عمرو الديب
عمرو الديب


صدى الصوت

معرض ضد العتمة

عمرو الديب

الأحد، 05 فبراير 2023 - 08:42 م

أمدنا بدفء فى أيام الصقيع، وبث الحرارة فى الأوصال المنكمشة تحت هجمات البرودة، وأنعش الضمير بمشاهد تهزم الوحشة، وتبدد العتمة، وومضات تثقب الظلمات،  ذلكم معرض القاهرة الدولى للكتاب الذى يسدل اليوم ستار الختام على ملحمته المذهلة فى هذا العام مودعا ومستئذنا فى الانضمام إلى صفوف إخوته من نسخ ذلك الحدث الثقافى العملاق، أو العلم المرفرف دوما معلنا فى مطلع كل عام ريادة مصرنا، وعراقة دورها الثقافى، فمنذ انطلق كأول حدث من نوعه فى منطقة الشرق الأوسط بأسرها،

وهو يحل سنويا ضيفا على ساحات أيامنا، فيبهج صباحاتنا ويسعد أمسياتنا، مؤذنا فى أسماع الدنيا بأن هذه البلاد سباقة منذ فجر الدهور فى اكتشاف أبجديات الكتابة، والمبكرة جدا فى إدراك روعة القراءة، وهى تقف بثقة قريبة من شقيقاتها فى سوريا وبلاد الرافدين اللائى أهدين البشرية الأبجديات الكتابية كأعظم انجاز حضارى فى تاريخ الإنسانية كلها، ولذلك لا نستغرب أن يتحول الحدث المصرى المولود من رحم الريادة الحقيقية إلى ملحمة أخذت تتشكل شيئا فشيئا، وتتطور سنة بعد أخرى، لذا جاء طبيعيا ماترونه اليوم من ازدهار يبلغ الأوج، ونجاحا يطاول عنان السماء، ويتحول إلى علامة فى الضمير العربي، وبصمة فى الوجدان المصري، لقد صار ذلك الحدث الكبير والعرس الحفيل معلما مصريا متفردا، وليس رائدا احتذته كل معارض الكتب العربية فحسب، وإنما منارة تتألق فى محيطها، وقمة شاهقة تحدث أخبارها، وعلى الرغم من تربعها فى ضمائر المثقفين إلا أنها أيضا تغلغلت فى الذاكرة الشعبية، ونفذت إلى الضمير الجمعى المصرى كحدث يشبه موالد الأولياء والصديقين،

ويجتذب إليه شتى الفئات والأعمار، حتى هؤلاء الذين لا يهتمون كثيرا بأمر القراءة وشأن الكتاب وجدوه مرتعا للنزهة، ودنيا للفرجة والتسلي، مما جعل حدث معرض الكتاب محفورا فى ذاكرة الملايين من البسطاء، ودورة هذا العام تؤكد مؤشرات ودلالات تبدت فى الدورات الثلاثة الأخيرة لعل أبرزها ان حشود الزائرين الكثيفة التى تحدت البرودة والطقس المتقلب، وسعت إلى دفء المعرفة لهو مؤشر قوى على أن طليعة هذا الشعب العريق مصرة على مواصلة الطريق رغم أنف الصعوبات والعوائق والأزمات، فقد اختار هؤلاء ان يسيروا فى دروب الحضارة والتنمية والضوء المؤنس بعيدا عن جهالة البعض وظلامه الموحش.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة