جـلال عـارف
جـلال عـارف


فى الصميم

إرهاب إسرائيل يتحدى العالم

جلال عارف

الجمعة، 17 فبراير 2023 - 10:53 م

لم يعد ممكنا أن يستمر العالم فى معاملة إسرائيل وكأنها دولة فوق القانون.

حكومة نتنياهو الأخيرة لم تترك لحلفائها وداعميها أى فرصة للدفاع عنها بعد أن تجاهلت كل التحذيرات، وأسقطت كل الأكاذيب التى روجتها عن «إسرائيل التى تمثل حضارة الغرب فى صحراء العرب» وظهر الوجه الحقيقى للكيان الصهيونى وهو يمارس جرائمه ضد الفلسطينيين والعرب، ويعتدى على القانون ويرفض قرارات الشرعية الدولية وينسف كل فرص السلام ويقود المنطقة إلى انفجار لا يعلم أحد مداه.

أمريكا نفسها التى تعيش إسرائيل على دعمها السياسى والاقتصادى والعسكرى لم تترك وسيلة لإفهام إسرائيل بخطورة الموقف. أرسلت كبار مسئوليها لهذه المهمة بمن فيهم مستشار الأمن القومى ومدير المخابرات وأخيرا وزير الخارجية مع تصريحات علنية بضرورة الحفاظ على «حل الدولتين» لمصلحة إسرائيل نفسها.

ومع ذلك كانت النتيجة فشلا أمريكيا كاملا، وبجاحة إسرائيلية تقول للعالم كله إن «حكومة الإرهاب» فى إسرائيل ماضية فى طريقها يقودها زعماء عصابات اليمين الذين يعتبرون القضاء على الشعب الفلسطينى واجبا مقدسا عليهم، ويفخرون باستباحة الأرض المحتلة والعدوان على المقدسات الدينية من أجل تهويد القدس العربية.

ورغم كل الجهود التى بذلت لمنع التصعيد والإبقاء على فرصة الحل السلمى والعادل، فقد بات واضحا أن حكومة الإرهاب الإسرائيلى تريد أن تفرض الأمر الواقع على الجميع مهما كانت العواقب.

آلة القتل الإسرائيلية ماضية فى طريقها فى ظل هيمنة زعماء عصابات اليمين المتطرف على كل ما يتعلق بالأمن الداخلى وشئون الضفة والقدس العربية.

وهدم منازل الفلسطينيين وتفجيرها لا يتوقف فى نفس الوقت الذى تمضى فيه إسرائيل فى «شرعنة» ٩ بؤر استيطانية أقيمت خارج القانون، وتعلن عن بدء إنشاء عشرة آلاف منزل للمستوطنين فى الأرض الفلسطينية المحتلة.

القرارات كانت صادمة حتى لحلفاء إسرائيل، فجاء البيان المشترك للدول الخمس «أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا» الذى أدان إنشاء المستوطنات وأعرب عن «القلق الشديد» من الإجراءات الأحادية التى تفاقم التوتر وتقوض حل الدولتين..

لكن «القلق الدولى» كانت نتيجته الوحيدة هو خطوة أخرى على نفس الطريق من جانب إسرائيل، حيث فرضت الأغلبية الحاكمة قانونا جديدا بسحب الجنسية وحق الإقامة من الفلسطينيين داخل إسرائيل وفى القدس المحتلة الذين يقعون فى الأسر الإسرائيلى، أو من أسر الشهداء الذين يتلقون معاشات فلسطينية.. لتؤكد إسرائيل أنها النموذج الكامل للدولة العنصرية التى تمارس التمييز وتنتهك كل القوانين عن يقين بأن القلق والاستنكار والإدانة من دول العالم لا تعنى شيئا بالنسبة لها!!

ماذا بقى من وجه إسرائيل الزائف الذى روجت له طويلا؟!..

لا شيء، حتى أكذوبة الديموقراطية تنتهى على يد حكومة زعماء عصابات اليمين المتطرف التى تمضى فى محاولة الهيمنة على القضاء لكى تضمن ألا يذهب نتنياهو ورفاقه فى الحكم إلى السجن، ولكى تستصدر ما تشاء من قوانين تطلق يدها فى البطش بالمعارضين فى الداخل، وبالفلسطينيين فى الأرض المحتلة. تمضى حكومة نتنياهو وزعماء عصابات اليمين المتطرف فى طريقها غير عابئة بالمظاهرات الحاشدة داخل إسرائيل ضد القانون الجديد، ولا بالإشادة «الرقيقة!!» من الرئيس الأمريكى بايدن عن «الديموقراطية فى إسرائيل» التى يعرف الطرفان أنها من البداية وحتى النهاية.. كانت أكذوبة!!

والسؤال الحقيقى هو: ماذا بعد أن كشفت حكومة اليمين المتطرف عن الوجه الحقيقى لإسرائيل؟! هل سيستمر الصمت على جرائمها أو يتم الاكتفاء بالتنديد والاستنكار والقلق الشديد..

أم أن على العالم أن يتحرك فى مواجهة دولة عنصرية، وإنهاء احتلالها للأرض العربية، وفرض قرارات الشرعية الدولية عليها؟!

بعبارة اخرى.. هل سيستمر العالم «وأمريكا بالذات» فى التعامل مع إسرائيل وكأنها دولة خارج القانون..

أم أنه قد حان الوقت لفرض أحكام القانون الدولى وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية، ومعاقبة إسرائيل على جرائمها فى حق الشعب الفلسطينى، وفى حق الإنسانية كلها؟
إن السلطة الفلسطينية ماضية فى طريقها لفرض الشرعية الدولية. ستلجأ للمحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة مجرمى الحرب فى إسرائيل، وستطلب العضوية الكاملة فى الأمم المتحدة، وستمارس حقها الشرعى فى مقاومة الاحتلال..

فهل ستمارس الولايات المتحدة نفوذها لتعطيل ذلك؟ أم أنها ستتحمل مسئوليتها وتحافظ على ما تبقى من مصداقية للمؤسسات الدولية، وتدرك أن ازدواجية المعايير ستضر بمصالحها، وأن العقوبات وحدها «وليس القلق مهما اشتد!!» هى التى تمنع اكتمال الكارثة على يد يمين متطرف عنصرى يتصور أنه قادر على فرض الأمر الواقع على الجميع؟

سيكون على مجلس الأمن أن يبحث الوضع الخطير فى الأرض المحتلة فورا، وسيكون اختبارا حقيقيا للدول الكبرى وفى المقدمة أمريكا، وسيكون على الرئيس بايدن أن يقرر ما إذا كانت إدارته ستحمى الاحتلال الإسرائيلى وتكتفى بالقلق ثم تستخدم «الفيتو» لمنع إدانة إسرائيل.. أم ستحافظ على ما تبقى من مصداقية للقرار الأمريكى وتكرر ما حدث فى نهاية حكم «أوباما» حين امتنعت أمريكا عن التصويت على قرار بوقف الاستيطان الإسرائيلى صدر فى ديسمبر ٢٠١٦ وكان «بايدن» نائبا للرئيس الأمريكى، وكان نتنياهو نفسه يحكم إسرائيل ويمارس عمله الأساسى فى قتل كل فرص السلام؟!
 


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة