جـلال عـارف
جـلال عـارف


فى الصميم

حديث الدبابات فى حرب أوكرانيا!

جلال عارف

الجمعة، 27 يناير 2023 - 07:30 م

مرة أخرى تظهر الأحداث أن قرار أمريكا هو الحاسم مع حلفائها الأوروبيين فى حرب أوكرانيا. لم تصمد مقاومة ألمانيا لإرسال أقوى دبابة فى ترسانتها العسكرية إلى أوكرانيا خوفا من التورط أكثر من اللازم فى حرب لا تملك تقرير مصيرها. حاولت حكومة ألمانيا واشترطت أن يكون هناك قرار جماعى من شركائها فى حلف «الناتو».

ثم وضعت شرطا بدا صعبا فى البداية وهو أن ترسل دبابات «ليوبارد»، المتقدمة إلى أوكرانيا إذا ارسلت أمريكا دباباتها من طراز «أبرامز»، والتى كانت تقول إنها متقدمة أكثر من اللازم ولا تصلح للجيش الأوكرانى لأنها تحتاج لتدريب طويل ولصيانة عالية لأجهزتها المتقدمة.

التحفظ الأمريكى كان مفهوما فى ظل السياسة المعلنة منذ البداية بعدم إرسال أسلحة هجومية لاوكرانيا، وبالتأكيد على أنها لن تسمح بالمشاركة المباشرة فى الحرب، وبتفضيل إرسال الدعم العسكرى لدول أخرى أقرب لأوكرانيا لتعوضها عن سلاح ملائم تقدمه للجيش الأوكرانى الذى كان مدربا على استخدام السلاح الروسى لسنوات طويلة.

والتحفظ الألمانى كان أكبر. فألمانيا - حتى بداية حرب أوكرانيا- كانت تعتمد سياسة تحاول احتواء روسيا اقتصاديا، ولا تنفق الكثير على القوات المسلحة، ولديها قطاع كبير من الرأى العام لا يريد التورط أكثر من اللازم فى حرب جديدة بعدما قاسى فى حربين عالميتين كانت روسيا فيهما هى العدو الأقرب. وبالتأكيد تعرف ألمانيا ما ستثيره دباباتها من ذكريات أليمة إذا عادت لحدود روسيا التى تقول إنها شنت الحرب التى تسميها «عجلة عسكرية خاصة»، ضد النازيين الجدد الذين يهددون أمنها من أوكرانيا!!

واضح أن المحادثات بين صانعى القرار فى برلين وواشنطون اسقطت التحفظات. أعلنت ألمانيا أنها سترسل دبابات «ليوبارد»، إلى أوكرانيا وستسمح للدول الأوروبية الأخرى التى سبق أن حصلت على هذه الدبابة المتقدمة أن ترسلها أيضا لأوكرانيا. وأعلنت أمريكا أنها سترسل أيضا ٣ دبابات من طراز «أبرامز»، لاوكرانيا وإن كانت التقارير تقول إن ذلك لا يمكن أن يبدأ تنفيذه إلا بعد شهرين أو ثلاثة بالنسبة لألمانيا، وستة شهور على الأقل بالنسبة للأمريكان..

وهو ما يعنى أولا  أن دبابات أمريكا لن تلحق بمعركة الربيع المتوقعة فى ابريل على الأكثر ويعنى ثانيا أن رؤية أمريكا هى أن المعركة ستطول، وستحتاج للمزيد من السلاح المتطور.

وحتى الآن..

فإن الأعداد المعلنة للدبابات التى سترسل للجبهة لا تحقق انقلابا حاسما فى الحرب، لكنها- فى الأساس- تعنى أن أمريكا لن تسمح لروسيا بالانتصار، وأن الدعم لأوكرانيا سيستمر حتى تقتنع روسيا بذلك، لكن الخطر الحقيقى هنا هو أن ذلك يتم فى غياب أى جهد حقيقى من أجل الحل الدبلوماسي. وأن سقوط المحظورات يدفع كل الأطراف للتصعيد.

روسيا قالت إنها ستدمر الدبابات الجديدة  التى تعتبرها تورطا مباشرا فى الحرب من جانب التحالف الغربي. والرئيس الأوكرانى «زيلينسكي»، طالب الغرب على الفور بصواريخ بعيدة المدى وطائرات مقاتلة.

وهى بالطبع ليست أسلحة دفاعية، لكن إسقاط بعض المحظورات يغرى بالمزيد!!

الرئيس الأمريكى كان حريصا على أن يؤكد وهو يعلن عن إرسال أحدث الدبابات الأمريكية لميدان القتال أن الهدف دفاعى وأنه لا يوجد أى تهديد هجومى لروسيا نفسها..

لكن هذا لا يعنى الكثير إلا إذا كان هناك مجال للبحث عن حل تفاوضى فى أقرب وقت. الكل يستعد لمعركة الربيع القادم، والجميع يعرف أنها لن تحسم شيئا لان القرار حتى الآن. أن الحرب مستمرة، والتصعيد من الجانبين مستمر، والمحظورات تسقط، وخطر الانجرار لمواجهة مباشرة قد يكون متوقفا على خطأ مقصود أو غير مقصود كما حدث فى الصواريخ التى سقطت على بولندا وعرفت أمريكا - فى الوقت المناسب- أنها لم تكن من روسيا بل من جيش أوكرانيا.

مازال الخطر قائما، ورعب الصدام النووى لابد أن يكون رادعا للجميع. لكن الأهم أن يكون الرادع الأساسى هو السؤال: هل يمكن للعالم أن يتحمل المزيد من حرب يعرف كل أطرافها أنهم خاسرون؟!

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة