وزيرا خارجية تركيا واليونان
وزيرا خارجية تركيا واليونان


زلزال تركيا فرصة لتحسين العلاقات مع اليونان وأرمينيا

مروي حسن حسين

الأحد، 19 فبراير 2023 - 07:41 م

زار وزير الخارجية اليونانى نيكوس ديندياس المناطق المنكوبة بالزلزال فى تركيا برفقة نظيره التركى مولود جاويش أوغلو. كانت الزيارة جزءًا من جولة جديدة لما يسمى ب «دبلوماسية الزلزال» بين الحليفين المضطربين، اللذين كانت علاقاتهما فى كثير من الأحيان فاترة، إن لم تكن معادية تمامًا،وسبق وحدث شىء مشابه فى أغسطس 1999، بعد ثلاث سنوات من خوض البلدين حربًا على جزيرتين غير مأهولتين فى بحر إيجة.


عندما ضربت تركيا هزة أرضية بقوة 7.6 درجة، أسفرت عن مقتل حوالى 18000 شخص. فى الشهر التالى، ضرب زلزال بقوة 6.0 درجات العاصمة اليونانية أثينا، وأسفر عن مقتل 143 شخصًا. فى كلتا الحالتين، أرسل البلدان رجال إنقاذ لمساعدة جهود بعضهم البعض. واهتمت وسائل الإعلام الدولية فى ذلك الوقت بتغطية دفء العلاقات الثنائية.


ويختلف البلدان حول البحث عن الموارد الطبيعية فى بحر إيجة وشرق البحر الأبيض المتوسط. كما اتهمت تركيا اليونان بعسكرة بعض جزر بحر إيجة وكثيرًا ما هدد الرئيس التركى رجب طيب إردوغان اليونان بأن القوات التركية ستأتى «فجأة ذات ليلة واحدة».


يبدو أنه قد تم تنحية مثل هذا الخطاب - على الأقل فى الوقت الحالي- جانبًا. تحدث إردوغان عبر الهاتف مع رئيسة اليونان كاترينا ساكيلاروبولو ورئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس، واتصل المسئولان اليونانيان بإردوغان للتعبير عن تعازيهما فى ضحايا الزلزال وطمأنته على دعم اليونان.


وشكر جاويش أوغلو بشكل خاص رجال الإنقاذ اليونانيين على «جهودهم الخارقة، على مدار الساعة، على مدار الأسبوع الماضي»، كما أكد أوغلو أيضا على أن أرمينيا مدّت يد الصداقة لشعبنا بهذه الأيام الصعبة، خلال مؤتمر صحفى مشترك عقده مع نظيره الأرمينى أرارات ميرزويان ، الأسبوع الماضى وأوضح أن أرمينيا أرسلت فريق بحث وإنقاذ مكونًا من 28 عنصرًا، إلى تركيا، للمساعدة فى أعمال الإغاثة عقب الزلزال وأرسلت لتركيا 100 طن من المساعدات الإنسانية.

وسيتم إرسال مساعدات إضافية وقال إن أرمينيا كانت قد وقفت سابقًا إلى جانب تركيا فى زلزال 1999 أيضًا، مشيرًا إلى أن آثار زلزال «سبيتاك» الذى شهدته أرمينيا عام 1988 لم تُمح من الذاكرة حتى اليوم، حيث أرسلت تركيا آنذاك مساعدات إلى يريفان.


المفارقة التركية، وجاءت من جهة أخرى، فقد طالب إردوغان الناتو بالمساعدة، وهو الذى يختبر صبر الحلف منذ شهور بمنعه انضمام السويد. فمنذ فترة، تصاعدت خلافات بين أنقرة واستكهولم، إذ ترفض تركيا الموافقة على طلب انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسى «الناتو».

حيث تتهم السويد بالتساهل مع أنشطة حزب العمال الكردستانى المعادية لتركيا على الأراضى السويدية، بالإضافة إلى سماح السلطات لسياسى دنماركى متطرف بإحراق نسخة من القرآن الكريم قرب السفارة التركية.

وأخيرًا حرق دمية لإردوغان فى السويد من دون تدخل السلطات، ورغم ذلك بادرت السويد بتقديم التعازى وعرض المساعدات.. كما أن التصريحات الرسمية الصادرة من السويد أشارت إلى أن السويد مستعدة لتقديم الدعم اللازم، وهو ما من شأنه تبديد قدر من التوتر.


ولقد كانت لدبلوماسية الكوارث دور فى محو الخلافات السياسية ولو بشكل مؤقت، فالدول التى كانت توجد فى حالة عداء مع تركيا كالسويد واليونان وإسرائيل وأوكرانيا، لم تتردد فى عرض مساعدتها. كما قبلت تركيا عروض المساعدة من 70 دولة ومنظمة دولية.

وحشد الاتحاد الأوروبى أكثر من 30 فريق بحث وإنقاذ وفريقًا طبيًا.. فبالنظر إلى حجم هذه الكارثة، قرر السياسيون ألا يعرقلوا جهود الإنقاذ. هذا يثبت أن الكوارث يمكن أن تكون مناسبة للقفز على الخلافات السياسية ولو إلى حين.


وأظهرت الأبحاث أن «دبلوماسية الكوارث غير الرسمية» التى تهدف لمنع أو تخفيف آثار الكوارث، مثل تلك التى شوهدت فى هذه الزلازل، تميل إلى أن تكون أكثر نجاحًا من التعاون بعد الحدث.. من المؤكد أن الإجراءات طويلة المدى التى تسبق الزلزال هى أكثر فاعلية بكثير فى إنقاذ الأرواح ومساعدة الناس من الانتظار حتى تهتز الأرض وتنهار البنية التحتية.


ومن الولايات المتحدة إلى اليابان، تم إنقاذ العديد من الأرواح من خلال قوانين البناء وأنظمة التخطيط - ناهيك عن السكان الذين يعرفون ما يجب عليهم فعله قبل وأثناء الزلزال، من الممكن جدًا هذه الأيام بناء هياكل يمكنها مقاومة الاهتزازات الزلزالية.


كوارث عدة فى التاريخ المعاصر أدت لانفراجات غير متوقعة فى خلافات عاتية بين الدول وحل صراعات داخلية فى الدولة المتضررة، وعلى سبيل المثال أدى الزلزال الذى يصنفه بعضهم باعتباره الأعتى فى التاريخ، إذ تتراوح تقديرات قوته بين 8.8 وتسع درجات على مقياس ريختر والذى ضرب كلاً من إندونيسيا وسيريلانكا عام 2004 مخلفًا ما لا يقل عن 226 ألف ضحية فى دول المحيط الهندى إلى تحقيق السلام فى الدولتين.

وكانت الدولتان تعانيان على مدى سنوات من عمليات تشنها قوات انفصالية فى الداخل. أيضًا، العلاقات المتوترة دائمًا وأبدًا بين الهند وباكستان غالبًا ما تشهد نفحات إنسانية محملة بنكهات سياسية عقب كل كارثة تضرب أحد البلدين.

اقرأ ايضاً | أوكرانيا تقاطع اجتماع منظمة الأمن والتعاون في أوروبا

نقلا عن صحيفة الأخبار

 

 

الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة