مقابر رومانيا
مقابر رومانيا


حكايات| مقابر رومانيا «فرح مش ميتم».. رحلة السعادة للآخرة

سارة شعبان

الإثنين، 23 يناير 2023 - 03:48 م

لحظات من الصمت، قشعريرة تصيب الأبدان، ووجوه شاحبة، تبكي فقيدها، تهرع إلى موارته الثرى، في موكب جنائزي، هذه المشاهد الراسخة للجنائز، يحدث عكسها تمامًا في رومانيا.

 

   لا يمنع الموت أهالي رومانيا من السخرية، والسعادة في تلك اللحظات الصعبة، إذ وفقًا لتقاليدهم يجب أن يشعر المتوفى بالسعادة في رحلته الأخيرة.

 

ولا تعرف البلد الواقعة في شرق أوروبا ثقافة المصريين، والتي تتمثل في «إكرام الميت دفنه»، ولكنهم يعتبرون مراسم «دفن ميت» آخر حفل يحضره المتوفى، لذا يجب إسعاده.

«إدخال السرور على قلب الميت» مهمة خاصة للنجارين في رومانيا، من خلال رسومات تستقبل الميت لحظة دخوله من خلال بوابة السعادة الأبدية «المقابر» ليبدأ حياة أخرى أفضل مما قضاها في دنياه.

على بعد أربعة كليومترات من الحدود الأوكرانية، تظهر الصلبان والزينة بمقبرة فيسيل في رومانيا، في بلدة سابانتا، والتي أصبحت معروفة أيضًا باسم مقبرة «أليجرو»، اشتهرت باللوحات التي تحمل حس الفكاهة لإسعاد الميت وفقًا لتقاليدهم.

بدأت قصة هذه المقبرة في ثلاثينيات القرن الماضي، على يد النحات «ستان إيوان باترا» بعد أن قرر إنشاء قبر لنفسه بعد وفاته.

أصبحت مقبرة «فيسيل» بمثابة متحفًا في الهواء الطلق إذ يمثل كل قبر عملًا فنيًا صغيرًا، وتضم 800 صلب خشبي منحوت يختلف كل منهما عن الآخر مع تجسيد حياة المتوفى، من خلال التمثيلات تخلد فضيلة أو عيب الشخص المدفون.

 

وتمثل الصور الموجودة على الصليب مشهدًا مهمًا في حياة المتوفى، إذ تظهر هذه أحيانًا مهنة الرجل: الحراج، والصياد، والحطاب، والطباخ، والفلاح.

بينما يتم تمثيل النساء: في صناعة الخبز، ونسج السجاد، وغزل الصوف، وإذا مات شخص نتيجة لحادث، فإن مشهد الحادث المأساوي قد تم رسمه على الصليب.

كما تمدح المرثيات المكتوبة على الصلبان شخصيات وحياة الموتى أو تنتقدهم، إذ تدون في بعض الأحيان على ملاحظات ساخرة، مثل ذلات المتوفى في حياته.

 

ويرتبط هذا التقليد الغريب بالثقافة القديمة في رومانيا التي كانت قائمة فلسفة على الخلود، واعتبر هؤلاء الناس الموت لحظة فرح، وبوابة إلى السعادة الأبدية وحياة أفضل من السابقة.

وتم الاعتراف بـ مقبرة فيسيل كموقع تراث عالمي لليونسكو ويعتبر الآن مكانًا مثاليًا للتغلب على الخوف من الموت من خلال تلك اللوحات الساخرة.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة