الأربعاء، 15 فبراير 2023 - 07:19 م

يقف في دكانه الصغير، يحفظ أرجائه يعرف كل خطوة، وشبر، وركن، لم يره قبل كل ذلك رغم أنه يقضي فيه معظم يومه، يعمل عم محم الوصال في صناعة المفاتيح، ينسخها للزبائن بمهارة يحسد عليها كونه كفيفًا، لم يرى النور أبدًا ولكنه يسكن قلبه. 

يتجول بين آلاته، يعرف مكانها كأنه تركها للتو، في حي شبرا الخيمة، ذاع صيت عم محمد الوصال، «أمير الظلام» في صناعة المفاتيح، ففي الوقت الذي يستخدم فيه الناس كلمة «مفتح» لوصف الموهوبين والأذكياء، حظي عم محمد بكل ذلك دون أن «يفتح عينيه» ولو لمرة واحدة.

يأسك وصبرك بين أيديك وأنت حر تيأس ما تيأس الحياة راح تمر، عمل «محمد الوصال» بنصيحة الشاعر الراحل صلاح جاهين، فكان رأس ماله الصبر، حتى تعلم مهنة لها أسرارها، وتمكن من صنعتها.

بفخر وابتسامة تغطي وجهه يكشف عم محمد حامد الوصال لـ«بوابة أخباراليوم» كيف اختار تلك المهنة قائلا:« إنه يعمل صانعا للمفاتيح منذ ٣٣ عاما؛ وأن هذه المهنة هي مصدر دخل رئيسي للإنفاق على أسرته وتعليم أبنائه».

ولد الحاج محمد ضريرا يواجه حياة يصعب على الكثير من الأصحاء مواجهتها؛ وتزوج وأصبح لديه أربع أبناء أكبرهم أحمد ٣٣ عاما حاصل على دبلوم فني؛ ومحمود ٢٦ عاما تخرج في كلية التربية الرياضية.

«القوة لا تأتي من الإمكانات الجسدية بل من عزيمة الإرادة والإحساس» إذ يتعامل الحاج محمد مع ٤ آلات كهربائية ليست قليلة الخطورة؛ وبالبصيرة تعلم أشكال المفاتيح وكيفية نسخها.

يقول عم محمد: «بعون الله المفاتيح اللي بطلعها سليمة بنسبة تتعدى تسعين فالمئة، وأي زبون بياخدها يجربها مبيرجعش بيها تاني، وربنا أدني الموهبة دي».

وبإصراره وإيمانه وجه الحاج محمد رسالة قوية لليائسين وهي أنه يمكنك إنجاز كل شئ في الحياة فقط إذا كانت لديك القدرة والشجاعة لتحلم به؛ والذكاء لجعله مشروعا واقعيا؛ وأن الفرق بين الإنسان الناجح والآخرين ليس نقص القوة أو نقص العلم فقط نقص الإرادة .