كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

الوعى والقانون

كرم جبر

الثلاثاء، 21 فبراير 2023 - 09:22 م

 

فى زمن السوشيال ميديا تحمى المجتمعات نفسها بالوعى والقانون.. الوعى بإعادة إحياء القيم الأخلاقية وبثها فى النفوس، ليعلم كل من يستخدمها أن فى يده سلاحاً قوياً، إما أن يكون صالحاً أو فاسداً، يجلب الدفء أو يشعل الحرائق.

والقانون، بنشر الثقافة القانونية، ونصوص المحاسبة والعقوبات حال ارتكاب الجريمة، وبالعدالة الناجزة وإذا جاء العقاب، فسوف يفكر من يسيء الأدب ألف مرة.

أصبح الناس متحفزين وكأنهم يضعون أصابعهم على الزناد، وينصبون أنفسهم حراساً على الفضيلة، ويطلقون الاتهامات دون سند أو دليل، وغير مستعدين أن يستمعوا لبعضهم البعض.

وأصبحت القضايا المثارة مثل القنابل الموقوتة، وتتخذ شكل الصراع التناحرى، وكل يوم فتنة مفاجئة ومن نوع جديد، ويظهر الكائن الشرير «فيس بوك» ويمنح للناس ساحات مفتوحة للتراشق دون ضوابط أو إفساح مسافة للعقل، لإبداء الآراء بهدوء وعقلانية.

شجار وليس حوارا وصراع وليس كلاما وافتعال وليس انفعالا، وأسهل طريقة لكسب المبارزة هى سب وقذف الآخرين وتشويه صورتهم، وقد يصل الفعل إلى حد الجرائم المُعاقب عليها قانونياً.

وفى زمن سوشيال ميديا ترتدى الرذائل أثوابا مزيفة، وإذا أُغلق موقع بإجراءات قانونية، يستطيع صاحبه أن يفتح موقعاً وأكثر بعد لحظات وأحياناً بأسماء وهمية، ولكن إذا طُبق العقاب القانونى على بعض المتجاوزين، سيكونون عبرة وعظة، وكلما كانت العقوبة رادعة يكون الأثر كبيراً.

وأخطر ما فى الأمر هو انتهاك حرمات الأسر وتلويث سمعتها فى معارك ليس فيها منتصر والكل مهزوم، ففى قضايا البنات المنتحرات منذ عدة شهور، كان السبب نشر صور فاضحة فى مجتمعات ريفية، فانتحرت البنت وتجنى أسرتها الألم والحزن، وحصدت الأسرة التى قامت بالتشهير الخزى والعار، ودخل الشباب السجن ينتظرون مصيرهم المظلم.

ويحترف البعض إلحاق الأذى بالنساء وابتزازهن، ونستيقظ كل يوم أو ننام على فتنة جديدة تحقق أعلى درجات المتابعة والتعليق والترند، أما القضايا المهمة والتى تتعلق بهموم الناس ومشاكلهم الحقيقية، فلا تلقى متابعة ويقولون عنها «موضوعات دمها ثقيل»، وتسيطر سياسة القطيع على التعليقات دون وعى أو تفكير.

لو علمنا أن فى مصر 75 مليون حساب على فيس بوك، فهذا معناه أن فى أيدى الغالبية العظمى من المصريين أسلحة تكون فاسدة إذا أسيئ استخدامها، والكل يشكو أن هذا هو السبب فى التدهور الأخلاقى والسلوكيات الضارة التى انتشرت بين الناس، وأصبح السؤال الملح هو: كيف نمنع الضرر؟.

والأكثر خطورة هو ما يُعرف بالكتائب الإليكترونية، وظهور جماعات منظمة وممولة ويديرها وينفق عليها البعض، لإدارة معارك وحروب ضد الآخرين ويتم توظيفها فى تصفية الحسابات وإلحاق الأذى بالمُستهدفين.

وأعود لبداية المقال وأقول إن المجتمعات تحمى نفسها بالوعى والقانون.. والعدالة الناجزة التى تردع كل من تسول له نفسه الإساءة للآخرين.
 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة