صالح الصالحى
صالح الصالحى


يوميات الاخبار

مصر بيت كل العرب

صالح الصالحي

الإثنين، 13 فبراير 2023 - 07:26 م

متى تعانق أنفسنا ضمائرها دون خجل فى رحلة عبور آمن؟!

فى رسائل غير منقطعة من الرئيس عبدالفتاح السيسى لكل العرب، يؤكد خلالها حرص مصر على استقرار وسلام كل دولة عربية، واعتباره استقراراً وسلاماً لمصر انطلاقاً من العقيدة المصرية أن مصر بيت كل العرب على مدار التاريخ، وأن أمن مصر لا ينفصل عن أمن كل الدول العربية.. حيث حرص الرئيس عبدالفتاح السيسى فى لقائه بوفد رؤساء المجالس والبرلمانات العربية ورؤساء الوفود المشاركين فى المؤتمر الخامس للبرلمان العربى على دعم مصر لجهود تعزيز التواصل والتعاون البرلمانى بين الدول العربية بما يسهم فى تبادل الخبرات ورفع عملية التكامل بين الدول العربية.. ودائما مايجد هذا التوجه صدى طيبا لدى الاشقاء العرب فهم دائموا التقدير والشكر للجهود المصرية المشرفة والمشهود لها فى الدفاع عن الأمن القومى العربى.. إضافة إلى نظر الشعوب العربية بفخر  للمسار السياسى والتنموى البناء الذى سارت فيه مصر على مدار السنوات الماضية، والذى مكنها من الصمود أمام التحديات الهائلة التى طالت المنطقة.. وهذا ليس بالجديد عن الهم المصرى الذى أخذ على عاتقه هموم المنطقة العربية وقضاياها.. وهى التى تتصدى بكل أمانة وصدق فى جميع المحافل وعلى كافة الأصعدة للدفاع عن القضايا العربية.. وهو ما ليس بالجديد فعلى مدار عقود طويلة كانت ومازالت تلك هى العقيدة المصرية واعتبارها أن الأمن القومى العربى جزء لا يتجزأ من بعضه البعض. حيث حذرت القيادة السياسية مراراً وتكراراً من أن عدم الاستقرار فى دول المشرق وفلسطين تمتد آثاره لدول المغرب العربى.


تلك هى الرؤية الواعية والثاقبة والعاقلة من القيادة السياسية التى دائما ما ترحب بالإخوة والأشقاء، ولا تدخر جهدا فى المساعدة والعمل على حل المشكلات.. قدر مصر الذى ارتضته على مدار سنين طويلة، تكمل حلقاته فى حب واقتدار مهما اشتدت الأزمات على بلادنا وارتفع مد التحديات بشكل يتصور معه البعض أنه يفوق قدرات مصر على مواجهة مسئولياتها لدعم الشأن العربى.. فهى مصر التى تكون دائما على قدر التحدى، ويظهر معدنها الأصيل فى الشدائد، وتمد يد العون لكل عربى.. وتعمل جاهدة على تسوية وحل أزمات العالم العربى.. وخاصة القضية الفلسطينية.
ولا يغيب عن مصر التحديات الاستراتيجية التى لا يراها إلا قائد واع وفى مقدمتها الأمن المائى والبيئى والطاقة، كلها ملفات كان لمصر  فيها رؤية ومنهج وآليات قطعت فيها شوطا وحرصت على أن يظل الباب مفتوحا مع كل الدول العربية على كافة الأصعدة، ولم تكتف بدول بعينها.  بل وجهت الاهتمام والرعاية والتعاون مع كل بلد عربى تعتبره شقيقاً لا يمكن الانفصام عنه. وفى الحقيقة دائما التجربة المصرية محل فخر فى كافة المجالات.. فمعظم الدول العربية ترى  نجاحات مصر فى ملف التنمية والقضاء على الإرهاب نموذجا ناجحا، وكثير ما يتطرق الحديث المطول بين القادة عن هذه التجارب المثمرة والتى لا تبخل مصر أبدا عن نقل خبراتها ومساعدة الأشقاء لتحقيق الاستقرار والسلام على أراضيهم.


ستظل مصر كبيرة عظيمة تعطى مهما كانت من صعوبات وواجهها من تحديات. فالخزائن المصرية لا تنضب.. حتما ستتجاوز الصعاب فكم من صعاب وسنين عجاف تتبعها سنوات رخاء.. ويكفينا ما حققناه من تنمية ستؤتى ثمارها متى تكتمل مشروعاتها وستظل مصر دائما بيت كل العرب وحصن أمان ودرعاً لهم.
سياسة خارجية لآفاق تنموية
تحرز السياسة الخارجية المصرية كل يوم تقدما ونجاحا فى اتجاه تدعيم دور مصر الدولى المحورى، الذى يبحث دائما عن دوائر غير تقليدية لتحقيق الأهداف الاستراتيجية المصرية، ودعم الأمن القومى المصرى. وهو ماعبرت عنه جولة الرئيس عبدالفتاح السيسى الأخيرة حيث عقد عدداً من اللقاءات لدعم العلاقات المصرية نحو المعسكر الشرقى ما بين زيارات للهند وأذربيجان ولقاءات مع رؤساء كرواتيا ورومانيا.. وهو ما جعل المراقبين يؤكدون نجاح هذا التوجه فى توقيته ومحطاته، ليس فقط فى تدعيم علاقات مصر مع هذه الدول، وإنما تعتبر هذه الجولة تنشيطا للعلاقات المصرية فى ضوء مصالح مصر العليا، والتى تسعى القيادة السياسية من خلاله إيجاد مسارات بديلة لتخطى تداعيات أزمة الحرب الروسية الأوكرانية، وما خلقته من أزمة اقتصادية عالمية. حيث تعمل مصر جاهدة بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى على خلق شراكات جديدة، أو بمعنى آخر إحياء شراكات تجمدت خلال فترة ماضية لفتح مجالات جديدة مع كل الأطراف الدولية الاقتصادية والتجارية.. وهو ماكان واضحا فى الخطابات السياسية التى ظهرت فى هذه الجولات من تفاهمات وعلاقات اقتصادية  مشتركة كانت داعما رئيسيا لشكل هذه العلاقات. حيث تؤكد عقيدة نجاح السياسة الخارجية على ضرورة وجود مصالح مشتركة لدعم أى علاقات سياسية ناجحة، وهو ما حرصت عليه القيادة السياسية من خلال فتح مجالات التعاون المشترك وفتح مجالات استثمارية جديدة خاصة فى ضوء ما تتميز به مصر من مشروعات تنموية وأهمها الاكتشافات البترولية الجديدة فى شرق المتوسط وتعزيز التعاون المشترك فى مجالات الطاقة المتجددة وسعى مصر لتوطين صناعة الهيدروجين الأخضر.
وتشهد كافة الأوساط والتقارير الدولية بنجاح التوجه المصرى فى هذه المرحلة لتحقيق التوازن فى ظل أجواء الاستقطاب العالمى. وتأسيس شراكات استراتيجية لدعم المصالح المصرية على امتدادات أوسع من دول الجوار المباشر العربية والإفريقية.
ومن الواضح حرص القيادة السياسية على دعم فرص الاستثمار ومواجهة التحديات الاقتصادية فى ظل أزمة الأمن الغذائى العالمى. ومن أبرزها اتفاق مصر والهند على تعزيز سلسلة التوريد للمواد الغذائية وتسريع خط التعاون فى المجال التكنولوجى المرتبط بالغذاء والزراعة فضلا عن مشروعات الطاقة والبنية التحتية والصناعات الدفاعية.
فى الحقيقة أن هذه الجولات الآسيوية تأتى مكملة لسلسلة الجولات التى قام بها الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال السنوات الماضية مما يعكس اهتمام مصر بالدوائر الآسيوية وخلق علاقات قوية جديدة مع دوائر لم يكن لها تاريخ فى العلاقات الخارجية المصرية. وذلك يدل على اهتمام القيادة السياسية بفتح أبواب دولية جديدة لدعم التنمية المصرية بجذب الاستثمار والترويج للفرص الاستثمارية فى مصر، وعرض الإصلاحات الهيكلية التى تجرى فى الاقتصاد المصرى فى شراكات مهمة مع هذه الدول، وخاصة الهند صاحبة أكبر اقتصاد صاعد فى العالم، وكذلك أذربيجان للتعاون فى مجالات السياحة والدواء والصناعات النفطية والنسيج.. ولم يغب عن المشهد عرض التجربة المصرية فى مكافحة الإرهاب الذى يشكل تهديدا حقيقيا على التنمية فى المنطقة والعالم.. حيث أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى على ضرورة تضافر جهود المجتمع الدولى لحصار آثاره على جميع المستويات من خلال علاج جذور المشكلة عبر دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية ومحاربة الفكر المتطرف.. وأسفر هذا التوجه خاصة فى علاقات مصر مع الهند على اهتمام الهند بالدولة المصرية واعتبارها الوجهة الاستثمارية الرائدة للشركات الهندية.. خاصة أن مصر من أهم الشركاء التجاريين للهند فى أفريقيا.. حيث بلغ حجم التجارة الثنائية بين الهند ومصر ٧٫٢٦ مليار دولار فى العام المالى ٢٠٢١/٢٠٢٢ بزيادة ٧٥٪ بالمقارنة بالعام السابق عليه.
تحقق القيادة السياسية نجاحات لدعم السياسة الخارجية المصرية ولا تميل لصالح طرف دون آخر، بل إنها تعتمد على خلق دوائر جديدة واعدة تحقق الأهداف العليا لاستراتيجية الأمن القومى لمصر والاقتصادى لمواجهة الأزمة الاقتصادية بالتوجه للدول الآسيوية ذات الموارد الطبيعية والنمو الاقتصادى القائم على التكنولوجيا والاستفادة من الخبرات الآسيوية فى نجاح برامج النمو الاقتصادى ودعم برنامج الإصلاح الاقتصادى المصرى.
الضمير
حينما نتحدث عن الضمير يتبادر للأذهان نوع من الإحساس الذى يخالط نفسك، فقط تشعر به فى قلبك وربما فى دماغك لقوة تأثيره على الإنسان فى مجمل تصرفاته حتى ولو هرب منه وتعمد عدم لقائه خوفا من سوط الجلاد.. لكن الكل يعلم أن هناك من هو أقوى منه، من يحاسبه، من يذنب ويتوب ويعود له، حتى أننا فى طفولتنا كان يشغلنا دائما أين يقع الضمير فى الجسم وكأنه عضو من الأعضاء، حتى كبرنا وعرفنا أنه يسيطر على جميع أعضاء الجسد، حتى أن المخالف له يداه ترتعشان وأقدامه تتخبط من هول سطوته عليه.. فالضمير الحى يعنى راحة الجوارح والنوم بعمق مستريح البال.. ولهذا نقول إن هذا صاحب ضمير حى وهذا ضميره ميت.
لماذا أطلق على هذا الشىء غير الملموس لفظ ضمير حتى صار مألوفا للجميع ومطابقاً مع ضمائر اللغة المتصلة والمنفصلة.. فى تصورى أن ذلك بسبب اتصاله بجميع اعضاء الجسم وتشكيله مركزاً للتحكم فى خلايا الجسم وأعضائه.. حتى أننا نصف أنفسنا ونمدحها ونذمها من خلال علاقتنا بهذا العضو غير المرئى المنعكس على تصرفاتنا.. فعلاقته بالنفس علاقة أزلية أبدية يُخلق مع الإنسان ويستمر حتى نهاية عمره.. كائن يتغذى وينمو ويكبر.. قد يتغذى على المبادئ والقيم فينمو ساميا رفيعا يرتفع معه قدر صاحبه، وقد يتغذى على الاعوجاج والفساد  الخلقى فينمو شاذا يقترب من أخلاق الشياطين.. وهؤلاء من نطلق عليهم خطأ أنهم أصحاب ضمير ميت، بالعكس فهؤلاء لديهم ضمير لكنه ضمير شرير قاس يدفع صاحبه للإثم والعدوان.
هو الكائن الذى نركن إليه فى أحزاننا وأوجاعنا نلتمس منه أن يواسينا، وهو أيضا الذى نلجأ إليه فى أفراحنا المستحقة عن جدارة حتى يتوجنا بتاج النشوة المشروعة، وهو ذلك الشيطان القابع فى النفوس الذى اتخذ عهداً بأن يطاردك فى صحوك ومنامك مهما ابتلعت من مهدئات وحبوب منومة.
فمنا المتصالح معه، ومنا العاصى الذى يفر منه خوفاً من جلده، ومنا من ذبح ضميره حتى إنه لا يجد أية  صعوبة فى العيش بدون ضمير أو شخص داخله يحاسبه على ما ارتكب من خطأ ومعصية.. وترى هذا النموذج متبلداً مصاباً باللامبالاة لا يعجزه أى إثم أو خطأ فى حق شخص أو حتى حيوان.. يسير وتسير معه كل نفسيته المريضة الخالية من ضمير يحّسن ويعدل ويصحح من مساره.. وتسألنى هل نحن لدينا ثلاثة أنواع من البشر، نوع صاحب ضمير حى.. وآخر بلا ضمير.. وأده واستراح.. شريراً لايعبأ ولا يتأثر.. وثالث يذهب ويعود لضميره غير مخطئ ويصيب.. ليس بصاحب الضمير الحى حد الملائكة ولا بالشرير حد الشياطين.
بالطبع الناس ألوان وأشكال وليسوا نوعا أو اثنين بل هم أكثر وأكثر.. إذا كان الحاكم لهم ضمائرهم وأخلاقهم فستجد أنواعاً عديدة تحتار معها التصنيفات أفضلهم من توافق مع فطرته التى فطره الله عليها من فطرة سليمة على الخير والحب، كلما امتلك ضميراً يساعده على أن يبقى متوافقا دائما مع نعمة الله التى خلقه عليها هنأ بالحياة وكانت له رحلة عبور آمنة.. وليس عيباً أن نحسن ونهذب من أنفسنا لنلتقى بضمائرنا دون خجل فيكون لقاء المحبين المتعانقين على الفطرة السليمة.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة