د.عمرو عافية
د.عمرو عافية


«عافية» الروائى الفائز فى معرض الكتاب: الجائزة استدعت أشباحي من جديد !

سمر نور

الأحد، 12 فبراير 2023 - 07:47 م

لم يكن الروائى د.عمرو عافية يُخطط للدخول إلى عالم الأدب بعد تخرجه فى كلية الطب، لكن حدث له ما وصفه بأزمة الهوية، فعمله كطبيب بشرى لم يكن كافيًا بالنسبة إلى شاب يهوى التواصل مع كل صنوف المعرفة، بدأ «عافية» رحلة النشر عام 1991 بمجموعته القصصية الوحيدة «الماء الحرام»، ودرس الفلسفة، وبعد سنوات من الاختفاء صدرت روايته الأولى «حد الغواية» 2004، والأسبوع الماضي حصدت روايته الثامنة «بعد أن يسدل الستار»، جائزة أفضل رواية في معرض القاهرة الدولي للكتاب.

تعتمد بنية هذه الرواية على أساليب سرد مختلفة، لكن الشكل المسرحي النواة الأساسية التي اختارها الأديب، فثمة عرض مسرحي داخل الرواية بكل تفاصيله.

وهو ما يُعلق عليه عمرو قائلًا: أحب القراءة في كل المجالات، من الكتب العلمية والفلسفية والمسرح والأدب، كل الفنون حاضرة في أعمالي، لكن في روايتي الأخيرة سيطر المسرح بإطاره وطقوسه وفلسفته على النص.

الثلاث دقات الشهيرة في عالم المسرح، والفصول الثلاثة والاستراحات»، وتطرح الرواية -الصادرة عن دار العربي- منذ بدايتها فلسفتها عبر شخوص متشابهة، وتبادل أدوار بين بطلين: أحدهما «عادل» الذى يرغب في أن يحتل مكان الآخر «عبد الله».

بين أفراد عائلته المسرحية، فنجده داخل عرض من ثلاثة فصول، لكن التفاصيل تقودنا إلى مقولة الأديب الإيطالي «لويجى براندللو» «لا توجد حقيقة واحدة، فلكل حقيقته»، ويرى «عمرو عافية» أن هذه البنية المسرحية لاءمت فلسفة الرواية التي تتجلى في معنى الحقيقة.

وماهية التشابه والاختلاف، وهو ما يوضحه قائلًا: الحقيقة! وما هي الحقيقة، وكيف يستطيع الإنسان أن يمسك بهويته، وتحديد كل شىء بإطار واضح وبين صعب، لذلك هناك لعبة شخصيات وأقنعة وتبادل مواقع، فما هو حقيقي ربما ليس حقيقيًا بالدرجة الكافية.

وما هو وهم ربما يكون موضع ثقة أكبر، مما نعتقده حقيقة، وقالب المسرح منحنى الفرصة لطرح أفكاري، فشخصيات المسرح مُتغيرة، وفى نفس الوقت ثابتة ليست مثل الأفلام أو الروايات، فكل يوم ممكن أن يتغير الممثلون، أو المشاهد الداخلية أو حتى الحوارات ممكن يتم الارتجال عليها، مثلها مثل الحياة».


ولأن المسرح هو مساحة للحوار فكان طبيعيًا أن يحتل الجانب الأبرز في الرواية، فيما يكمل الشكل والمضمون معًا، وهو ما يُعلق عليه «عمرو»: كل الجمل الحوارية لها مردود سواء فى العمل نفسه وربط الشخصيات ببعض، أو وجهات نظرها فى الحيا.

وهكذا، أجمل ما فى فن الرواية أنه مفتوح على الفنون، مادام هناك عمود فقرى يجمع الخيوط، وأحب تشبيهًا قرأته يصف الرواية بقصر كبير ننتقل بين حجراته بلوحاتها، وديكوراتها، وكل عناصرها، فكأنك تملكين كل الأدوات الجمالية اللازمة للتعبير عما تفكرين فيه.

وهكذا يغزل أديبنا الفائز بجائزة الرواية بمعرض هذا العام من الأشياء أشباهها»، فلا حقيقة واحدة فى عالم روايته «بعد أن يسدل الستار»، أنت أمام عرض مسرحى داخل عالم روائي، خيال داخل خيال.

والحقيقة هو ما يراه راويها، هى ليست بالضرورة ما حدث بالفعل، والأحداث التى يمكن الإمساك بها باعتبارها حقيقة هى أحداث تاريخية مثل حرب اليمن الذى عاد منها «عادل»، أو حرب الاستنزاف التى تدور أحداث الرواية قبلها بعام.

العرض المسرحى يدور فى ليلة واحدة، لكن الرواية تدور خلال عام كامل، فالزمن أيضًا مراوغ، وهناك ترقب لحدث كارثى قادم، بالنسبة إلى شخصيات العرض المسرحي، الرواية، المدينة، بل أيضًا، وفقًا للتاريخ المُختار، بالنسبة إلى الوطن.


وبعد إعلان حصوله على جائزة أفضل رواية بمعرض القاهرة الدولى للكتاب، بحثت عنه على وسائل التواصل الاجتماعى فلم أجد صفحة تحمل اسمه، كما  يمكن الحصول عليه من معلومات على محركات البحث ليس موازيًا لقيمة مشروعه الحقيقي، يجد «عافية» أن وسائل التواصل الاجتماعى تُبدد الوقت، وهو يفضل ممارسة أنشطته الفنية والثقافية ولقاء الأصدقاء.

ونسأله عن علاقته بجيل التسعينات الروائى فيقول: لا أستطيع تحديد موقعي، لا أستطيع الكتابة إلا عما أشعر به، ولا أعرف إن كنت أنتسب لهذا الجيل ولسماته، كل رواية لها مزاج خاص بها، شكل مختلف، حتى وإن جمعها الخط الفلسفى الذى تشيرين إليه».

رواياته يجمعها أيضًا حضور مدينته الأم، الإسكندرية، كأنها بؤرة مع اختلاف العوالم، وحضورها له ثُقله فى عمله الأخير، وهو ما يشير إليه قائلًا: «أنا من المغرمين بالإسكندرية، رغم أن أهلى من القاهرة.

,لكنهم استقروا بالإسكندرية، إلا أنى سكندرى صرف، أحبها لأقصى درجة رغم أنها لم تعد هى إسكندرية التى نشأت بها، لذلك فهى حاضرة دون إرادتى فى أغلب أعمالي.»


وخلال محاولته بناء مشروع واضح ذى ركيزة معرفية كبيرة، لم يكن «عمروعافية» ينتظر شيئًا من الكتابة سوى خفة التخلص من ضجيج شخوصه الروائية وعوالمها، ثم أتت الجائزة، فهل ستؤثر فى نظرته المستقبلية؟ يجيب: الكتابة عمل شاق، وكأن هناك انفجارًا.

وأنا أحاول التعامل معه، أو كأننى ألعب «بازل»، مثل الموزار فى المعمار الإسلامي، فالأمر يحتاج إلى وقت وصبر، والجوائز تعتمد على ذائقة اللجنة،والأولويات أحيانًا مثل الرغبة فى الإضاءة على أدب فى بلد معين، أو نوعية ما من الأدب.

وهذا يحدث حتى فى جائزة نوبل»، أما فيما يخصنى فلم أكن أعرف أن روايتى مقدمة جائزة من الأساس، فكان الفوز مفاجأة رائعة، خاصة حين يكون ذلك من واجهة مشرفة مثل معرض القاهرة الدولى للكتاب.

وأية جائزة تسلط الضوءعلى العمل أمر رائع، وأنا محظوظ بهذا الاحتفاء، لكنى لا أعتقد أنها ستُشكل اختلافًا فيما أكتبه، كل ما أفعله الآن، محاولة إبعاد أشباح شخصيات روايتى الفائزة، كأن الجائزة تُعيدهم إليَّ، وأحاول الانشغال بعملى الجديد، ولا أريد الالتفات لما هو غير ذلك».

اقرأ ايضاًَ | مفوض الأمم المتحدة : قلق أممي إزاء محاكمة أليس بيالياتسكي الحائز على نوبل

نقلا عن صحيفة الاخبار : 

202302013

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة