كــــــــــــرم جبــــــــــــر
كــــــــــــرم جبــــــــــــر


إنهــا مصـــــــر

الأسعار وجشع التجار

كرم جبر

الجمعة، 17 فبراير 2023 - 10:57 م

 

فى الدول الرأسمالية، يتصدر رجال الأعمال والمستثمرون الصفوف لحماية الأمن القومى الاجتماعي، ومعاونة الحكومات فى تدبير احتياجات الشعوب ومحاربة الاحتكار، خصوصاً فى أوقات الأزمات.

وفى مصر يحدث العكس.. والدليل أزمة الدواجن.

مليار و250 مليون دولار تم تدبيرها «من لحم الحي» كما يقول المثل، للإفراج عن الذرة وفول الصويا والأعلاف أملاً فى انخفاض أسعار الدواجن والبيض.. ولم تنخفض الأسعار بل زادت.

وقررت الحكومة إعفاء مزارع الدواجن من الضرائب العقارية لمدة ثلاث سنوات، أملاً فى مكافحة الاستغلال.. ولم نلمس آثاراً إيجابية للقرار.

والأكثر استغراباً هو إشادة المنتجين بتلك القرارات والحديث عن أثرها على الأسواق، والمطالبة بالمزيد والمزيد، ونسمع نفس العبارات الرنانة عن ضرورة الحفاظ على تلك الصناعة الاستراتيجية، واجتماعات مستمرة لبحث المشكلة وتلبية المطالب.
والنتيجة؟

رمضان على الأبواب وكل عام وأنتم بخير، والحكومة تبذل قصارى جهدها، وأشيد فى هذا الصدد بقرار استيراد الدواجن من الخارج فى هذا التوقيت، وتوفيرها قبل الشهر الكريم، لأن الأمر إذا استمر على ما هو عليه سينفلت عيار الأسعار أكثر وأكثر.

كان الله فى عون من يتحمل المسئولية فى هذا الزمن الصعب، الذى تراجعت فيه القيم والأخلاق والضمير، ويملأ الجشع العقول والبطون، لاستثمار الأزمات وامتصاص دماء المستهلكين واستحلال المال الحرام.

والدولة لم ولن تقف مكتوفة الأيدي، وفى رقبتها توفير الحماية الاجتماعية لأبنائها، ومن أهم إجراءات المواجهة فى هذا التوقيت بالذات، مضاعفة منافذ بيع السلع بأسعار تقل عن مثيلتها فى أسواق الجشع.

لا يطلب أحد من القطاع الخاص أن يخسر أو يبيع بأقل من الأسعار العادلة، ولكن بهامش ربح معقول، لا يرهق الناس حتى لا يضطروا إلى المقاطعة، وإذا حدث ذلك سيكون المنتجون هم أول الخاسرين.

وليس معقولاً الاستمرار فى نفس الشماعات القديمة مثل حماية الإنتاج المحلي، حتى لو كان على حساب الناس وعدم مراعاة مصلحتهم، ومنذ سنوات طويلة ونحن نستخدم نفس المبررات دون أن تسهم كثيراً فى تطوير الإنتاج المحلى وسد فوهة الواردات، وحماية الناس أولى من أى حماية أخرى.

إذا تدخلت الدولة، تزداد الشكوى والصراخ من التضييق على القطاع الخاص، وإذا تُرك وحده دون منافسة أو تدخل حكومي، زادت المشاكل والأزمات.

ما كان يحدث قبل عام 2014 لن يعود مرة ثانية، حين تحكم مجموعة من المحتكرين فى الأسعار وقوت الناس وخلقوا أزمات فى كل شيء، من الدواجن واللحوم ورغيف الخبز، حتى ألبان الأطفال والمحاليل الطبية، وكنا ننام على أزمات ونستيقظ على أزمات.

وتدخلت الدولة بحسم وقوة وانفرجت الأزمات وعاد الاستقرار إلى الأسواق، ويحاول البعض الآن ممارسة نفس اللعبة والعودة إلى ممارسات الجشع والاستغلال والاحتكار.

لا تصرخوا إذا استوردت الدولة الدواجن قبل رمضان حتى يجد الناس احتياجاتهم بأسعار معقولة، فأنتم السبب.. قدموا مبادرات طيبة حتى يبارك لكم الله فى المكسب الحلال.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة