل بالخير، ويدعو بالحسنى، ويحب لأخيه ما يحبه لنفسه.
وعلى الداعية أن يبين للناس ما أحل لهم وما حرم عليهم، يأخذ بأيديهم إلى الله تعالى، يبين لهم أن الإسلام منهج حياة، وأن من شرعه الوسطية فى كل شىء، فلا إفراط ولا تفريط، وأن من مقاصده العليا الحفاظ على العقل، والإكثار

من التفكر فى خلق الله فى الأرض والسماء، ولذا فقد حرم كل ما يذهبه أو يضره، أو يأخذه بعيداً عن الغاية التى لأجلها خلق، وأن يكون قدوة فى كل ذلك.
. إعلام الناس بفقه الأولويات وفقه الموازنات: وذلك من خلال تأسيس فقه الأمة فى مقابل فقه الفرد.

أقرأ أيضأ : وزير الأوقاف: لا تنمية دون سلام وأمن وأمان

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة