الجمعة، 20 يناير 2023 - 06:44 م

استوقفنى مشروع يبحث عن جواهر ثمينة مخبأة تحت الأنقاض، وتجربة فريدة تكشف اللثام عن كنوز عظيمة، لا يدرك قيمتها إلا من يعى عوائدها الكبيرة على الأوطان، ويعرف دورها فى النهوض بالمجتمعات، ويفطن لما يمكن أن تحققه من ثروات ضخمة للبلاد، ويعلم أنها أفضل استثمار من أجل المستقبل.

أتحدث عن كنوز مصر المنسية من الأطفال النوابغ فى الأقاليم، والمناطق النائية والمُهمّشة على حدود المحافظات، أولئك الصغار الذين يعيشون تحت خط الفقر، وفى ظروف بيئية واجتماعية شديدة القسوة، وعن عباقرة يتمتعون بمؤشرات ذكاء فائق، ولا يجدون من يقدر مواهبهم ويُنمّى ذكاءهم ويرعاهم، عن أطفال مهمشين فاتهم قطار التعليم، لكن القدر مد إليهم يد العون، وفتح أمامهم السبيل لكى يدركوا ما فاتهم من خلال المدارس المجتمعية، التى تُوفر بديلاً للتعليم العام فى ريف وصعيد مصر، وتعمل بالتوازى مع خدمة التعليم الأساسى، لتساهم فى رفع معدلات التحصيل العلمى، وإعادة المتسربين إلى المنظومة التعليمية.

صاحب مشروع اكتشاف هؤلاء النوابغ والعقول المتميزة، د.عمرو هلال عضو اللجنة الوطنية للدواء، لديه قناعة كاملة بأن جينات الحضارة المصرية موجودة فى القرى أكثر من المدن، وأن هؤلاء الأطفال لديهم عزيمة وإصرار ودلائل نبوغ واضحة، وبما أن 34% لدى كل الشعوب متوسطو الذكاء، و2% لديهم ذكاء مرتفع، و0٫1%عباقرة، فهذا يعنى أن هناك 34 ألف نابغة بين أطفال مصر حتى 14سنة، والبالغ تعدادهم 33 مليون طفل، وإذا قمنا باكتشافهم ورعايتهم، يمكن أن يحققوا مردوداً اقتصادياً ضخماً لمصر، قد يصل إلى 100 ضعف إيرادات قناة السويس!

لذا شكّل د.عمرو فريقاً علمياً من أساتذة المركز القومى للبحوث، بشراكة مع إحدى مؤسسات المجتمع المدنى، لقياس ذكاء الأطفال بالمدارس المجتمعية، والبالغ عددهم 33 ألف طفل فى 11 محافظة، وبدأ تنفيذ التجربة من قرية «سمسطا» على حدود بنى سويف، ومن بين 25 طالباً وطالبة عثر على الطفلة النابغة «مها» عمرها 9 سنوات ومستوى ذكائها «116»، برغم البيئة وظروف المعيشة القاسية، وهذا يعنى أن ذكاءها يفوق «140» إذا توافرت لها البيئة الصحية، وبما أن هناك طفلة نابغة من بين 25 طفلاً، فهذا يعنى أن نسبة النوابغ 4% لدى أطفال يعيشون فى بيئة غير مبشرة إطلاقاً! 

وللحديث بقية عن النابغة «مها» وإخوتها.