المشاركون في اجتماع الأطراف السودانية بالقاهرة
المشاركون في اجتماع الأطراف السودانية بالقاهرة


مصر تفكك أزمات دول الجوار في أسبوع المباحثات العربية

آخر ساعة

الجمعة، 17 فبراير 2023 - 11:28 م

أحمد جمال

شهد الأسبوع الماضي حركة دبلوماسية متصاعدة لتفكيك الأزمات الليبية والفلسطينية والسودانية، انطلاقًا من القاهرة التي كانت شاهدة على انعقاد ورشة عمل شارك فيها العديد من القوى السياسية السودانية إلى جانب توالى اللقاءات التي عقدتها وفود حركتي الجهاد الإسلامى وحماس مع المسئولين المصريين، ونهاية بانعقاد اجتماعات اللجنة العسكرية الليبية المشتركة «5+5» برعاية الأمم المتحدة والتي تخللها زيارة مبعوث الأمم المتحدة لدى ليبيا، عبد الله باتيلى، إلى القاهرة ولقائه وزير الخارجية سامح شكري.

حملت الاجتماعات واللقاءات التي جرت على مستوى الثلاث قضايا تأكيد بأن مصر لديها رسائل مهمة تبرهن بأنها حاضرة بقوة في تلك الملفات وأن جهودها للوصول إلى حلول سياسية شاملة لم تنقطع أو تتوقف طيلة الفترة الماضية، وأن عدم انحيازها لأى من الأطراف يساعدها على أن تلعب أدواراً فاعلة في الفترة الحالية التي تشهد تطورات إقليمية متسارعة أثرت بشكل أو آخر بكل أزمة فيهم سواء بالإيجاب أو السلب.
وعبر وجود حكومة إسرائيلية متطرفة يقودها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن وجود حاجة ملحة لتدخل مصري يوقف التصعيد الحاصل فى القدس المحتلة والضفة الغربية، مع تنفيذ عملية عسكرية في أريحا مؤخراً أسفرت عن استشهاد خمسة من عناصر حركة حماس.

وفد حماس
وكان وفد حركة حماس قد تلقى دعوة مصرية، للتشاور حول تطورات الموقف وسبل تحقيق التهدئة في الأراضي المحتلة، وضم الوفد إلى جانب إسماعيل هنية، صالح العاروري، نائب رئيس الحركة، وخالد مشعل، رئيس الحركة في الخارج، وخليل الحية، رئيس مكتب العلاقات العربية والإسلامية، وروحي مشتهى، عضو المكتب السياسي للحركة، وهو الوفد الذى جاء إلى القاهرة بعد أيام من انتهاء لقاءات أخرى عقدها المسئولون المصريون مع قيادات حركة الجهاد الإسلامي.
وكانت تعقيدات المشهد الحالى فى ليبيا ووجود صعوبات على مستوى التوافق على إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية قد دفعت بضرورة زيارة المبعوث الأممى إلى القاهرة للتباحث حول ما يمكن أن تقدمه القاهرة بما لها من ثقل فى هذا الملف لتحقيق أهدافه.

المسار الليبى
وصرح السفير أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمى ومدير إدارة الدبلوماسية العامة بوزارة الخارجية، بأن الممثل الخاص للسكرتير العام للأمم المتحدة إلى ليبيا وجه الشكر لمصر لما تبذله من جهود على صعيد جميع مسارات حل الأزمة الليبية، خاصةً المسار الدستورى ومجموعة العمل الاقتصادية واللجنة العسكرية المشتركة 5+5.

وأضاف بأن اللقاء تناول نقاشاً مطولاً حول التطورات الخاصة بالحل السياسى فى ليبيا، حيث أحاط وزير الخارجية الممثل الخاص للأمين العام بمستجدات المسار الدستورى فى ظل الاجتماعات المتلاحقة التى استضافتها القاهرة خلال الفترة الماضية، مؤكداً أهمية اختتام هذا المسار بنجاح برعاية البعثة الأممية تمهيداً لعقد الانتخابات التشريعية والرئاسية بالتزامن دون تأخير.
واعتمدت اجتماعات اللجنة العسكرية الليبية المشتركة «5+5» التى استضافتها القاهرة الأسبوع الماضى بمشاركة المبعوث الأممى لدى ليبيا وممثلين عن دول جوار ليبيا (السودان- تشاد- النيجر)، آلية للتنسيق المشترك بشأن جمع البيانات وتبادلها، لتسهيل عملية الانسحاب الكامل للمسلحين والمقاتلين الأجانب من ليبيا، وذلك بالتنسيق مع دولتى السودان والنيجر المجاورتين، وسط ترحيب أممى وأمريكي.

المستوى السودانى
وعلى المستوى السودانى فإن التوقيع على اتفاق إطارى بين قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) وعدد آخر من القوى المدنية من جانب وبين المكون العسكرى الذى يقوده الفريق أول عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالى فى البلاد، دون أن يشمل باقى القوى السياسية وعلى رأسها «الكتلة الديمقراطية» بتحالف الحرية والتغيير كان دافعًا نحو دعوة القاهرة لكافة الأطراف السودانية للمشاركة فى ورشة عمل «آفـاق التحــول الديمقـراطي: نـحــو ســودان واحد»، والتى استمرت لأسبوع وأفرزت عن تشكيل اتفاق سياسى ووثيقة دستورية توافق عليها المجتمعون.

وأصــدر المشاركـــون، فــى خــتام أعمــال الورشــة التـى استمرت ســتـة أيــام، «وثيقــة التوافق السياسي» و«الوثيقة الحاكمة للفترة الانتقالية»، كما اتفقوا على تشكيل «تنسيقية القوى الوطنية الديمقراطية» كجسم جامع لكل الكتل والمكونات والشخصيات المشاركة فى الورشة تكون مهمتها «التواصل مع كل الأطراف الداعمة للتحول الديمقراطي»، حسب البيان الختامى لأعمال الورشة.
وثمَّن البيان الختامى الدعوة المصرية لاستضافة حوار سوداني- سودانى حول سبل تجاوز الأزمة السياسية بمشاركة 85 شخصية يمثلون 35 حزباً وحركة «تمثل طيفاً عريضاً من القوى السياسية والمجتمعية وقوى النضال المسلح فى السودان».

التصعيد الإسرائيلى
ومن جانبه قال الدكتور أكرم حسام، أستاذ العلوم السياسية والخبير فى الأمن الإقليمي، إن التحــركات الحــالية فى الإقليـم وتجـاه الملفات الثلاث لم تشهد تغييراً فى ثوابت الدبلوماسية المصرية ولكن هناك تغييرات على المستوى التكتيكى استجابة للتغيرات التى شهدتها هذه الملفات خلال الفترة الماضية والتى استوجبت أن تكثف مصر من حركتها من أجل العمل تحت استراتيجية واحدة تتبناها القاهرة وتتمثل فى تحقيق الأمن والاستقرار بالدول الثلاث، الواقعة على حدودها الشرقية والغربية والجنوبية.
وأوضــح أن اللقـــاءات الــتـى انعقــــدت مع قـــــيادات الفصـــائل الفلسطــيـنـيـــة ارتبطـــت بالتصعيد الإسرائيلى الأخير فى الأراضى الفلسطينية، ومــا وضــح من توجهات رئيس الوزراء بنيامين نتياهو والذى تجاه التراجع عن مسار السلام مع الفلسطينيين، وهو ما أفرز أيضًا عن تحركات أمريكية حاولت تطويق التطورات الحاصلة على الأرض هناك وتمثل ذلك فى زيارة وزير الخارجية أنتونى بلينكن للمنطقة قبل أسبوعين، مشيراً إلى أن الحركة الأمريكية جاءت مواكبة للتحركات المصرية وبرهنت على ثقة الولايات المتحدة بقدرة القاهرة على إعادة ضبط الإيقاع وتحقيق التهدئة المطلوبة.

وشدد على أن اللقاءات مع الحركات استهدفت فرملة أى تصعيد متوقع قد يؤثر سلبًا على الهدنة التى جرى التوصل إليها عقب انتهاء حرب مايو 2021، وهناك طرح مصرى يرى بضرورة عدم التصعيد، إلى جانب مساعى القاهر تكوين موقف عربى إقليمى يتعامل مع الطرح الجديد الذى قدمه نتنياهو وتحدث خلاله عن عدم الذهاب باتجاه تحقيق السلام إلا فى حالة توسيع دائرة التطبيع مع بلدان عربية أخرى، وأن مصر تستهدف أيضًا من خلال اللقاءات الدبلوماسية التى أجراها الرئيس عبدالفتاح السيسى تطويق هذا التطور السلبى والتعامل معه.

التحركات المصرية
وشدد على أن الحركة المصرية فى الملف الليبى مازالت تواكب التطورات الحاصلة على الأرض ضمن المساعى للوصول إلى إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية خلال هذا العام، إلى جانب الدور الحصرى الذى تلعبه مصر لتوحيد المؤسسة العسكرية من خلال اجتماعات 5+5 العسكرية، كما أنها تحاول مع الشركاء الدوليين وخصوصاً (فرنسا وإيطاليا والولايات المتحدة)، تمهيد البيئة السياسية للحل السياسي، وأن الجهود الحالية تستثمر نتيجة النجاحات التى حققتها الدبلوماسية المصرية خلال عام تقريبًا من خلال الانخراط مع كافة الأطراف السياسية للتقريب بينهم.

ولفت إلى أن ورشة السودان أيضًا لا تعبر عن تغير موقف مصر تجاه الأزمة هناك، وأن القاهرة دائما ما تعبر عن احترامها لخيارات الشعب السودانى ودعم أى مسار سياسى تتبناه القوى السودانية، وأن مصر دعمت جميع الجهود السابقة بدءاً من التوقيع على الوثيقة الدستورية عقب ثورة ديسمبر والوصول لاتفاق سلام جوبا وغيرها من المحطات المهمة، كما أن الأدوار العربية الفاعلة فى الملف السودانى تنسق بشكل مستمر مع الدولة المصرية وهناك إدراك بأن السودان يعد أحد أبرز محددات الأمن القومى المصري.

الحلول السياسية
ومن جانبه أوضح الدكتور أيمن سمير، خبير العلاقات الدولية، أن الاجتماعات واللقاءات الأخيرة تأتى فى إطار القبول العربى بالأدوار المصرية فى الأزمات والصراعات المستمرة بالمنطقة، بعد أن أثبتت مصر أنها تقف على مساحة واحدة من الجميع فى الملفات المختلفة التى تحاول حلها، كما أن تلك التحركات تأتى ضمن محددات وثوابت السياسة الخارجية المصرية والتى تروج دائماً لنشر الاستقرار والسلام فى المنطقة.
وأشار إلى أن مصر لديها إدراك بأهمية تصفية الصراعات فى الوقت الحالى من منطلق حاجة شعوب المنطقة للاستقرار فى ظل أوضاع اقتصادية عالمية صعبة، كما أن مصر دائما ما تُفضل الحلول الدبلوماسية والسلمية عن نظيرتها العسكرية، وهو ما يتبناه الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ أن جاء على رأس الحكم، كما أن عدم التدخل فى شئون الغير هو جزء رئيسى من السياسة الخارجية المصرية يساعد على استضافة الوفود العربية المختلفة تحت أرضية مشتركة تساعدهم على إيجاد منافذ مناسبة للأزمات التى يمرون بها، وتقديم يد العون لاكتشاف مساحات اتفاق بين تلك المكونات.

وأوضح أن تحقيق نتائج إيجابية فى الملفات الثلاث مع مساعدة الأطراف السودانية على التوافق وكذلك فرملة أى مساعٍ للتهدئة ولو بشكل مؤقت فى الأراضى الفلسطينية ونهاية بدفع عجلة الحل السياسى فى ليبيا يأتى انطلاقاً من قوة مصر كدولة داعمة للاستقرار والسلام فى الدوائر الإقليمية المحيطة بها سواء فى المنطقة العربية أو الشرق الأوسط أو منطقة شرق المتوسط وشمال أفريقيا.

اقرأ أيضا | ‏انطلاق ورشة عمل «آفاق التحول الديمقراطي نحو سودان يسع الجميع» بالقاهرة

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة