د. أسامة السعيد
د. أسامة السعيد


خارج النص

معرض «البحث عن السعادة»

د. أسامة السعيد

الثلاثاء، 31 يناير 2023 - 06:29 م

منذ أكثر من ثلاثة عقود، اصطحبنى والدى (رحمه الله) لزيارة معرض القاهرة الدولى للكتاب للمرة الأولى. فى تلك الأيام كان هناك معرض مخصص للأطفال يسبق المعرض الأساسى بأيام. تركنى أنتقى ما أريد من كتب، ثم عاد بعدها بأيام ليناقشنى فيما قرأت.

تحولت زيارة المعرض إلى رحلة سنوية أنتظرها بشغف، وبدأت مكتبتى الصغيرة فى التكون، والآن لا أزال أزور معرض الكتاب بنفس الشغف القديم الذى لم يفتر طيلة تلك العقود، بل تحولت تلك الزيارة السنوية إلى بحث متجدد عن السعادة.

معرض الكتاب فرصة نادرة لصناعة وعى حقيقى لنا ولأبنائنا، فما زلت على يقين بأن افتقار كثير من المواطنين المصريين والعرب إلى عادة القراءة اليومية، ولغير أغراض الدراسة أو العمل هى من النواقص الحقيقية التى تؤدى إلى مشكلات عميقة لاحقة، سواء فى قدرة الإنسان على الفهم واستيعاب المتغيرات، وبناء وعى قادر على الفرز بين الحقائق والأكاذيب، وإدراك القضايا المحيطة بنا، بناء على فهم متعدد الأبعاد، واتخاذ القرارات، أو حتى فى بناء نمط الشخصية القادرة على التخطيط والعمل والإنتاج بناء على اعتبارات جادة وموضوعية.

الإنسان المثقف، تجده دائما مختلفا، مهما كان تخصصه أو طبيعة شخصيته، الثقافة والقراءة تجعل من العقول سنابل ممتلئة تنحنى تواضعا، بينما العقول الفارغة، تعشش فى جنباتها الأفكار الشاذة، يملؤها الغرور، وتعبث بها الريح فى كل اتجاه.

التقدم دائما رهن بارتفاع معدلات القراء، والتطور الشخصى يرتبط فى جزء كبير منه بذلك الشغف من أجل الإطلاع. واليوم، يمكن لكل الأجيال الاستفادة من مصادر غير مسبوقة للمعرفة، عبر الوسائط التقليدية والرقمية، لكن يبقى للكتاب بريقه، فهو الأداة الأهم لبناء ثقافة جادة ووعى حقيقى.

اصطحبوا أولادكم إلى معرض الكتاب، اصنعوا لهم ذكريات لا تنسى فى هذا المكان الجميل، امنحوهم هدايا من الكتب، كافئوهم على تفوقهم بما يحبون من الكتب، اجعلوا من القراءة جزءا من عاداتهم اليومية، ناقشوهم فيما يقرأون، وشاركوهم شغفهم، وفى النهاية ستشعرون بحجم التغير الإيجابى فى شخصياتهم.. القراءة ليست رفاهية... إنها حياة للفرد.. وأمن قومى للدولة.. وأداء لبناء مجتمع أفضل وأكثر وعيا.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة