جلال عارف
جلال عارف


فى الصميم

حل الدولتين.. فى غرفة الإنعاش!

جلال عارف

الجمعة، 10 فبراير 2023 - 08:15 م

الشىء «الإيجابى» الوحيد فى حكومة نتنياهو الحالية هو أنها تسقط الأقنعة التى برعت إسرئيل فى استخدامها أمام العالم.. مع حكومة يتقاسم فيها نتنياهو السلطة الحقيقية مع غلاة اليمين المتطرف، ويصبح فيها الأمن القومى فى يد عنصرين فاشيين مثل «بن غفير» وتوضع فيها الضفة الغربية المحتلة فى يد عتاة المستوطنين والعنصريين الذين يطالبون بالتخلص من كل الفلسطينيين..

يبدو الوجه الحقيقى لدولة الاحتلال واضحاً للعالم كله.. وتصبح محاولة نتنياهو الظهور كيمينى معتدل مجرد كذبة كبيرة..

فالرجل لم يكن واضحاً كما هو اليوم، ولم يكن متوافقاً مع أعضاء أى حكومة شكلها قبل ذلك كما هو متوافق اليوم مع «بن غفير» وباقى ممثلى العنصرية والفاشية الذين أصبحوا أصحاب القرار فى الحكومة الحالية!!

ولسنا نحن فقط من يدرك حقيقة سقوط الأقنعة.. فى كل سبت يخرج عشرات الألوف من الإسرائيليين أنفسهم للتظاهر ضد حكومة يرون أنها تسوقهم إلى الكارثة..

قليل منهم من يرى إمكانية السلام الحقيقى مع دولة فلسطينية مستقلة، لكن الجميع يتفقون على أن استمرار هذه الحكومة يعنى تدمير أسس الدولة الإسرائيلية ودخولها فى نفق الحرب الأهلية..

فى بضعة أسابيع فقط دخلت حكومة نتنياهو فى صدام مع الجيش بعد أن وضعت وزيراً من اليمين المتطرف إلى جانب وزير الدفاع ونزعت سلطة التعامل مع الأرض المحتلة من الجيش لتعطيها للإرهابى «تيسموريتش» الذى يقود حملة الاستيطان فى القدس والضفة!!.. ثم دخلت فى صدام آخر مع الشرطة التى أصبحت تابعة للمدان قضائياً بتهمة التحريض على قتل المدنيين الفلسطينيين والاستيلاء على الأقصى «بن غفير»!! وأخيراً كان الصدام الأخطر بمحاولة تجريد القضاء من سلطاته ومنح الحصانة للقرارات والقوانين التى تصدرها حكومة زعماء عصابات اليمين ويقرها البرلمان الخاضع لها!!.

المثير هنا أن المعارضين لحكومة زعماء عصابات اليمين المتطرف هم الذين يستنكرون صمت العالم على ما يجرى عندهم!! وجهوا أخيراً رسائل بهذا المعنى إلى الاتحاد الأوروبى وإلى منظمات عالمية عديدة، ورغم النفوذ الصهيونى وأزمة الحرب فى أوكرانيا فقد بدأت أوروبا تشعر بالخطر وكما فوجئت حكومة إسرائيل قبل أسابيع بامتناع فرنسا عن التصويت على قرار إحالة قضية استمرار احتلالها للأراضى الفلسطينية إلى محكمة العدل الدولية..

تفاجأ الآن بقرار مدينة برشلونة بمقاطعة إسرائيل وإلغاء اتفاقية التوأمة مع تل أبيب بسبب الجرائم المتواصلة بحق الشعب الفلسطينى وقتل آلاف الفلسطينيين ومنهم مئات الأطفال فى سبيل تنفيذ مشروع التطهير العرقى للفلسطينيين وفرض نظام الأربارتهايد

هذا قرار يقول بوضوح إن الصمت على جرائم إسرائيل لا يمكن أن يستمر بعد أن سقطت الأقنعة كلها وظهر الوجه الحقيقى للكيان الصهيونى كاحتلال استيطانى عنصرى لا يمكن أن يفرض على العالم السكوت على جرائمه للأبد حتى أمريكا نفسها أدركت حجم الخطر وحذرت دون جدوى.

وفشلت كل جهود الإدارة الأمريكية ومبعوثيها الذين كان وزير الخارجية «بلينكن» آخرهم فى إيقاف مسيرة حكومة نتنياهو نحو الكارثة.

يفترض أن نتنياهو سيذهب لواشنطن هذا الشهر وواشنطن تدرك جيداً أن الحديث عن «حل الدولتين» لن يكون له معنى مع استمرار إسرائيل فى التوسع الاستيطانى وقتل الفلسطينيين وتحدى القوانين الدولية فى حماية أمريكية مازالت مستمرة حتى الآن (!!) ونتنياهو نفسه يتباهى أمام حلفائه من اليمين العنصرى المتطرف بأنه من قتل «اتفاق أوسلو» وأنه القادر على تكرار ذلك مع «حل الدولتين» الذى يرقد فى غرفة الإنعاش، ولن تكون أمامه فرصة للحياة إلا بموقف أمريكى حاسم ومسئول يفهم جيداً أن «حل الدولتين» ليس له من بديل إلا حل الدولة الواحدة الذى لا يمكن لإسرائيل أن تتحمل تبعاته!!

«حل الدولتين» فى غرفة الإنعاش، والصمت الدولى لم يعد ممكناً، والتطبيع المجانى نجح - بلا فخر - فى إيصال «بن غفير» إلى الحكم، والوضع كله على حافة الانفجار رغم كل جهود التهدئة.. لو قالت واشنطن لنتنياهو ما قالته برشلونة فسوف يختلف الأمر!

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة