علاء عابد
علاء عابد


علاء عابد يكتب: الرباط المقدس

أخبار اليوم

الجمعة، 20 يناير 2023 - 07:19 م

أتذكر ونحن أطفال صغار، كان هناك سؤال فى أحاديثنا البريئة، وهو: «لمّا تكبر عايز تشتغل إيه»؟
إجابة هذا السؤال الصبياني، كانت وظائف مختلفة، لكن بنسبة أربعة أو خمسة من كل عشرة أطفال، كانت إجابتهم هى: اشتغل ظابط!

ولم أكن يومًا أتساءل عن السبب وراء تلك الإجابة المسيطرة على عقول الأطفال، ولكن فى مرحلة متقدمة من عمرى تساءلت السؤال الأهم: ليه الإجابة كانت كده؟
هل كان ذلك حبًا فى السلطة، أم شغفًا بشكل الزى الرسمي لضابط الشرطة، أم بسبب الروايات والأفلام والمسلسلات، التى توضح الرسالة النبيلة التى يقوم بها رجال الشرطة؟ فلطالما ارتبطت صورة رجل الشرطة فى الأذهان بالشجاعة والقوة والبطولة، ولطالما سمعنا قصصًا تحمل فى معانيها التضحيات التى قدمها رجال الشرطة على مر الأزمان.

والحقيقة التى يعلمها الجميع تمامًا، هى أن دور الشرطة هو حفظ الأمن، وذلك من خلال منع وقوع الجرائم أو ضبط مرتكبها فى حالة حدوثها وأيضًا التواجد بالشوارع لتحقيق الشعور بالأمن.
وخلال خمسة عقود من عمرى شاهدت فيها الشرطة المصرية، ولمست - عن قرب- الدور الذى يقوم به رجالها لحماية بلدنا الحبيب من أياد آثمة، تمتد من الخارج لمحاولة التخريب أو القيام بعمليات إرهابية.وهناك أيضًا الدور الداخلى لحفظ الأمن والنظام.

ورغم التضحيات التى قدمها رجال الشرطة خلال السنوات الماضية، من استشهاد قيادات وضباط وأفراد وجنود، فإن ذلك لم يزدهم إلا إيمانًا بأن حماية وطنهم وشعبهم أغلى من أرواحهم الطاهرة.

والحقيقة التى لا ينكرها إلا حاقد أو جاحد، أنه خلال أحداث يناير 2011، عندما حاولت الجماعة الإرهابية إسقاط الشرطة، واقتحمت السجون وحرقت الأقسام والمركبات، واستهدفت الضباط والجنود، لإحداث حالة من الفراغ الأمنى،شعر المواطن يومها بافتقاد نعمة الأمن والأمان.

وعندما تحرك الشعب فى 30 يونيو 2013، لإزاحة الجماعة الإرهابية من الواجهة إلى الأبد، سمعنا النداء الشهير «الشعب والشرطة إيد واحدة»، وشاهدنا الأهالى يحملون رجال الشرطة على الأعناق فى مشهد سيخلده التاريخ.

وربما أجدنى اليوم، أعرف إجابة السؤال الذى كان يتردد فى طفولتنا كثيرًا «ليه عايز تطلع ظابط؟» وأجد الإجابة: إنه «الرباط المقدس» الذى يجمع ما بين الشعب ومؤسساته الوطنية، وفى صدارتها مؤسسة الشرطة، التى تقدم الغالى والنفيس من أجل ضمان أمن هذا البلد العظيم.

وأتذكر اليوم واحدة من أكبر الملاحم البطولية لرجال الشرطة، وهى موقعة الإسماعيلية فى الخامس والعشرين من يناير عام 1952، التى استشهد فيها 50 من رجال الشرطة الأبرار، وأُصيب 80 آخرون من أجل الدفاع عن الوطن ضد الاحتلال البريطانى، فكانوا قدوة لزملائهم على مر الزمان، فى التضحية والتفانى فى العمل.
لقد ضربت موقعة الإسماعيلية مثالًا تاريخيًا رائعًا على تكاتف الشعب مع الشرطة، عندما تعاون أهالى مدينة الإسماعيلية مع رجال الداخلية.

وإن هذا هو جزء بسيط من الدور الوطنى الكبير، الذى يقوم به رجال الشرطة البواسل، لتأمين الجبهة الداخلية، ومواجهة الإرهاب، والتصدى للتحديات الأمنية التى تشهدها البلاد.
وتلك رسالة سامية لا جزاء لها سوى جنان الخُلد، فقد روى عن النبى أنه قال: (عينان لا تمسهما النار، عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس فى سبيل الله).

وفى «عيد الشرطة»، نوجّه تحية تقدير واعتزاز لمعالى الوزير محمود توفيق، وزير الداخلية، ولقيادات الوزارة، وللضباط والأفراد والجنود والعاملين المدنيين، على كل ما يقدمونه من أجل حماية وطننا الغالى. وتحية تقدير واعتزاز، لكل شهيد أو مصاب ضحى بحياته، من أجل أن يحيا هذا البلد آمنا.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة