مصحات علاج الإدمان
مصحات علاج الإدمان


«حجز لمدة 4 أيام في مصحة علاج إدمان» ..مغامرة صحفية تكشف العالم السري

«بوابة أخبار اليوم» تخترق الأسوار العالية لـ«أوكار علاج الإدمان»

مجدي عصام

الإثنين، 30 يناير 2023 - 08:52 م

مصحات بير السلم لعلاج الإدمان .. «التجارة الحرام»  

المغامرة بدأت بعملية الشحن .. وإلتحام بالنزلاء بالمصحة ..وانتهت بدفع 500 جنيه للخروج
«بودي جاردات» لتنفيذ عملية «شحن المدمنين» لمصحات علاج الإدمان المشبوهة
الأدوية تحولت من علاج إلى عقاب للنزلاء ..لو طالب أحد المغادرة أو الهرب
أحد نزلاء المصحة: رحلة علاجي تكلفت مليون جنيه ..والـ«ديتوكس» وسيلة للنصب تحت مسمى العلاج
تكبيل وضرب وتعذيب للنزلاء.. وغلق الأبواب والنوافذ بـ«جنازير» لمنع هروب المرضى
تخصيص «ديلر» لإستقطاب المدمنين راغبي العلاج ..وكله بحسابه
متعافون من الإدمان يديرون المصحات للتربح.. وكلمة السر «سوكا»
 اختيار الفيلات في المناطق الهادئة لإدارتها كـ«مصحات».. والعلاج بأدوية تدمر الأعصاب

 

محرر «بوابة أخبار اليوم» مع النزلاء بمصحة علاج الإدمان

قام بالمغامرة - مجدي عصام
«إدمان المخدرات» كارثة مدمرة على المجتمع قبل أن تكون مميتة للفرد، والدخول في عالم الإدمان له آثار كارثية بزيادة جرائم العنف بين الأفراد، وإنتشار جرائم السرقة والأغتصاب والقتل وغيرها من الجرائم التي يقوم بها المتعاطي بدون وعي، والتي تؤثر بشكل مباشر على الحالة الأقتصادية، للأسرة والمجتمع، بإنفاق الدولة الأموال الضخمة في مكافحة جميع حالات الإدمان وبناء مراكز متخصصة للعلاج، إضافة إلى التوعية التي تقوم بها الدولة للوقاية من هذا الإدمان.


كما أن الإدمان سبب رئيسي في ظاهرة التفكك الأسري، أكبر المشاكل التي تنتج عنه، وتدهور الوضع المالي للأسرة، وذلك لأن تعاطي المخدرات يتطلب دفع الكثير من الأموال ومع اختلاف الطريقة التي سوف يحصل من خلالها على المال فإن هذا سوف يكون سبب في تدهور مالي للأسرة.


فإن تدمير أي مجتمع يبدأ من استنزاف طاقته البشرية، خصوصًا من الشباب، الذي يعد مستقبل أي دولة تسعى للتقدم، وخلال السنوات الأخيرة، خاصة من خلال أجندات خارجية من «قوى الشر»، التي تسعى لتخريب العديد من الدول، فلا يقتصر التخريب على الحروب التقليدية، ولكن ظهرت حروب الجيل الرابع والخامس، التي تعد أشد تأثيرًا من الحروب التقليدية.
ولكن هذا الملف المؤرق للدولة لم يقتصر فقط على الإدمان في حد ذاته، بل تجاوزه إلى قيام بعض المؤسسات الوهمية التي تتاجر بعلاج الشباب الذين وقعوا فريسة لقوى الشر، ويعانون بين براثن الإدمان، من خلال مصحات تعمل في الخفاء تحت جنح الظلام، لتكسب المال الحرام من أهالي المدمنين الشباب، بعد أن وقعوا في مصيدة تعاطي المخدرات، وتحولوا لمدمنين، وهي بداية نهاية أي شاب يقع فريسة للسموم، التي تدمر الجهاز العصبي، وتدفع مدمنيها لارتكاب جرائم تهدد أمن وسلامة المجتمع.
هذه المصحات الوهمية التي تحولت مؤخرا لأوكار، العديد منها تحول لسبوبة للمتجارة بآلامهم مع الإدمان، ورغم أن هناك مصحات معتمدة من قبل الدولة للعلاج من الإدمان، إلا أن هناك البعض الآخر الذي يعمل في الخفاء.
«بوابة أخبار اليوم» قامت بمغامرة صحفية، داخل إحدى هذه المصحات، بعد أن تقمص محرر بوابة أخبار اليوم دور «مدمن مخدرات» طالبا العلاج، لنكشف لكم من هذه المغامرة ما يدور داخل هذه المصحات الشبوهة، وتحولت إلى أوكار لتكسب المال الحرام من ذوى المدمنين الذين يحاولون بكل السبل علاج أبنائهم.. 

البداية .. مدمن أمام كافيه
البداية.. جاءت الفكرة لخوض المغامرة، عندما لاحظت أثناء تواجدي على أحد الكافيهات بمنطقة المهندسين، في انتظار صديق لي، رأيت شاب لا يتعدى عمره 16 عامًا وكان في حالة غريبة، وحوله أصدقائه يتحدثون إليه ويطالبونه بالتوقف عن تعاطي مخدر الأستروكس، وكانت علامات الإرهاق الشديد والتعب تظهر عليه، فاقتربت من وسمعته يتحدث بعدم تركيز ولا وعي، يهلوس ويخرج أنفاسه بصعوبة بالغة.
وخلال محاولة أصدقاء الشاب مع الشاب للعدول عن إدمان الأستروكس، إقتحم الشباب شخص يدعي «محمد» بعد دخوله الكافية، ويستفسر عن الحالة وكأنه طبيب، يتكلم بثقة بالغة طارحا بعض المصطلحات الطبية محاولا أن يقنع الشباب أصدقاء المدمن بشيء ما، اقتربت أكثر منهم احاول فهم ما يدور، والشباب منصتون لحديثه لإنقاذ صديقهم.
أقنعهم أنه يعمل في إحدى المصحات النفسية لعلاج المدمنين، وأنه يعلم كيفية إفاقته من تلك الحالة، وطلب من المتواجدون في المكان الإبتعاد حتى يتمكن من إفاقته، وبالفعل قام بالضغط على أنفه بقوة، ولاحظت على الشاب أنه دخل في حالة تشنج، وظهر عليه ملامح الموت وسقط على الأرض، وبعد «رش المياه» على وجهه، استعاد الشاب وعيه في غضون ربع ساعة، وطلب من صديقه الذهاب إلى إحدى المصحات النفسية الخاصة لعلاجه.

خوض المغامرة
أثارت الحالة التي ظهر عليه الشاب بداخلي الفضول الصحفي، ولمعت الفكرة في ذهني، وقررت أن أقوم بمغامرة صحفية، لكشف كواليس بداية التعاطي حتى الوصول إلى مصحة العلاج من الإدمان الخاصة، وما يحدث بداخلها من كيفية العلاج بوسائل حديثة وتقليدية، وكيفية إقناع الشخص المتعاطي بالدخول للمصحة ، والمبالغ المالية التي تدفعها أسرته ونوع العلاج الذي يتناوله ونوعية الطعام وكافة التفاصيل من الجو الذي يتم فيه علاج المدمنين..
المغامرة بدأت بالطبع دون الكشف عن هويتي الصحفية، التي تركتها في المنزل، واختلقت رواية تمكنت من خلالها الدخول وسط مجموعة من «المدمنين»، وذهبنا إلى المكان وشاهدت فيلا مكونه من طابقين وبها حديقة صغيرة وبوابة حديدية مجنزرة، وعند فتحها وجدنا باب ضخم سميك وبه عدد كبير من الترابيس والأقفال المُحكمة جيدًا، وعند دخولي شاهدت بهوًا كبيرًا يحتوي على مكتب مدير المصحة، وأمامه غرفة مغلقة تفوح منها راحة الطعام، وسلم حلزوني يؤدي إلى الطابق الثانى، وعند سؤالى: إيه ده؟ قال إنه المكان الذي يتم استقبال أهالي  النزلاء فيه.
وبعد تفقدي للمكان ، تقابلت مع شخص يدعى «محمد سيد»، وأثناء الحديث معه طلبت منه جرعة من مخدر الحشيش، وأبديت رغبتي له بالابتعاد عنه «عايز أبطل الحشيش»، على الفور أعطاني كبسولة قال لي أنها مهدئة للأعصاب، أخرجها من درج المكتب الذي كان يجلس عليه، وكان لونها أبيض، بعد تردد لمدة لحظات قصيرة، تناولتها بسرعة حتى لا يفتضح أمري، شعرت بعدها بأنني في حالة استرخاء تام.

غرف المدمنين
بعد دقائق .. قال لي روح معاه للأوضة، مشيرا إلى أحد العاملين في المصحة، الذي قام بأصطحابي إلى الطابق الثاني، وفي الطريق إلى الغرفة، شاهدت عند صعودي 3 غرف بها مروحة سقف وشباك مغلق بقفص وسلسة حديدية، تتكون من 5 أسرّة، وشاشة معلقة على الحائط، ويجلس على كرسي خشبي بجانب السلم المؤدي للغرف أحد العاملين في المصحة، وتظهر عليه علامات الشدة المفرطة غالبا للتعامل مع النزلاء.
وشاهدت الكثير من الشباب داخل كل غرفة، تتراوح أعمارهم ما بين 17 إلى  35 عامًا، ووأشار العامل لي إلى أحد الأسرة قائلا «سريرك أهو» ، الذي جاء بجوار شاب يبلغ من العمر 30 عامًا، وقمت بتعريف نفسي إلى «المدمنين» المتواجدين داخل الـ«عنبر»، ووضعت الحقيبة الخاصة بي على السرير وبدلأت أتفحص كل المتواجدين داخل العنبر، وقاموا بتعريف أنفسهم لي، ثم غادر الجميع إلى صالة الإستقبال لتناول الطعام، وبعد أقل من ربع ساعة قمت بتغير ملابسي، وصعد الجميع إلى الغرف للنوم.
حاولت فتح باب للحوار مع الخاضعين للعلاج الوهمي من الإدمان، تحدثت مع أحد النزلاء ويدعى «أحمد» الذي قال لى أنه من منطقة إمبابة، وأنه حضر للمصحة منذ أكثر من أسبوعين، عن طريق «الشحن»؟؟
استغربت من طريقة الشحن هذه.. سألته، هو إيه الشحن ده؟ 
قال لي: «إنت عارف الواحد فينا بيبقى عامل إزاي لما بيكون شارب مخدر الإستركس.. بيخلينى شايف إنى أنا الراجل الوحيد في العالم، وعندي استعداد أضرب أي حد زي «هرقل»
فضولي الصحفي دفعني أكثر لمعرفة تفاصيل «عملية الشحن» هذه لإحضار المدمنين، وعن كيفية إحضاره للمصحة، سألته: برضه مقلتش يعني إيه الشحن؟
قال: «3 بودي جارد يستقلون سيارة ملاكي، نزلوا منها وقاموا بتقييدي وربط يدي خلف ظهري، وتكميم فمي حتى لا أصرخ في السيارة واستغيث بالمارة، ووجدت نفسي هنا في هذا المكان.
نظرت له بدهشة إزاي ده حصل؟
قال: «أحد المتواجدين في المنطقة أقنع أهلي بأن هذه هي الطريق الوحيدة لأخذي إلى المصحة حتى يتم معالجتى من الإدمان.
وبدأنا نتناول أطراف الحديث، سألته عن بداية فى طريقه في عالم الإدمان؟
قال لي معاك سجاير الأول؟ كدت أقع فى المحظور وأقول مبشربش سجاير، تدراكت الأمر بسرعة وقلت «خدوا مني كل حاجة وأنا داخل».
في البداية .. الأمر كنت بشرب الحشيش، ومبقاش يعمل دماغ زي زمان، بدأت أتناول معه عقار الترامادول، حتى أتمكن من تظبيط «الدماغ» وأقدر اشتغل، وبعد كده ظهر الإستركس، وكانت اللفة بـ50 جنيها، وكانت بتكفينى أسبوع على الأكثر.. كل يوم كنت بشرب الأستروكس صباحا ومساء، حتي تركت عملي، ولما يكون معيا فلوس، أقوم بشراءه وأشرب ليل ونهار، وفقدت الوعي وعرفت من أصدقائي إنه يتم خلط ذلك المخدر بمجموعة من الكيماويات.

أول يوم في المصحة
في الصباح.. استيقظ الجميع، أول شيء فكروا فيه إخراج السجاير، وبدأو في التدخين، وتحولت الغرفة إلى سحابة كثيفة من الدخان، فقمت مسرعا إلى الحمام، ومن إحدى نوافذ الحمام، شاهدت أحد الشباب في غرفة مجاورة يبدو عليه علامات الإدمان، ويطلب من المتواجدين مساعدته للنزول لتناول دواءه، وبالفعل قمت أنا ونزيل آخر بإنزاله ، وجلس على الكرسي وكأن هناك شخص أراه لأول مرة يدعي «سوكا»، جالسا على المكتب، الذي قام بسرعة، وأعطاه «برشام» وقمت بسؤاله ده إيه؟
وقال ده مهدئ وباسط للعضلات، وبعد 10 دقائق طلب النزيل أن يذهب إلى سريره بغرفته.
حاولت التعرف على نزيل آخر، وقمت بالتعرف على أحد النزلاء المتواجدين بالمصحة، الذي أكد لي أنه «مدمن بودرة» وأنه كان يتعاطى بشكل يومي، ولا يستطيع الإستغناء عنها، ويشعر بحالة غريبة، ولا يوجد أطباء داخل المصحة وجميع المتواجدين «بودي جاردات»، يتعاملون مع النزلاء بأسلوب غير آدمي، حيث يقوموا بتكتيف أياديهم وأقدمهم ويتركونهم دون أي شيئ أمام النزلاء الآخرين، مؤكدًا أنه عندما يشعر بحالة هيجان عصبي يلقى على الأرض، ثم يتم إعطاءه حقنة يشعر بعدها بالإسترخاء، وأنه ظل على هذا الحال قرابة 3 شهور.
وأثناء جلوسي مع النزلاء من المدمنين، شعرت بحالة من الريبة، في الغرفة ونزلت للطابق الأرضي وشاهدت المدعو «سوكا» ، وهو جالس على المكتب وتوجهت له وطلبت منه إسم العلاج الذي يعطيه إلى المدمنين، فأكد أنه يقوم بإعطائهم أدوية مهدئة فقط، وبعد دردشة طويلة حضر شخص يدعي «موندي» يبلغ من العمر 17 عامًا، وظهر عليه الإنفعال والغضب وقال: «أنا عايز أمشي من هنا علشان خاطر أمى وأبويا.. إنتو بتخدوا فلوس منهم وأنا خلاص خفيت ومش شايف علاج ولا أطباء ولا أي حاجة.. على العموم أنا عايز أمشي وأنا بطلت أستروكس خلاص».. وطلب «سوكا» منه أن يصعد لغرفته، منفعلا عليه «موندي»، وصعد الشاب لغرفته، وأحضر حقيبة ملابسه مصممًا على الخروج، وقام عدد من العاملين في المصحة بتكتيفه أمام الجميع، وتوثيق يديه وقدميه حتى يكون عبره للآخرين وتم إيداعه داخل غرفته.
وقال نزيل آخر يدعى «عبد العليم» يبلغ من العمر 19 عاما، إن تعاطى المخدرات لأول مرة على سبيل الفضول وإلحاح من الأصدقاء، لمحاولة إثبات ذاته، مؤكدًا أنها كانت أهم العوامل التي دفعتنه إلى إدمان المخدرات.

رحلة الإدمان

وفي اليوم الثالث تعرفت على أحد المسؤلين عن المصحة ، ويدعى «أحمد» وقام بالحديث معي لفطرة طويلة، وبعد تناول الطعام قمت بالحديث معه في مكتبه وقال لي: «أنا استريحتلك يا مجدي وحسيت إنك شخص صالح.. وطلب مني أن استمع إلى قصته المحملة بكثير من المآسي التي عاشها على مدار أكثر من عام، في إحدى المصحات التي يمتلكها أحد أصدقائه من المدمنين السابقين.
وقال إنه لديه رصيد من الأموال، حيث أن والده يعمل بإحدى الدول العربية، حيث كان الفراغ يملء حياته وتعرف على أحد الأشخاص ممن يتعاطون مخدر الحشيش، مؤكدا أنه كان يتعاطى معه وتعرف على آخرين من الأثرياء وكانوا يتعاطون مخدر «الكوكايين» وعرضوا عليه تجربة «الكوكايين»، وقمت بالتعاطي معهم وشعرت إني في عالم آخر.
واسترسل في الحديث ..وقال إنه يتعاطى «البودرة» ولا يستطيع توفير ثمنها، وأنه أشترى بكل الأموال التي يرسلها له والديه من الخارج، وقرر أن يستعين بأحد أصدقائه لإعطائه أموال، وهو من نصحه بالذهاب للمصحة للعلاج.
وبعدها فؤجي بسيارة يخرج منها 3 أشخاص ، وقاموا بتكبيل يده وإدخاله السيارة بالقوة، ووجد نفسه في المصحة، وظل هناك 10 أشهر، وتعافى وبعدها خرج إلى الحياة الطبيعية.. وعندما سألته عن مراحل العلاج قال: "أنا معرفش كنت باخد إيه بس تعافيت.
وعقب ذلك توجهت للغرفة، وفجأة سمعت صوت مدمن يصرخ «عايز أخرج من هنا.. خرجونى أنا عايز أمشي»، وخرجت من غرفتي وذهبت إلى الغرفة المجاورة فشاهدته ملقى على الأرض ومكبل بالحبال.

طريقة فتح مصحة

وفي اليوم الرابع تناولنا الفطار، وكان عبارة عن جبنه وعيش، وعقب ذلك حضر شخص يدعي «ديحا» المسؤول عن المصحة، تعرفت عليه، حاولت أن أمد أطراف الحديث معه، لكشف طريقة التعامل داخل المصحة مع النزلاء، سألته عن فكرة انشائه للمصحة..
قال إنه كان مع مجموعة من المدمنين، وبعد الشفاء من تعاطي المخدرات، قرر هو مع 6 أشخاص قاموا باستئجار فيلا في منطقة متميزة بمدينة جديدة، ويقوم كل شخص بدفع مبلغ 10 آلاف جنيه أو أكثر، حتى يتمكنوا من فتح مصحة ، وبالفعل قاموا باختيار الفيلا في أحد المناطق بهذا الحي المتميز، وقاموا بشراء 20 سرير وفرشها بمراتب أسفنجية خفيفة بحيث يتم توزيعها على 4 غرف بحيث يكون كل غرفة 5 أشخاص وشراء باقي المستلزمات. واسترسل «ديحا» فى حديثه قائلا: أنه اتفق مع شركاؤه فيما بينهم على أن يقوم كل شخص بجمع مجموعة من المدمنين من منطقته من الأعمار الصغيرة، ومحاولة إقناعهم بأن يذهبوا إلى المصحة للعلاج من إدمان المخدرات، بينما قام أحدهم بـ«تجنيد» أحد مروجي المخدرات ليجلب له زبائن من المتعاطين، وقام بالإتفاق معه على ملبغ كبير من الأموال حتى يجلب له زبائن، كما اتفق على أن يكون هو المسؤول عن تلقي حساب العلاج من أسر المدمنين.

معاملة سيئة

وأثناء تواجدي في الغرفة، دخل علينا أحد المرضى ويدعى «إبراهيم» يبلغ من العمر 32 عاما، وبدأ يتبادل معنا الحديث، يروي لنا حكايته مع طريق الندامة والدخول في عالم المخدرات، يتحدث وكأنه يلقى من على ظهره حملا ثقيلا.. بدأت أدمان المخدرات منذ حوالي 5 أعوام، فقد أدمنت المخدرات، بعد أن حصلت على ميراث كبير وسيارة، ودفعني الإدمان لبيع السيارة، والشقة وتركت خطيبتي.
وأضاف إبراهيم: «دخلت مصحة في الجيزة، وكنت بدفع 5 آلاف جنيه علاج، وتحاليل 4 آلاف جنيه كل شهر، ووجدت نفسى أدفع 12 ألف جنيه خلال شهر ونصف»، بعدها قررت الذهاب لمستشفى لعلاج الإدمان واكتشفت أن الأدوية التي كانوا يعالجوننا بها تسبب تشنجات، والتي تعد عقاب لمن يحاول الخروج أو الهرب ، فقد تحولت الأدوية من علاج إلى عقاب لنزلاء مصحات الإدمان، لو طالب أحد مغادرة المستشفى».
ويتذكر إبراهيم معاناته مع العلاج من الإدمان في إحدي المصحات الأخرى غير المتواجدين فيها، أن المعاملة فى مصحات علاج الإدمان سيئة وغير آدمية، حتى أن الأطباء تركوا أحد المرضى مربوطًا فى السرير لمدة ثلاثة أيام، مما دفعه للهروب من المستشفى، وعندما عاد لمنزله تعرض لإنتكاسة، حاول بعدها التخلص من الإدمان، فتردد على «ديتوكس» بمنطقة المقطم.
وأضاف إبراهيم، «هناك رأيت أساليب مش كويسة، فالمعالجون كانوا مدمنين، لا يستطيعون تحليل شخصية المريض، فى مرحلة الإدمان النشط، واكتشفت فيما بعد أن «الديتوكس» عبارة عن أماكن لجمع الأموال، خاصة أن الوجبات كانت عبارة عن فول ورغيف عيش واحد فى اليوم وكوب الشاى عبارة عن كوب بلاستيك، فى حين يتعامل الممرضين مع المرضى بطريقة غير آدمية، ويتم توثيقهم فى السرير».

ترهيب المدمينن
وكشف «إبراهيم» أن العلاج فى مراكز علاج الإدمان يكون من خلال أدوية «كافينز» وحقن «كوربكسول»، والتى تسبب ارتخاء فى الأعصاب، والتبول اللاإرداى والتشنج، ويستخدمها الممرضون لترهيب المرضى وليس علاجهم، مضيفًا: «من ساعة ما دخلت الديتوكس بشوف مناظر مش تمام، وفعلا «الهاف واى»، الأمر الذى جعلنى أترك الديتوكس بعد 5 أيام فقط»، لافتا أن «رحلة العلاج من الإدمان كلفته أكثر من مليون جنيه».
تركت إبراهيم في الغرفة، وانتقلت إلى الغرفة الثانية، محاولا جمع أكبر قدر من المعلومات علن المعاملة التي يتلقاها نزلاء المصحة، فتحت باب الحديث مع أحد النزلاء وتحدثت إلى أحد المدمنين ويدعى «غانم» ، بعد التعارف والسؤال عن الأحوال، سألته عن مشواره مع الإدمان تنهد قليلا ثم استرسل في حديثه: «رأيت الموت بعينى فى الديتوكس، ودفعت آلآف الجنيهات بعد أن عزمت على التخلص من الإدمان، لكن يا روح ما بعدك روح، حيث اكتشفت أن القائمين على المركز ليسوا أطباء، وكانوا يحقنونني بمحاليل كثيرة توقظنى من عز النوم، وتجعلنى أهزى بكلمات غير مفهومة، بخلاف تسببها فى زيادة نبضات القلب، حتى أننى كنت أتحسس قلبى بيدى خوفا من توقفه، ودائما كان يلازمنى شعور الموت، خاصة عندما انتابتنى أعراض شلل نصفى مؤقت، كنت أعتقد حينها أن هذه أعراض انسحاب المخدرات من جسمى، إلا أننى عندما تحدثت مع الحارس عرفت أن مالك «الديتوكس» طبيب مبتدئ لا يمتلك الخبرة، وأن القائمين على العلاج ليسوا أطباء من الأساس، وهو ما دفعنى للهروب دون تفكير».
وبعد مرور 4 أيام  قمت بالإتصال بصديقي الذي أحضرني إلى تلك المصحة، وطلبت منه أن يحضر حتى أتمكن من الخروج، وبالفعل حضر صديقي «محمد» وقام بإخراجي وعند سؤال أحد المسئولين عن سبب الخروج، قال له: إنه أحد أقاربه الأثرياء، وأنه قام بحجز حجرة في إحدى المستشفيات المعالجة للإدمان في منطقة المقطم، حيث اعترض وطالب صديقي بدفع مبلغ 500 جنيه قيمة اليوم، ودفع صديقي المبلغ ..وغادرنا المكان.

اقرأ أيضا | «مكافحة الإدمان»: إطلاق معسكرات تدريبية للمتطوعين بقرى حياة كريمة اليوم 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة