قناة الوثائقية
قناة الوثائقية


بعد انطلاقها l «الوثائقية» نافذة مصرية على التاريخ

أخبار النجوم

الجمعة، 24 فبراير 2023 - 01:02 م

ريزان العرباوي

تلعب الأفلام الوثائقية دورا هاما في توسيع مدارك المعرفة والفهم الإنساني والثقافي لدى المشاهد, والوقوف عند حقائق وأسرار وأحداث ترصدها عدسة الكاميرا دون تزييف أو تحريف, وإيمانا من “الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية”، بمدى أهمية الفيلم التسجيلي في تشكيل ذاكرة بصرية فيلمية, أعلنت عن تدشين قطاعا للإنتاج الوثائقي, وتأسيس أول قناة وثائقية مصرية تحت إشراف الإعلامي أحمد الدريني رئيسا لقطاع الإنتاج الوثائقي, والإعلامي شريف سعيد رئيسا للقناة, ومع بداية البث حصدت القناة ردود أفعال وأصداء عالية وإشادة بالمحتوى .. وفي السطور التالية نقف عند مدى أهمية تخصيص قناة للأفلام الوثائقية ودورها في التصدي للوثائقيات المضادة التي تحاول التلاعب بالتاريخ بهدف إرباك ثقافة دولة وتفتيت الهوية الوطنية, وتقييم المختصين لما تم عرضه حتى الآن من محتوى.

في البداية تقول منار حسني، رئيس المركز القومي للسينما: “تدشين قناة مصرية معنية بالأفلام الوثائقية يشير إلى وعي الدولة بهذه النوعية من الأفلام, فالمحتوى الخاص بها معنى بنوعين من الأفلام، إما الوثائقية أو التسجيلية, فالأفلام الوثائقية هي التي تسجل حدث لن يتكرر مرة أخرى، فيصبح الفيلم في هذه الحالة بمثابة وثيقة تشهدها الأجيال على مر الزمان, وقد تستخدم بعض من لقطات هذه الأفلام كمادة أرشيفية في أفلام روائية لإعطاء المشاهد المصداقية في معايشة الحدث”.
وتضيف: “الأفلام التسجيلية تستخدم كسلاح ذو حدين، حيث يتدخل صانع الفيلم لتوجيه المشاهد، إما لإتجاه إيجابي أو سلبي، وهنا يكمن دورها في معركة الوعي الثقافي, حيث يقرر صانع الفيلم اختيار فكرة أو رسالة ويسخر كل أدواته لنقل هذه الفكرة من خلال اختياره للتفاصيل الموجودة بالمكان والزوايا وأحجام لقطاته التي تدعم فكرته”.
وتتابع قائلة: “ننتظر من القناة الجديدة أن يكون اختيار الأفلام قائم على التنوع، فهناك أفلام عن رموز يقتدى بها للحفاظ على الهوية المصرية، وأخرى عن التراث، وأفلام عن الفنون بأنواعها، والعديد من الأفلام التي تشكل وعي ثقافي للمشاهد سواء من الشباب أو الأطفال أو الكبار”.. أما بالنسبة لمد القناة بأفلام من المركز القومي للسينما, تقول منار: “أمر هام بالتأكيد، لأن المركز يمتلك العديد من الأفلام التسجيلية والوثائقية التي يسعى لعرضها على القناة، حتى لا يكون عرضها قاصرا فقط على المركز الثقافي السينمائي التابع للمركز أو في بعض الأماكن الثقافية المحدودة أو المهرجانات”.

تحديات و مواجهة
المخرج هاشم النحاس أحد رواد الأفلام التسجيلية والذي يملك في رصيده أكثر من 40 فيلما تسجيليا ووثائقيا, وصف قرار “الشركة المتحدة” بإطلاق القناة، بـ”القرار الشجاع”، ويوضح ذلك بالقول: “مجتمعنا بحاجة لهذا الشكل السينمائي الذي يشكل اللغة الأصدق لنقل الواقع, فمما لا شك فيه إن إطلاق قناة وثائقية مصرية متخصصة يشكل نقلة نوعية على الخارطة الإعلامية، وهناك دول لا تمتلك نفس المكانة التي تتمتع بها مصر، ومع ذلك لها قنوات تسجيلية، وهناك أمور ومفاهيم من الصعب ترجمتها من خلال أي وسيلة أخرى سوى الأفلام التسجيلية، ومن هنا ترجع أهمية القناة المتخصصة كونها تنشيط للذهن، كما إن لها دور في التوعية العامة، لما يتمتع به الفيلم التسجيلي من قدرة على تأكيد المعنى ومصداقية المعلومة، ونحن وفي إنتظار جرعة متنوعة من الأافلام التسجيلية والوثائقية”.

 

مصدر أمل
تصف المخرجة نيفين شلبي - التي تملك في رصيدها عددا من الأفلام التسجيلية التي حصدت عدة جوائز بالمهرجانات المحلية والعربية والعالمية – بإن خبر انطلاق بث “الوثائقية” كان من أسعد الأخبار الإعلامية في حياتها، مبررة ذلك بالقول: “مصر لها الريادة في مختلف المجالات الفنية والأدبية والثقافية، وبالرغم من تلك المكانة، لم نكن نمتلك قناة متخصصة للأفلام الوثائقية, في حين أن الإعلام المضاد يستخدم جميع الأسلحة لمحاولة السطو على التاريخ المصري وطمس هويتنا, وغياب تلك القناة المتخصصة أضطر مخرجون مصريون متخصصون في هذا الجانب السينمائي للعمل لحساب قنوات أجنبية تفرض أفكارها وشروطها، لذلك وبالرغم من تأخر الخطوة، إلا أنها مهمة وضرورية, فنحن نمتلك تاريخ فني عريق وأسماء لعمالقة من المخرجين والمبدعين، ونملك جيل الرواد في صناعة الفيلم الوثائقي في العالم العربي, كما نملك رصيد سينمائي في هذا الجانب لا يجد نوافذ للعرض، فكيف مع هذا الكم من الأعمال الوثائقية ولا يوجد مكان لاحتوائها”.
وتستكمل نيفين حديثها بالقول: “أتمنى بالإضافة إلى الإنتاج الجديد، إن ينظر بعين الإعتبار إلى ما يحتويه الأرشيف العظيم للأفلام الوثائقية في المركز القومي للسينما, من أفلام مشاريع التخرج للطلبة وأفلام قديمة تم تصويرها بخام سينما، ووضع خطة مع المركز للاستفادة من هذا الأرشيف العظيم وترميمه لإعادة عرضه, دون أن يقتصر المحتوى على الإنتاج الجديد فقط”.
واختتمت نيفين حديثها قائلة: “أتمنى أن يكون ضمن أجندة القناة خطة لترميم نسخ من الأفلام المصرية الوثائقية الكلاسيكية وإعادة بثها، وأيضا مشاريع التخرج، ويتم فهرسة كل تلك الأعمال، بالإضافة لوجود أفلام لأسماء كبيرة مثل أعمال شريف عرفة وداوود عبد السيد”.

حرية و تنوع
“بالرغم أن قرار التنفيذ جاء متأخرا, إلا أنها خطوة في غاية الأهمية”، هكذا وصف المخرج سعد هنداوي قناة “الوثائقية”، قبل أن يستكمل حديثه بالقول: “كيف لا يمتلك الإعلام المصري قناة وثائقية، رغم أن مصر من أوائل البلاد في الشرق الأوسط سينمائيا وإعلاميا”, وعن قدرة القناة على النجاح يقول هنداوي: “عنصرين أساسيان لابد من توفرهما لنجاح القناة، الأول إتاحة مساحة كبيرة من الحرية والتنوع في طرح الموضوعات، وأيضا فيما يخص الأشكال الفنية المختلفة للفيلم التسجيلي, فالبعض قد تكون معلوماته توقفت عند الشكل التسجيلي الكلاسيكي, وهذا يعني تنوع جهات الإنتاج.. ثانيا بالتوازي مع إنتاج أفلام تسجيلية، لابد من وجود نسبة من شراء حق عرض أفلام من مخرجين، ليس فقط من خارج مصر، بل ومن الداخل أيضا, ولترسيخ فكرة تعظيم دور الفيلم التسجيلي وأهميته كمنتج لابد من وجود شكل إحترافي في التعامل مع هذه الموضوعات، وكيفية شراء حق عرض واستغلال فيلم، لأن ذلك سيساهم في إستمرار القناة”.

وتحدث هنداوي عن الجانب الإنتاجي قائلا: “لابد من وجود ميزانيات معقولة للإنتاج، فهذا النمط يتطلب تكاليف باهظة، فالسوق مفتوح وهناك قنوات تنتج أفلام بجودة عالية وميزانيات مفتوحة, فجودة الفيلم له علاقة بالميزانية، وهناك أفلام تستدعي ذلك، وأخرى تتطلب ميزانيات أقل، وإنتاج أفلام جيدة سيعود بالنفع على القناة، حيث سيفتح الباب أمام التنافس مع القنوات الأخرى لشراء حق العرض”.
ويضيف هنداوي: “الفيلم الوثائقي لا يقدم المعلومة فقط، بل أيضا هو عمل ترفيهي، وقادر على جذب المشاهد، فالمتلقي عندما يكون أمام منتج جيد مكتمل العناصر سينجذب له, ويتحقق ذلك من خلال الجودة العالية والتنوع في الأفلام بموضوعاتها”.

خطوة إيجابية
المخرجة المتخصصة في المجال التسجيلي، فريال كامل، ترى إن “الوثائقية” خطوة إيجابية, فالغرض من القناة توجيه الجماهير وتنويرهم, ولفتت النظر إلى إن جمهور الفيلم التسجيلي ليس من الكبار فقط، لأن أعمال منها موجهة للأطفال، وأخرى للشباب، مستكملة حديثها بالقول: “الفيلم التسجيلي ليس استمارة يتم ملئها من المخرج، ولا قالب يتم شحنه, بل عمل فني يحمل معالجة لقضايا وأحداث متنوعة, فنجاح الفيلم التسجيلي قائم على عدة عوامل، أهمها التنوع لإرضاء جميع الأذواق، ولتقديم محتوى وثائقي عن شخصيات أو بيئات أو سلوكيات, ويتم تقديم هذا المحتوى في شكل فيلم أو برنامج تسجيلي”.
وتتابع: “يمتلك المركز القومي للسينما أرشيف يفوق الـ400 ألف فيلم متنوع, بالتأكيد ليست كلها أفلام جيدة الصنع، لكن بها نسبة كبيرة جيدة ومتنوعة”.

توثيق للتاريخ
د. ليلى عبد المجيد، عميد كلية الإعلام جامعة القاهرة سابقا, أشادت بتدشين “الوثائقية”، قائلة: “القناة تعتبر مطلب، لما لها من دور في التوثيق للتاريخ المصري والعربي، والقاء الضوء على الشخصيات البارزة في المجتمع، وتقديم وصف لحياتهم ومسيرتهم كقدوة ونموذج وجزء من التاريخ الوطني، كما تؤدي دور مهم في التنوير ونشر الثقافة والمعلومات الموثقة في مختلف المجالات الاجتماعية والسياسية والتاريخية، وفيما يخص حضارتنا وآثارنا، فضلا على إن العديد من الدول لديها قنوات وثائقية، ومصر بحكم تاريخها ومكانتها في المنطقة وريادتها في مجالات مختلفة، ومنها الإعلام، كان من المهم أن يكون لها قناة متخصصة بالأفلام الوثائقية”.
وتستطرد د. ليلى قائلة: “نمتلك تجارب عدة في المجال، لكن لم تأخذ شكل قناة متخصصة، مثل قناة (النيل للأخبار) التي اهتمت بتقديم أعمال وثائقية، وغيرها، لكن فكرة إمتلاكنا قناة وثائقية أمر ضروري، وأعتقد إنها تجربة ستكلل بالنجاح، لاسيما مع إمتلاكنا لتاريخ حافل وحاضر به الكثير من الإنجازات، والتي يمكن توثيقها بشكل قائم على البحث وتدقيق المعلومات والمواد الفيلمية واستخدم لكافة التقنيات الجديدة في هذا المجال، كما أننا نمتلك أرشيف صحفي ومصور منذ نهاية القرن الـ19، فضلا عن الجريدة السينمائية التي كانت تعرض قبل بداية الأفلام السينمائية، والتي وثقت للأحداث الاجتماعية والسياسية والحروب المختلفة، فهي  ثروة علينا الحفاظ عليها والاستفادة منها، أيضا مكتبة (ماسبيرو) تمثل ثروة، رغم تلف جزء منها، يجب علينا إعادة ترميمه، وعرضه للجمهور”.

وتضيف د. ليلى: “على المسئولين عن القناة إدراك أنهم أمام تحدي كبير، خاصة مع تعدد الوسائط الإعلامية والترفيهية، لذلك عليهم استغلال كافة الإمكانيات الإعلامية لكي ينقلوا المشاهد بين الزمن والأحداث ومع الشخصيات التاريخية، وبشكل جذاب يحمل الكثير من المتعة، وأيضا تصحيح الصورة الخاطئة والمعلومات التي تبثها القنوات المضادة عن تاريخنا”.

وعن تقييمها لإنطلاقة القناة تقول د. ليلى: “من الصعب الحكم على القناة وتقييمها الآن، لكنني لمست جهد عظيم في تقديم مادة موثقة من خلال مجموعة أفلام حديثة الإنتاج، ومنها تقديم لقاء حي مع أحد قيادات (داعش) الإرهابية، وهو مصري وكان يمارس نشاطه في سوريا، فهذا اللقاء يمثل وثيقة للتوعية ضد الجماعات الإرهابية، وهو مهم خاصة في معركة الوعي التي يخوضها الإعلام المصري، أيضا لفت نظرى إعلانهم عن عرض أعمال تم إنتاجها عن شخصيات مؤثرة، مثل محمد حسنين هيكل ونجيب الريحاني، وأعتقد إن القناة تمضي وفقا لخطة دقيقة لتفعيل دورها في تحريك ذهن المشاهد دون إعتباره متلقي فقط، بل ترك مساحة مهمة لعقل المشاهد ليقيم ما يعرض له من محتوى وتحليله، فهو لا يفرض الحقيقة المطلقة”.

إسكان الوعى
أخيرا، تشير الناقدة خيرية البشلاوي إلى أهمية وجود قناة مصرية وثائقية بالقول: “أنا من عشاق الفيلم التسجيلي، وهو عمل له دور مهم في (إسكان الوعي)، والتذكير بالتاريخ وتسليط الضوء على السير الذاتية المهمة واستعادة الحياة الاجتماعية القديمة ودور مهم في توثيق الواقع الحالية، لأننا نمتلك موضوعات وقضايا وأحداث مهمة، وأتمنى أن يخصص فريق عمل لرصدها من خلال التسجيل في الشوارع والأسواق الشعبية، لأن الصورة التي تصدر للخارج عنا بعيدة تماما عن الواقع, فمصر مليئة بالخيرات، وهو عكس ما تروج له أبواق مضادة لنا، وجزء من وظيفة العمل التسجيلي إن يجوب الشوارع وينقل صورة حقيقة دون إن يكون هناك نوع من الترتيب، ورصد حال الشارع, وقرار إطلاق القناة جاء متأخرا، لأننا في حاجة إلى العمل التوثيقي التسجيلي، لأنها تسد فراغ مهم في إعلامنا”.

نقلا من عدد أخبار النجوم بتاريخ  ٢٣/٢/٢٠٢٣

أقرأ أيضأ : قائمة جوائز مسابقة الفيلم الوثائقي الدولي بمهرجان الإسكندرية للفيلم القصير

 

 

الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة