صورة تعيبرية
صورة تعيبرية


حكايات| «طبيب سوبرمان».. عملية جراحية وسط ألسنة اللهب

ناجي أبو مغنم

الأحد، 05 فبراير 2023 - 03:29 م

«صراخ وعويل ودخان ونيران وأنفاس مكتومة وقلوب مرتجفة وعيون ملأوها الدمع»، هذا هو المشهد في مستشفى النور المحمدي يوم الأربعاء الماضي، يوم أن اشتعلت فيها النيران.

وبينما المرضى يستلقون على أسرة لا حول لهم ولا قوة، والأطباء وفرق التمريض كل منهم منكب على عمله، سعيا لإنقاذ أرواح مسها الداء وجاءت باحثة عن الشفاء، حدثت الطامة الكبرى التي لم يتخيلها أحد.

لم يكن الحال على ما يرام، فقد اشتعلت النيران في أركان المستشفى، وأطفأت إضاءة الكهرباء، وحلت نور اللهب بديلا عنها، وأغلقت أنابيب الأكسجين، في مشهد يحبس الأنفاس عند تخيله، فما بالنا بمن عاشه وكان بين النيران حاضرًا.

عملية جراحية -  أرشيفية 

 

انقلب المستشفى رأسًا على عقب، لا صوت يعلو على حسيس النار وهي تحرق الأثاث والمستلزمات الطبية، ولا شيء يُرى إلا الدخان الكثيف، ولا هواء يستنشق إلا الغازات من المنبعثة عن الحريق، الكل يهرول باحثًا عن ملجأ يأويه ويحميه، ومكان واسع يلتقط فيه أنفاسه بعدما امتص الدخان كل جزئيات الأكسجين.

كان هذا حال المستشفى، إلا إحدى غرف العمليات، فقد كان الدكتور رفعت بدوي، في عالم آخر، لا يرى لا يسمع لا يتكلم لا يعرف إلا تلك الروح البريئة التي بين يديه، طفلة تخضع لجراحة دقيقة لكونها تعاني من تشوه جيني في القولون.

 حريق - أرشيفية 

 

وما هي إلا عشرات الدقائق -مضت- على بدء الجراحة، حتى اندلعت النيران، وآثارت الذعر بين الجميع، إلا أنها كانت بردا وسلاما على الدكتور رفعت ورفاقه، الذي ظل باقيًا رفقة الطفلة، عاكفًا في غرفة العمليات يعالج موطن الداء في بطنها، التي فتحها ولا سبيل لضمان بقائها حية إلا استكمال العملية الجراحية.

آثر رفعت وزملاؤه البقاء من أجل الحفاظ على حياة المريضة، التي بقي لها خيط من الأمل تعلق في رقابهم، بعدما أدركوا أن خروجهم يعني

خروج روحها البريئة، صمدوا وتحدوا الصعاب التي لا تطاق، إنها مغامرة تساوي حياتهم، ولجأوا إلى إضاءة الهواتف من أجل استكمال العملية بعدما عمّ الظلام كل الأركان والجوانب. 

 

 زحام بسبب الحريق- أرشيفية

وسطروا جميعًا بطولة لا تخطئها عين وكأنهم كتبوا بشجاعتهم سيناريو فيلم هندي لا تصدق وجوده على أرض الواقع، شاركهم في بطولته 3 شباب من أبناء المطرية، حملوا أرواحهم على أكفهم وصعدوا بها إلى غرفة العمليات وسط الدخان والرماد.


حاول الشباب إنقاذ طاقم الأطباء والمريضة، إلا أن الحكماء أبوا أن ينزلوا قبل أن يتموا رسالتهم ويؤدوها كاملة، والانتهاء من العملية الجراحية، للطفلة الصغيرة، وها قد حققوا مرادهم، وانتهت العملية، وسهل لهم الشباب النزول وسط الرماد وبقايا الحطام وآثار الحريق، حافظوا على القسم، فحافظ الله عليهم وكتب الشفاء للمريضة التي نجت من الموت مرتين الأولى نجاتها من العملية والثانية نجاتها من الحريق.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة