الجفاف
الجفاف


تهدد التنمية المستدامة.. موجات الجفاف ستكون أكثر حدة في المستقبل بسبب تغير المناخ

نرمين سليمان

السبت، 28 يناير 2023 - 02:14 م

عرف الاتحاد المصرى للتأمين خلال نشرته الأسبوعية برئاسة علاء الزهيري، الجفاف على أنه "نقص هطول الأمطار على مدى فترة زمنية طويلة (عادة موسم أو أكثر)، مما يؤدي إلى نقص المياه". 

وتابع الاتحاد المصرى للتأمين، انه يتم تحديد نسبة الجفاف عن طريق بعض المؤشرات مثل: نسبة هطول الأمطار ودرجة الحرارة وتدفق مجاري المياه ومستويات منسوب المياه الجوفية والخزانات ورطوبة التربة والثلوج.

ومن المتوقع أن يتسبب تغير المناخ في موجات جفاف أكثر حدة في المستقبل. حيث تشير حالات الجفاف الأخيرة في أستراليا وأوروبا وغرب الولايات المتحدة وجنوب إفريقيا، إلى أنه لا توجد دولة أو منطقة محصنة ضد آثار موجات الجفاف، والتي تصل الخسائر الناتجة عنها إلى مليارات الدولارات كل عام، بالإضافة الي المعاناة الإنسانية التي يتعرض لها سكان المناطق المعرضة للجفاف.

لذلك يعتبر الجفاف من بين أكبر التهديدات للتنمية المستدامة. حيث تتوقع الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) أن حالات الجفاف ستكون أكثر شدة وستستمر لفترة أطول. و يتحمل السكان قدراً كبيرًا من المسؤولية نحو تغير المناخ، وكذلك نحو كيفية إدارة الموارد بطريقة سليمة من حيث الأراضي والمياه. كما تقدر الإحصائيات العالمية أن ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم سوف يعانون من ظروف أكثر جفافاً بحلول عام 2050.

كيف يساهم تغير المناخ في انتشار الجفاف

قال الاتحاد المصري للتأمين خلال نشرته إنه تعمل درجات الحرارة المرتفعة على تعزيز عملية التبخر، مما يقلل من نسبة المياه على سطح الأرض ويعمل على زيادة نسبة جفاف التربة مما يؤثر على نسبة الغطاء النباتي.

بالإضافة الي ذلك، يؤثر تغير المناخ أيضًا على تغيير توقيت توافر المياه حيث تتسبب درجات الحرارة المرتفعة في انخفاض نسبة هطول الأمطار وانخفاض تساقط الثلوج في نصف الكرة الشمالي، كما يمكن أن يمثل انخفاض كتلة الثلج مشكلة، حتى في ظل ثبات نسبة هطول الأمطار السنوية كما هي. وذلك نظراً لاعتماد بعض النظم البيئية على ذوبان الجليد. ونظراً لأن الثلج يعمل كسطح عاكس، فإن تقليل مساحة الثلج يؤدي أيضًا إلى زيادة درجات حرارة السطح، مما يؤدي إلى تفاقم الجفاف.

وتابع، وتجد بعض النماذج المناخية أن الاحتباس الحراري يزيد من تقلب نسبة هطول الأمطار، مما يعني أنه سيكون هناك المزيد من فترات هطول الأمطار الشديدة وفترات الجفاف. وهذا يخلق الحاجة إلى توسيع تخزين المياه خلال سنوات الجفاف وزيادة مخاطر الفيضانات وانهيار السدود خلال فترات هطول الأمطار الشديدة.

تأثير الجفاف على النواحي البيئية والاجتماعية والاقتصادية

وأشار الاتحاد المصري للتأمين خلال نشرته أنه يعتبر الجفاف من أكثر الظواهر الطبيعية إثارة للخوف في العالم. نظراً لتأثيرها على الأراضي الزراعية وتدمير سبل العيش. كما يصنف ضمن أكبر التهديدات للتنمية المستدامة.

 ومن  الأمثلة على العواقب بعيدة المدى للجفاف.

إمدادات المياه: يتم تعريف حالات الجفاف على أنها عدم القدرة على الوصول إلى موارد المياه المتاحة. فخلال فترات الجفاف قد يكون وصول المجتمعات المحلية إلى المياه للاستخدام المنزلي محدوداً، بما في ذلك الشرب والطهي ومحطات الري. مما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف المياه أو تقنين الاستهلاك أو حتى تدمير مصادر المياه مثل الآبار.

الزراعة: يمثل الجفاف أكبر خطر على الماشية والمحاصيل في جميع أنحاء العالم. على سبيل المثال في ذروة الجفاف عام 2012، أعلنت وزارة الزراعة الأمريكية أن الجفاف كأحد الكوارث الطبيعية قد تسبب في الخسائر لأكثر من 2245 منطقة والتي تمثل 71 % من الولايات المتحدة.

على الصعيد العالمي، أثر الجفاف على العديد من المناطق في وقت واحد في عام 2012، مما زاد من عدم استقرار أسعار السلع الغذائية. كما انه في الدول التي تواجه بالفعل انعدام الأمن الغذائي، يمكن أن يؤدي ارتفاع التكلفة إلى اضطرابات اجتماعية وهجرة ومجاعة.

النقل: نظراً لانخفاض مستويات المياه في فترات الجفاف، تتأثر التجارة عبر الأنهار مثل نهر المسيسيبي في الولايات المتحدة الامريكية، حيث تحتاج مراكب النقل إلى ما يقرب من ثلاثة أمتار على الأقل من المياه للعمل، وللحفاظ على هذا المستوى، يحتاج إلى عمليات تجريف وإزالة العوائق من الأنهار مما يضر بالبيئة ويؤدي الي زيادة التكلفة وبالتالي زيادة أسعار النقل.

الطاقة: يمكن أن يؤثر الجفاف على عملية إنتاج الكهرباء من المحطات التي تتطلب مياه التبريد للحفاظ على عمليات انتاج طاقة نظيفة. لذلك قد تصبح الطاقة الكهرومائية غير متوفرة أثناء فترات الجفاف. 

الصحة العامة: يمكن أن يؤدي انخفاض تدفق المياه في الأنهار إلى تركيز وتراكم الملوثات، مما يهدد جودة المياه المستخدمة للشرب. ايضاً يساعد الجفاف على انتشار حرائق الغابات مما يعرض المجتمعات للدخان والملوثات، وقد يؤدي إلى تفاقم أمراض الجهاز التنفسي المزمنة.

البيئة: يؤدي الجفاف إلى زيادة كمية ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، وذلك عن طريق خفض نسبة الأراضي الصالحة للإنتاج، مما يقلل من كمية الغطاء النباتي الذي يقوم بدوره بتخزين ثاني أكسيد الكربون. حيث أصبحت تتحول النظم البيئية تدريجياً إلى مصادر للكربون، خاصة أثناء فترات الجفاف الشديدة.

 نجد انه مما سبق أن آثار الجفاف يمكن أن تؤدي إلى تحمل الأفراد والشركات والحكومات لتكاليف باهظة. فعلى سبيل المثال شهدت الولايات المتحدة تسع حالات جفاف منذ عام 2011 حتى عام 2020، تسبب كل منها في أضرار لا تقل قيمتها عن مليار دولار.

بعض الاحصائيات عن أضرار الجفاف

وفقًا لأحدث تقرير عن الجفاف تم إصداره بواسطة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحرUNCCD، ازدادت حالات الجفاف بنسبة 29٪ منذ عام 2000، مع تضرر حوالي 55 مليون شخص كل عام بين عامي 1900 و2019، تسبب الجفاف في 11.7 مليون حالة وفاة.

من عام 1998 إلى عام 2017، تسبب الجفاف في خسائر اقتصادية بلغت حوالي 124 مليار دولار أمريكي في جميع أنحاء العالم.

يعتبر الجفاف أحد دوافع الهجرة: حيث تمثل ندرة المياه حوالي 10٪ من أسباب ارتفاع إجمالي هجرة السكان.

أثّر الجفاف الشديد على أفريقيا أكثر من أي قارة أخرى، حيث تم تسجيل أكثر من 300 حالة جفاف في المائة عام الماضية، والذي يمثل 44% من الإجمالي العالمي.

تشير التقديرات إلى أن تأثير حالات الجفاف الشديد قد أدى إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي للهند بنسبة تتراوح بين  2 - 5 %

تضاعفت النسبة المئوية للنباتات المتضررة من الجفاف في السنوات الأربعين الماضية، مع فقدان حوالي 12 مليون هكتار من الأراضي كل عام بسبب الجفاف والتصحر.

تأثير الجفاف على خسائر تأمين المحاصيل الزراعية

تتسبب الأحوال الجوية السيئة في العديد من خسائر التأمين على المحاصيل، والتي تزداد سوءًا بسبب تقلب المناخ. لذا فإن خسائر التأمين مرتبطة ارتباطًا مباشرًا بتغير المناخ. ومع تزايد تطرف احوال المناخ، أدت أزمة المناخ بالفعل إلى زيادة المطالبات وتعويضات التأمين. كما انه من المتوقع أن ترتفع التكاليف أكثر من ذلك، حيث يتسبب تغير المناخ في مزيد من الظروف الجوية التي لا يمكن التنبؤ بها.

بلغت تعويضات التأمين مليارات الدولارات بسبب تأثر المحاصيل الزراعية بالجفاف حيث تلقى المزارعون أكثر من 143.5 مليار دولار من تعويضات التأمين على المحاصيل خلال عام 1995 وحتى عام 2020، مع دفع أقل من ثلثيها بقليل مقابل تلف المحاصيل الناتج عن الجفاف والرطوبة الزائدة التي تفاقمت بسبب أزمة المناخ.

اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر  UNCCD 

يعد هدف اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر هو رفع لمستوى الوعي حول أهمية العمل المبكر للتخفيف من آثار الجفاف ومعالجتها. وذلك بالاشتراك مع الحكومات والجهات الدولية الأخرى، وذلك للتأكد من أن المجتمعات تملك الوعي الكافي حول كيفية تقليل تأثير الجفاف على الافراد وسبل العيش والنظم البيئية والاقتصادات.

توفر الأراضي والنظم البيئية الصحية تخزينًا طبيعيًا طويل الأجل للمياه العذبة. ولكن مع تفاقم ندرة المياه بسبب الجفاف الناجم عن تغير المناخ، ما زال يواجه مليارات صعوبة في الحصول على المياه.

ما يقرب من ثلاثة أرباع المناطق المروية في العالم، ونصف جميع المدن الكبرى، تعاني على الأقل من نقص دوري في المياه. 

تقوم الاتفاقية حالياً بالتعاون مع شركائها (بما في ذلك منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، والشراكة العالمية للمياه، والمنظمة العالمية للأرصاد الجوية) بمساعدة 70 دولة معرضة للجفاف وذلك عن طريق الاتي:

  • وضع أنظمة للإنذار المبكر والمراقبة
  • وضع خطط تحدد متى وكيف ينبغي للدول أن تستجيب قبل أن يتحول الجفاف إلى أزمة.
  • مساعدة الدول للوصول إلى أدوات الرصد وتقييم المخاطر واستخدامها بفعالية لجعل المناطق المعرضة للجفاف أكثر قدرة على الصمود.
  • ايضاُ مساعدة الدول على تحديد وتخصيص واستعادة النظم الإيكولوجية المتدهورة للأراضي الجافة حتى تتمكن المجتمعات المعرضة للخطر من التكيف مع حالات الجفاف في المستقبل والحد من آثارها.

في الفترة التي تسبق عام 2030، ستركز اتفاقية مكافحة التصحر على تحسين مرونة الفئات السكانية الضعيفة والنظم البيئية من خلال مساعدة المجتمعات على التعافي من الكوارث الطبيعية خاصةً تلك التي من صنع الإنسان.

تعد إدارة الأراضي بشكل أفضل وتوسيع نطاق جهود إعادة تأهيل الأراضي أمرًا ضروريًا لتوسيع مقاومة الجفاف والمساعدة في ضمان وصول المياه إلى المجتمعات المحلية التي تحتاجها. ويمكن استخدام تقنيات حديثة لإستصلاح الأراضي بتكلفة منخفضة نسبيًا، ومع احتياجات تكنولوجية متواضعة، لتعزيز تخزين المياه واستخدام المياه بشكل فعال، وتخفيف آثار الجفاف ومعالجة فقدان التنوع البيولوجي.

وتؤكد الاتفاقية أهمية مكافحة التصحر والجفاف "النهوض من الجفاف معًا" على الحاجة إلى اتخاذ إجراءات مبكرة لتجنب العواقب الوخيمة على البشرية والنظم الإيكولوجية على الكوكب. لذلك، تدعو الاتفاقية المجتمع العالمي إلى التعامل مع الأرض بوصفها رأسمال طبيعي محدود وثمين، وبالتالي إعطاء الأولوية لصحتها في التعافي من الجائحة والضغط بشدة لاستعادة النُظم الإيكولوجية للأرض من خلال عقد الأمم المتحدة لاستعادة النظام الإيكولوجي. ولكل فرد دور في تلك العملية، فالجميع شركاء في المستقبل.

التحالف الدولي لمقاومة الجفاف

استجابة لهذه الاحتياجات، تم الإعلان عن التحالف الدولي لمقاومة الجفاف لأول مرة من قبل إسبانيا في الدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2022.

وقد تم إطلاقه رسميًا في مؤتمر الأطراف السابع والعشرين لاتفاقية الأمم المتحدة COP27 بشأن تغير المناخ في نوفمبر 2022. حيث تم إطلاق المبادرة من رئيس السنغال وإسبانيا، لإنشاء التحالف الدولي والذي يتكون من قادة من أكثر من 25 دولة و20 منظمة وذلك لمقاومة الجفاف لتسريع العمل ومساعدة الدول لتكون أكثر استعدادًا لمواجهة حالات الجفاف في المستقبل.

حيث سيتم توجيه عمل التحالف من خلال لجنة توجيهية ذات تمثيل إقليمي متوازن وعضوية مفتوحة لجميع الدول الأعضاء وأجهزتها وكيانات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والمؤسسات العلمية وبنوك التنمية وآليات التمويل الأخرى.

تعهد قادة من جميع القطاعات بدفع التغيير في كيفية معالجة العالم لمخاطر الجفاف المتزايدة "الانتقال من مرحلة الاستجابة للطوارئ إلى بناء القدرة على الصمود على المدى الطويل".

سيتم تعزيز التحالف من خلال الالتزامات السياسية الجديدة، بما في ذلك تمويل أولي بقيمة 5 ملايين يورو أعلنت عنه إسبانيا، وهي الجهة المشاركة في تنظيم الحدث مع السنغال، كما تعهدت كينيا بزراعة 5 مليارات شجرة في السنوات الخمس المقبلة، و10 مليارات شجرة في 10 سنوات.

أقرا ايضا :كل ما تريد معرفته عن تأمين توقف الأعمال وفقد الإيراد

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة