النائب علاء عابد
النائب علاء عابد


مصر والخليج.. تاريخ واحد ومصير مشترك

أخبار اليوم

الجمعة، 10 فبراير 2023 - 07:36 م

 

على مدار التاريخ، العلاقة بين مصر ودول الخليج العربى هى علاقة أشقاء، رغم محاولات الكارهين تشويسهها، وهذا لن يحدث أبدًا، لأننا أمة واحدة، تجمعنا قواسم وهموم مشتركة تضرب بجذورها الراسخة فى أعماق التاريخ.

وهذه العلاقات لم ترتبط بالطفرة النفطية التى حدثت فى أواخر السبعينيات، وانتقال ملايين المصريين للعمل فى هذه الدول، بل إنها سبقت ذلك العصر بمئات السنين، وتحديدًا خلال حكم محمد علي، حين كانت مصر والسعودية تحت ولاية عثمانية واحدة.

وعندما وصل البريطانيون فى القرن التاسع عشر إلى الخليج العربي، كان ذلك إيذانًا بالمزيد من العلاقات الوثيقة بين مصر والخليج العربي، الذى رأى فى أرض الكنانة تجليات مشروع النهضة العربية، فكان أهل الخليج ينظرون إلى طه حسين وعباس العقاد وأحمد شوقى وغيرهم، على أنهم يمثلون الأدب العربى بشكل عام.

وما لا يعرفه الكارهون، أن العلاقة بين مصر ودول الخليج، عضوية ذات أبعاد تاريخية وجغرافية، فضلًا عن الجانب الروحى الذى يربط مصر بمهبط الرسالة ومنزل الوحى فى قلب الجزيرة العربية. ولقد أدركت مصر هذه الحقيقة عبر تاريخها كله، فشعرت بمسئولية قومية تجاه الخليج العربي، فوقف عبد الناصر مع استقلال الكويت إبان حكم عبد الكريم قاسم فى العراق، ووقف معها حسنى مبارك أثناء الغزو العراقى للكويت عام 1990.

ولنا أن نتساءل: هل يعلم الحاقدون أن ثلاثة من أبناء الملك الراحل عبد العزيز آل سعود، ممن أصبحوا ملوكًا فيما بعد، ومنهم العاهل السعودى الحالى الملك سلمان، تطوعوا فى الجيش المصرى إبان العدوان الثلاثى عام 1956، عقب تأميم قناة السويس، للقتال بجانب المصريين ضد كل من بريطانيا وفرنسا وإسرائيل؟!

وليس هذا فحسب، بل ساند أهل الخليج مصر فى كل حروبها، ومنها حرب أكتوبر المجيدة عام 1973، عندما قطع العاهل السعودى الملك فيصل إمدادات البترول عن الدول الغربية المؤيدة لإسرائيل، وعلى رأسها الولايات المتحدة.

وكانت العبارة الشهيرة التى أطلقها الشيخ زايد آل نهيان، مؤسس دولة الإمارات، وقال فيها «إن النفط العربى ليس أغلى من الدم العربي»، إيذانًا ببدء معركة البترول الشهيرة التى خاضتها دول الخليج وقتها، وجسّدت هذه المقولة أبرز مواقف الإمارات الداعمة لمصر فى حرب 1973، حيث كان الشيخ زايد من أول زعماء العرب الذين وجهوا بضرورة الوقوف إلى جانب مصر فى معركتها المصيرية ضد إسرائيل، مؤكدًا أن «المعركة هى معركة الوجود العربى كله، ومعركة أجيال كثيرة قادمة علينا أن نورثها العزة والكرامة».

وأعدّ العاهل البحرينى الملك حمد بن عيسى آل خليفة، الذى كان آنذاك وليًا للعهد ووزيرًا للدفاع، قوة عسكرية لدعم الجيش المصري، من خلال تجهيز مجموعة قتالية للاشتراك فى هذا الواجب المقدس، كدور أساسى للبحرين فى التضامن مع دول المواجهة فى حرب أكتوبر..

كما أطلق السلطان قابوس بن سعيد، سلطان عمان الراحل، مبادرة تاريخية، عندما أصدر مرسومًا خلال حرب أكتوبر 1973، بالتبرع بربع رواتب الموظفين لدعم المجهود الحربى المصري، وأمر بإرسال بعثتين طبيتين عُمانيتين إلى مصر، وقطع البترول عن الولايات المتحدة وهولندا.

ولا شك أن العلاقات المصرية القوية مع دول الخليج عقب نجاح ثورة 30 يونيو عام 2013، وخاصة مع الإمارات والسعودية، لعبت الدور الأكبر فى الحفاظ على الحد الأدنى من النظام الإقليمى العربي، وساهمت بقوة فى إجهاض المخطط الخطير لسيطرة التيارات المتطرفة على المنطقة برمتها، الأمر الذى يعنى أن مصر ودول الخليج هما حجز الزاوية، ورمانة الميزان فى الشرق الأوسط.

ولا ننسى الدعم الخليجى الكبير الذى تلقته مصر فى تلك السنوات العجاف، حين هبت دول الخليج لمساعدة مصر على تخطى أزمتها، وقدّمت مساعدات بمليارات الدولارات للاقتصاد المصري.

وقابلت مصر هذه المساعدات الخليجية بمزيد من العرفان والامتنان، على أعلى المستويات السياسية، فقد أعرب الرئيس عبد الفتاح السيسى فى سبتمبر 2022، عن امتنان مصر للدعم الخليجى فى تلك الفترة، حين قال: «لولا دعم دول الخليج الدولة دى مكنتش هتكمل فى طريقها.. لو كان سابك مكنتش هتلاقى وقود».

كما أن هناك علاقات اقتصادية قوية بين مصر ودول الخليج، فقد ارتفعت قيمة التبادل التجارى بين القاهرة ودول مجلس التعاون الخليجى لتسجل نحو 16.1 مليار دولار خلال عام 2021 مقابل نحو 13.3 مليار دولار خلال عام 2020.

وعلى الصعيد الاستراتيجي، تكتسب منطقة الخليج العربى أهمية كبرى بالنسبة للأمن القومى المصري، ناهيك عن الروابط الثقافية والاجتماعية الوطيدة.
والحقيقة أنه فى ظل التغيّرات التى تطرأ على الساحة الدولية، وما نراه كل يوم من تحالفات دولية جديدة على خلفية الحرب الروسية - الأوكرانية، يجب أن يعلو رهان الحفاظ على الكتلة العربية موحدة، وتقوية العلاقات المصرية الخليجية يومًا بعد يوم، من أجل الوقوف معًا فى وجه أعداء الأمة العربية.
لقد مرت العلاقات المصرية - الخليجية، بفترات من المد والجزر، فضلًا عن التباين فى الرؤى بشأن بعض القضايا والملفات الإقليمية. وهو أمر طبيعى قد يحدث أحيانًا بين الأشقاء، لكنهم سرعان ما يعودون إلى رشدهم، ليدركوا أن فى اتحادهم قوة، وأن ما يعكر صفو العلاقات بينهم إنما هو «سحابة صيف» ستنقشع حتمًا، لكى يعود الصفو إلى السماء مجددًا، ولا يتبقى سوى الود والحب والاحترام المتبادل بين الإخوة والأشقاء، أصحاب التاريخ الواحد والمصير المشترك.
 

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة