صورة ارشيفية
صورة ارشيفية


ما هو واجب الأسرة في حماية أبنائها من خطر الإدمان؟ الإفتاء تُجيب

كرم من الله السيد

الأحد، 12 فبراير 2023 - 04:15 م

تلقت دار الإفتاء سؤالاً يقول فيه صاحبه: ما هو واجب الأسرة في حماية أبنائها من خطر الإدمان؟ وأجابت الدار واجب الأسرة نحو الأبناء هو تربيتهم على الآداب الحسنة، وحمايتهم من الوقوع في أضرار الإدمان، وذلك بوضع الأبناء تحت الرعاية الدائمة نُصْحًا وتوجيهًا، وكذلك إنقاذ مَن وقع منهم في الإدمان بالتعامل معهم بالرِّفْق، وعدم إشاعة خبر إدمانهم بين معارفهم؛ للحفاظ على مكانتهم الاجتماعية، والسعي العاجل في علاجهم عند أهل الاختصاص، مع محاولة تقوية ثقتهم بأنفسهم، ودعمهم معنويًّا؛ فالدعم النفسي له دور كبير في مساعدتهم على الإقلاع عن الإدمان، والخروج من الأزمة دون التعرض إلى الانطواء والخجل. 

وأوضحت الدار أن الأسرة هي المَحضَن الأول الذي يتربَّى وينشأ فيه الأبناء، والوالدان هما اللذان عليهما المُعَوَّل في صلاحهم ووقايتهم من الانحراف، وحفظهم من الضياع؛ يقول الإمام الرازي في "تفسيره" (13/ 178، ط. دار إحياء التراث العربي): [أَعْظَمُ أَنْوَاعِ النِّعَمِ عَلَى الْإِنْسَانِ نِعْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى، وَيَتْلُوهَا نِعْمَةُ الْوَالِدَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمُؤَثِّرَ الْحَقِيقِيَّ فِي وُجُودِ الْإِنْسَانِ هُوَ اللهُ سُبْحَانَهُ، وَفِي الظَّاهِرِ هُوَ الْأَبَوَانِ، ثُمَّ نِعَمُهُمَا عَلَى الْإِنْسَانِ عَظِيمَةٌ، وَهِيَ نِعْمَةُ التَّرْبِيَةِ، وَالشَّفَقَةِ، وَالْحِفْظِ عَنِ الضَّيَاعِ، وَالْهَلَاكِ فِي وَقْتِ الصِّغَرِ] اهـ.


وتابعت الدار : وقد أوجبت الشريعة الإسلامية على الآباء والأمهات رعاية أبنائهم؛ فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ؛ فَالإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا» متفق عليه.


لافتة إلى أنه كما حَثَّ الشرع الكريم الأبوين على أن يغرسوا في أبنائهم محاسن الأخلاق؛ فقد روى أيوب بن موسى عن أبيه عن جده رضي الله عنهما، عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أنَّه قال: «مَا نَحَلَ وَالِدٌ وَلَدًا مِنْ نَحْلٍ أَفْضَلَ مِنْ أَدَبٍ حَسَنٍ» أخرجه الترمذي في "سننه".


والنِّحَل: أي العطايا والإحسان والهبة، "النهاية في غريب الحديث والأثر" لابن الأثير ( 5/ 29، ط. المكتبة العلمية).


فتربية الأبناء على الآداب الحسنة خير لهم في الحال والمآل من العطايا؛ وفي ذلك يقول ابن عمر رضي الله عنهما أنَّه قال: "أَدِّبِ ابْنَكَ فَإِنَّكَ مَسْؤُولٌ عَنْ وَلَدِكَ، مَا عَلَّمْتَهُ؟ وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ بِرِّكَ وَطَاعَتِهِ لَكَ". "الفقيه والمتفقه" للخطيب البغدادي (1/ 176، ط. دار ابن الجوزي).


وقد يتعرض الأبناء -خاصة في مرحلة المراهقة- إلى التأثر السلبي في أخلاقهم، وعاداتهم، وتصرفاتهم بالتصرفات الخاطئة لبعض أصدقائهم، ومن ذلك انجرارهم لتعاطي بعض المواد المخدرة التي عادة ما تسبب الإدمان، وذلك يستلزم جهدًا حثيثًا من الآباء والأمهات لحماية أبنائهم من خطر الإدمان؛ ويمكن إيجاز دور الآباء والأمهات -لتفادي وقوع أبنائهم في براثن المخدرات- في عدة محاور أساسية، وهي:
أولًا: أن يكون الأبوان على قدرٍ عالٍ من الأخلاق والسلوك؛ حتى يكونوا قدوة حسنة لأبنائهم.


ثانيًا: التربية والتنشئة الصالحة على مبادئ الإسلام وتعاليمه؛ فالابن ينشأ على ما يغرسه فيه أبواه؛ ففي الحديث الشريف عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم: «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ؛ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، أَوْ يُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ» متفق عليه.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة